موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الأب عامر جبران، كاهن رعيّة اللاتين في جنين
الأب عامر جبران هو كاهن رعيّة الكنيسة اللاتينيّة في جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة. وهو من مواليد مدينة الناصرة، وكان مسؤول الحياة الجماعيّة في المعهد الإكليريكي التابع للبطريركيّة اللاتينيّة في بيت جالا، قبل أن يتم نقله في حزيران 2024 للخدمة الرعويّة في جنين.
تحدّث الأب عامر إلى الصحيفة اليوميّة الناطقة بلسان حال الفاتيكان، L'Osservatore Romano، يوم الخميس الموافق 6 شباط 2025، عن الوضع في المدينة الفلسطينيّة المحاصرة. وقال: "نحن الآن في اليوم السابع عشر من احتلال المدينة من قبل الجيش الإسرائيلي. ما زلنا نعيش محاصرين داخل منازلنا، خائفين حتى من الخروج لشراء الطعام".
دخل الجنود الإسرائيليون جنين في 21 كانون الثاني، بالتزامن تقريبًا مع بدء وقف إطلاق النار في غزة. وقد دفع هذا التوقيت العديد من المراقبين إلى الاعتقاد بأن الحكومة الإسرائيليّة شنت العملية لاسترضاء الأحزاب التي عارضت وقف إطلاق النار وهدّدت بإسقاط الحكومة. وقبل الهجوم، شهدت جنين أسابيع من الاشتباكات المستمرّة بين الفصائل المسلحة في المخيم وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.
وفي حديثه، أوضح الأب عامر: "إن كنيستنا هي الكنيسة المسيحيّة الوحيدة التي لا تزال مفتوحة في جنين. وفي القرى المحيطة، توجد أيضًا كنائس تابعو للروم الملكيين الكاثوليك وللروم الأرثوذكس. نحن مجتمع صغير يتألف من 80 عائلة فقط، لكنهم جميعًا متمسكون بهويتهم بشدة ومؤمنون للغاية".
ولفت الكاهن إلى "أنّها ليست المرة الأولى التي تحتل فيها القوات الإسرائيلية مدينة جنين. ففي آب الماضي، دخلت القوات الإسرائيليّة المدينة لمدة عشرة أيام، ولكن ما يثير القلق الآن ليس فقط شدة الاشتباكات ولكن أيضًا مدّتها. هناك خوف حقيقي من أن يصبح هذا الاحتلال دائمًا".
وأشار الأب عامر إلى أنّ الأوضاع في المدينة خطيرة للغاية، فقد فرّ نحو 20 ألف شخص من منازلهم بحثًا عن الأمان في البلدات المجاورة. كما أنّ العديد منهم غير قادرين على العمل، لأنّ نقاط التفتيش في الشمال والغرب، باتجاه منطقة الجليل، حيث يعملون عادةً، مغلقة. أمّا نقطة التفتيش المفتوحة الوحيدة هي في الجنوب، باتجاه أريحا، وهذا يعني أن الرحلة تستغرق ساعات بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى الذهاب شمالاً، حتى مع الحصول على تصريح للحركة.
ولفت إلى أنّ العديد من المنازل تفتقر إلى المياه، كون خزانات المياه الاحتياطيّة قد دُمرت، إلى جانب الكثير من البنية التحتية، ناهيك عن إغلاق الطرق. وقال: حتى الآن، تمّ تدمير أو هدم حوالي 180 منزلاً، بما في ذلك منزلان عائدان إلى عائلات مسيحيّة.
وأوضح بأنّ الرعيّة تقع على بعد كيلومتر واحد فقط من مخيم اللاجئين، مركز القتال، وبالتالي فإنّ الخروج أمر خطير للغاية. وقال: "شخصيًّا، فأنا أتجنّب الخروج ما لم يكن ذلك ضروريًّا للغاية. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنعني من البقاء بالقرب من رعيتي، وأن أبقى على تواصل دائم معهم عبر تطبيقات الزووم والواتساب. ورغم كل شيء، فإنّني استمرّ في الاحتفال بالقداس الإلهي، طيلة الأسبوع، وكلما أمكن ذلك، حتى في القرى المجاورة، التي تستضيفها كنائس مسيحيّة أخرى".
وحول نظرته للأيام المقبلة، قال: هناك الكثير من عدم اليقين، فالتطوّرات السياسيّة الأخيرة ليست مشجّعة.
وخلص الأب عامر جبران في مقابلته إلى القول: "لكن هناك شيء واحد مؤكد: لن أغادر. أعتزم مشاركة هذه التجربة الأليمة بالكامل مع الأشخاص الذين يعانون. وإلى أولئك الذين يراقبون من بعيد، أطلب منهم أن يصلوا من أجلنا. صلوا من أجلنا، لا تتوقفوا أبدًا عن الصلاة من أجلنا. لأننا في حاجة إليها. ولأنها الشيء الوحيد المفيد حقًا الذي يمكنكم فعله من أجلنا الآن".