موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٤ يوليو / تموز ٢٠٢٥
الرسامات الكهنوتيّة في حراسة الأرض المقدّسة

حراسة الأراضي المقدسة :

 

في التاسع والعشرين من حزيران، وهو عيد القديسين بطرس وبولس، استقبلت كنيسة دير المخلص في القدس بفرحٍ كبير الرسامة الكهنوتية لثلاثة رهبان فرنسيسكان من حراسة الأرض المقدسة، هم: الأب ساتورنين سادراك، والأب ريتو خوسيه ميندوزا، والأب خوان دافيد رودريغيز.

 

وقد ترأس القداس الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، بمشاركة حارس الأراضي المقدّسة الأب فرانشيسكو باتون، وعدد كبير من الرهبان والمؤمنين المحليين في هذه المناسبة المباركة، التي اتسمت بتأملٍ عميقٍ في سرّ الدعوة الكهنوتية والخدمة في الأرض المقدّسة.

 

⇐ ليسوا أبطالاً بل أدوات

 

وفي كلمته للكهنة الجدد، حثّ الكاردينال بيتسابالا بألا يجعلوا من أنفسهم "مركز الخدمة الكهنوتيّة"، بل أن يكونوا "أدوات متواضعة للخلاص، الذي لا يأتي إلا من المسيح". كما وأوضح غبطته أن الكاهن مدعوٌ إلى "أن يضع في صميم حياته، لا نفسه هو، بل علاقته بالمسيح"، مُفسحًا المجال للصلاة، والاحتفال الكريم بالأسرار المقدسة، والشهادة الحية. وقال: إنّ "الأسرار المقدسة ليست ملكًا لكم أو امتيازًا لكم؛ إنها ملك للمسيح والكنيسة. فليتألق شخص المسيح وجمال الكنيسة في خدمتكم".

 

 

⇐ صخور للجماعة

 

وردّد غبطته كلمات يسوع لبطرس: "أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي". ودعا الكهنة الجدد إلى أن يكونوا أيضًا "صخرة" لمجتمعاتهم: "لن تتخذ مجتمعاتكم صورة المسيح إلا إذا كنتم صورته. ستُبنى على صخرة بطرس إذا حافظتم على اتحادكم وأمانتكم لتلك الصخرة. لا سبيل آخر. أي مرجع آخر في خدمتكم الكهنوتية، إن لم يكن متمركزًا حول المسيح، سيكون باطلًا وعقيمًا".

⇐ تحدّيات الخدمة

 

لم يُخفِ الكاردينال بيتسابالا كذلك الصعوبات التي تنتظر كل خادم مرسوم: "ستأتي أيامٌ تُصبح فيها هذه الخدمة، التي تملأكم اليوم فرحًا، عبئًا ثقيلًا، حيثُ تُثقلكم الوحدة والتعب. سيأتي وقت آلامكم... لكنه سيصبح طريقًا للخلاص إذا استلهمتم الحلول من الله، لا من اللحم والدم، وإذا أفسحتم المجال لكلمته المُحيية، وإذا كانت الأسرار التي تحتفلون بها تُغذّيكم أنتم أولًا، قبل جماعاتكم، وإذا بُنِيَت حياتكم الكهنوتية على علاقةٍ مُخلصةٍ مع يسوع".

 

 

⇐ الخدمة المتكاملة والرجاء

 

تطرقت العظة أيضًا إلى التوازن الدقيق بين الرعاية الروحية والاهتمام بالاحتياجات المادية: "سيكون الفقراء معكم دائمًا. وللأسف، فإن عددهم يتزايد. ويل لكم إن أهملتم احتياجاتهم المادية بحجة رعاية النفوس. ويل لكم أيضًا إن اقتصرت خدمتكم على الاحتياجات المادية فقط. يجب أن تصبح هذه المعاناة معاناتكم أيضًا. ولكن عليكم أن تُدخلوا إلى هذه الحقائق ليس فقط جواباً بشرياً، بل جواباً من الله، الوحيد القادر على جلب الرجاء والعزاء في مثل هذه الظروف المأساوية – أي يسوع المسيح."

⇐ أمنية وصلاة

 

واختتم غبطة الكاردينال كلمته بتمنيات صادقة، قائلاً: "هل ستستطيعون العيش بهذه الطريقة؟ آمل ذلك بصدق. نحن حقًا بحاجة إلى مثل هؤلاء الشهود. فلترافقكم العذراء الطاهرة في خدمتكم الكهنوتية، وأينما دُعيتم للخدمة، لا تنسوا أن تصلوا أيضًا من أجل هذه الكنيسة الصغيرة في القدس، حتى تستمر في سياقنا المضطرب والمأساوي في الشهادة لرجائنا في المسيح، ابن الله الحي. آمين."

 

 

⇐ ثلاث قصص، دعوة واحدة

 

يحمل الكهنة الجدد الثلاث، القادمين من جمهورية أفريقيا الوسطى وفنزويلا وكولومبيا، خلفيات متنوعة، لكنهم يشتركون في دعوة واحدة قوامها هو أن يكونوا علامات للرجاء وأدوات للخلاص في الأرض المقدّسة، ملتزمين بالإنجيل وبالروحانية الفرنسيسكانية.

 

بدأ الأب ساتورنين سادراك، المنحدر من جمهورية أفريقيا الوسطى، رحلته الرهبانية الفرنسيسكانية عام 2015. بعد تكوينه في الكونغو ودراسته في القدس، رُسم كاهنًا في المدينة المقدسة حيث أكمل تعليمه اللاهوتي. أمّا الأب ريتو خوسيه ميندوزا، من فنزويلا، فتلقى تكوينه في عدة دول في أمريكا اللاتينية قبل أن يُكمل دراسته في الأرض المقدسة. بعد نذوره الاحتفالية عام 2020، رُسم شماسًا وهو الآن كاهن في الحراسة.

 

الأب خوان ديفيد رودريغيز، المولود في بوغوتا، كولومبيا، هو مهندس معماري. بعد خبرته المهنية، استجاب للدعوة الرهبانية في الحراسة. وهو يشغل حاليًا منصب نائب الوكيل في أخوية دير المخلص، وهو عضو في اللجنة الأثرية، كما ويمارس نشاطه الراعوي في مدينة القدس.

⇐ تحيّة من الأب باتون

 

في ختام القداس، ألقى الأب باتون كلمة شكر فيها الكاردينال بيتسابالا على ترؤسه الرسامة. وأشار إلى سيامة الأخ أندريا إنغريبيلو الكهنوتيّة التي جرت في أسيزي، حيث لم يتمكن من الوصول إلى القدس ورسمه مع الآخرين بسبب الاضطرابات الأخيرة المتعلقة بالحرب. كما نقل تحيّات حارس الأراضي المقدسة الجديد، الأب فرانشيسكو إيلبو، ودعوته للكهنة الجدد بأنّ يكونوا "خدامًا للمصالحة والسلام والرجاء".