موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢ مارس / آذار ٢٠٢٥
كلمة الأب عماد الطوال في القداس الأسقفي الأوّل للمطران إياد الطوال
فيما يلي نص الكلمة التي ألقاها الأب عماد الطوال، خلال القداس الأسقفي الأوّل للمطران إياد الطوال، النائب البطريركي للاتين في الأردن، والذي ترأسه في كنيسة قطع رأس يوحنا المعمدان في مادبا، 1 آذار 2025.

الأب عماد الطوال :

 

غبطة البطريرك فؤاد الطوال الجزيل الاحترام،

سيادة المطران إياد الطوال الأكرم،

أبائي الكهنة، أخواتي الراهبات، الحضور الكريم،

 

نحن اليوم نشهد نعمة عظيمة يمنحها الله للكنيسة، لحظة فرح روحي تتزامن مع سنة اليوبيل "حجاج الرجاء: شركة ومشاركة ورسالة". إذ يختار الرب لنا راعيًا جديدًا، أسقفًا يسهر على خلاص النفوس، ويقود القطيع نحو طريق الملكوت على مثال السيد المسيح، الذي قال: "أنا الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف" (يوحنا 10:11).

 

إن الأسقف مدعو ليكون خادمًا مضحيًا ومجاهدًا في سبيل كلمة الله. ونحن اليوم، إذ نرفع صلواتنا للروح القدس، نطلب أن يملأ قلب سيدنا المطران إياد بالحكمة والقوة، ليقود كنيستنا في الأردن، بروح الشركة والوحدة، مع أسرة البطريركية، ونيافة الكاردينال بيير باتيستا بيتسابالا، والأساقفة، والكهنة، والرهبانيات، والمؤمنين جميعًا.

 

"مبارك الآتي باسم الرب!"

 

نستقبلكم اليوم بفرح، يا سيدنا، بين أبناء رعيتكم الذين يفتحون قلوبهم لكم بمحبة واحترام. نصلي أن يكون الرب معكم في كل خطوة، وأن يفيض عليكم بنعمه وحكمته، لتثمر خدمتك الرعوية في نشر نور الإيمان، وتعزيز روح المحبة والسلام.

 

سيدنا إياد، أنتم أمام تحدٍّ كبير: "مجتمع متغير... كنيسة متجددة".

 

ستواجهون تحديات إيمانية عميقة تتعلق بالحضور المسيحي، والهوية، وشباب اليوم في عصر التطور التكنولوجي السريع (جيل الفا ChatGPT, AI)، حيث يفرض الواقع الرقمي والمفاهيم الحديثة تحديات غير مسبوقة.

 

كما ستلحظون تحديات تربوية مهمة، من بينها أزمة العائلة اليوم، وتأثير مفهوم النسبية على القيم والأخلاق، ومستقبل مدارسنا المسيحية، مع التركيز على نموها النوعي قبل الكمي، وتعزيز المواطنة الصالحة ودورنا في المجتمع.

 

إضافةً إلى ذلك، ستواجهون واقع الوحدة المسيحية بكل أبعادها، سواء من الناحية اللاهوتية أو الإنسانية، إلى جانب ضرورة بناء علاقات متينة مع الآخر في إطار الحوار والمحبة المسيحية.

 

الأسقف، كما تعلمنا الكنيسة، هو راعٍ قريب من شعبه، خادمٌ وليس سيدًا، قائدٌ وليس إداريًا، شاهدٌ للإنجيل بتواضع ورحمة. لذا، ندعوكم أن تكونوا قريبين من الله ومن شعبكم، وأن "تشمّوا رائحة القطيع"، كما يقول قداسة البابا فرنسيس، وأن تبنوا الجسور بدلاً من الجدران.

 

"حسبي أن أشهد لبشارة نعمة الله"

 

شعاركم يذكّرنا جميعًا بأن النهضة الكنسية لا تتحقق بين ليلة وضحاها، لكنها تبدأ بالشركة والعمل المشترك، والنظر إلى المستقبل برجاء وإيمان. معًا، يمكننا أن نصنع التغيير، ونحقق حلم الكنيسة التي تخدم الإنسان وتحقق مشيئة الله.

 

لكن أيها الإخوة الأحباء، مهمة الأسقف ليست سهلة. فهو مدعو ليكون مثالًا حيًا للقداسة، يبذل حياته من أجل خلاص النفوس، بقلب ممتلئ بالمحبة، وصبر على التحديات، وثقة عميقة بعمل الروح القدس. وكما أن الراعي يهتم بقطيعه، فإن الرعية أيضًا مدعوة لدعم راعيها ومساندته، حتى تثمر الخدمة لمجد الله.

 

لذا، أدعوكم أيها الأحبة إلى:

- الصلاة الدائمة من أجل الأسقف الجديد.

- أن تكونوا له سندًا وعونًا في الخدمة.

- المحافظة على وحدتكم وطاعتكم للكنيسة.

- تشجيعه بمحبتكم وكلماتكم الصالحة.

 

وبالنسبة لي، هذه لحظة تحمل فرحًا مزدوجًا. فمنذ أن كنت اشبينك على سيامتكم الكهنوتية، واليوم اشبينكم بالأسقفية، إذ أراكم تُدعون لخدمة الأسقفية، أدرك كيف يقود الله خدامه بحكمته ومحبته.

 

وفي الختام، نرفع قلوبنا إلى الله العليّ القدير، طالبين أن يبارك راعينا الجديد، ويمنحه القوة ليكون نورًا للكنيسة، وملحًا للأرض، وصوتًا صادقًا للبشارة في عالم اليوم. ولتكن شفاعة أمنا مريم العذراء نورًا يضيء درب خدمته، في ظل نعمة ربنا يسوع المسيح، له المجد إلى الأبد. آمين.