موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٩ مايو / أيار ٢٠٢١
لكِ الورد والبخور في شهر الزهور

بقلم أشخين ديمرجيان :

 

الشاعر "البُحتري" - أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي ويقال لشعره سلاسل الذهب. هو أحد الثلاثة الذين كانوا أشهر أبناء عصرهم،  أبو تمام والمتنبي والبحتري. ومن أقوال أبو العلاء المعرّي: "المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنّما الشاعر البحتري". من مواليد حلب في سوريا، نشأ في قومه الطائيين فتغلّبت عليه فصاحتهم. تتلمذ لأبي تمام وأخذ عنه طريقته في المديح ثم أقام في حلب وتعلّم هناك ملكة البلاغة والشعر...

 

وصف الشاعر "البُحتري" فصل الربيع في تجربة شعرية صادقة: "أتاكَ الربيعُ الطلقُ يختالُ ضاحكًا ** من الحسنِ حتّى كادَ أن يتكلّما ** وقد نبّه النيروزُ في غَسَقِ الدّجى ** أوائلَ وردٍ كُنَّ بالأمسِ نُوَّما ..." تجربة انبهاره بمشاهد الربيع الساحرة مزجت أفكاره بعواطف شعرية جيّاشة! وقد اختارت الكنيسة الكاثوليكية شهر أيار أجمل أشهر الربيع لإكرام أمّ النور أجمل وأنقى أمّ "والمصطفاة فوق نساء العالمين". ويتجلّى الإكرام بأدعية وترانيم متنوّعة، خاصة تلاوة المسبحة الوردية.

 

هنيئًا للمؤمن الذي يتعوّد على تلاوة المسبحة الورديّة: هي كتاب كلّ مؤمن وكلّ مؤمنة وكلّ أبناء وبنات مريم العذراء. المسبحة تولي الفرج في الضيقات والتعزية في جميع مراحل حياة الإنسان من المهد إلى اللحد، والقوّة للمريض والفرح للكئيب.

 

نقرأ في حياة القدّيس "جوزيف هرمان" أنّه منذ الطفولة كان لا يفارق الكنيسة المكرّسة لاسم العذراء في مدينة "كولونيا" - ألمانيا. ويومًا كان يصلّي للعذراء وهو يرتجف من البرد القارص. فسألته العذراء: لماذا أنت حافي القدمين مع هذا البرد. فأجابها: أمّي فقيرة ولا تستطيع أن تشتري لي حذاءً. فاشارتِ العذراء الى حجر كبير وقالت للطفل: أترى ذلك الحجر؟ تجد تحته ثمن حذاء. وكلّ مرّة تحتاج إلى دراهم، تجد ما تحتاجه دائمًا تحت الحجر. وهكذا عاش على دراهم العذراء تحت الحجر حتى بلغ سن 12 عامًا... فيما بعد أصبح في عداد القديسين.

 

وتقول القدّيسة "كاترين لابورية" (1806–1876): "إبّان تلاوة المسبحة رأيتُ العذراء تلملم "السلام عليك"، ثمّ تمسك بيدنا وتقدّمها لله، بوجه يشعّ بحبّ والدي. ثمّ تفتح يديها المشعشعتين بالأنوار، لتفريغ البركات على البيوت التي تُتْلى فيها المسبحة. لو كانت العائلات تتلو المسبحة، لكانت هيّأت من ترداد "السلام عليكِ" قطرات عطور زكيّة تُرشّ في أنحاء المنزل وتصعد روائحها الطيّبة الى السماء".

 

في رسالتها من مديوغوريه إلى العالم في 25 نيسان 2021، تدعو العذراء كلّ مؤمن إلى التحلّي بالإيمان والأمل والشجاعة، الإيمان الذي لا يتزعزع في أي ظرف، ولا حتى في زمن المحنة هذه، وتدعوه أن يسير مع المسيح القائم من بين الأموات، صوب السماء هدف كلّ مؤمن. مع وعدها بأن تودعه داخل قلبها الطاهر وترافقه على طريق القداسة. وتشكر مَن يلبّي النداء.

 

خاتمة

 

المسبحة الورديّة رفيق درب الإنسان المؤمن. هي الكتاب بين يدي كلّ مؤمن... كتاب الطفل والبالغ والشيخ، كتاب المكرّس والعلماني، كتاب العالِم والجاهل، كتاب الزمن الماضي والحاضر إلى نهاية الأزمنة. تلاوة "السلام عليكِ يا مريم" توقظ في قلب مريم ذكريات "بشارة الملاك جبرائيل"، ومع تلاوة "مباركة ثمرة بطنك" تتذكّر بحنان ميلاد المسيح. كما وتفرح الملائكة في السماوات لأنّ تلاوة المسبحة هي ترديد "للسلام الملائكي". وهكذا تصبح "المسبحة مصدر نعم وبركات خاصّة الآن وفي ساعة الموت".

 

تبقى العذراء مريم شفيعتنا أمام الربّ وذلك حقّ من حقوق أمومتها بصفتها أمّ الناس أجمعين! هنيئاً لنا إذ نتشرّف بأن تكوني أمّنا وملكتنا! أمومة وواقع تدعو إليه الكتب المقدّسة منذ أوّل صفحاتها. وكما تنبّأتِ يا أمّنا، طوبى لكِ، نردّدها مع جميع الأجيال! آمين!