موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٠ أغسطس / آب ٢٠٢٤
بطريرك الكلدان في ذكرى هجوم داعش: الشرّ لن يدوم

فاتيكان نيوز :

 

في الذكرى السنوية العاشرة لعمليات القتل والتهجير التي ارتكبها تنظيم داعش بحق المسيحيين والأيزيديين في العراق، أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع بطريرك بابل للكلدان الكاردينال لويس روفائيل ساكو الذي شاء أن يسلط الضوء على المعاناة والألم اللذين يجمعان كل العراقيين.

 

شهر آب لعشر سنوات خلت مثّل رمزًا لمأساة جماعية باتت اليوم جزءًا أساسيًا من ذاكرة العراق كله.

 

إنّ ما جرى آنذاك لا يتعلق فقط بـ120 مسيحيًّا أجبروا، ليل السادس من آب 2014، على ترك بيوتهم وممتلكاتهم إزاء تقدّم تنظيم الدولة الإسلاميّة، إذ هناك أيضًا شعب بأكمله، أي الأيزيديين، الذي تعرّض لمحاولة الإبادة، بعد أن قتل داعش ما لا يقل عن 3 آلاف رجل وامرأة وطفل، واختطف أكثر من 6800 شخص، معظمهم من النساء والأطفال. وقد اعتبرت الأمم المتحدة ما جرى "عملية إبادة".

 

 

أيديولوجية ما تزال حاضرة

 

وقال غبطته إنّ ما حدث آنذاك شكل مأساة جماعية بالنسبة للشعب العراقي كله، مأساة تعرض لها المسيحيون ومواطنون من باقي الأقليات، وما تزال لغاية اليوم مطبوعة بالأذهان. وأضاف أنه صحيح أن تنظيم داعش قد هُزم، بيد أن أيديولوجيته تبقى حاضرة بقوة، في العراق وخارج العراق.

 

وأشار إلى أنّ الناس ليس لديهم ثقة كبيرة بالمستقبل والجميع يتساءلون متى سنتمتع بدولة عصرية، ديمقراطية ومدنية تكون فيها لجميع المواطنين الحقوق والواجبات نفسها. ولفت إلى أن الأوضاع الراهنة اليوم حملت الكثير من المواطنين على الهجرة وترك بلادهم، والأمر لا يتعلق بالمسيحيين وحسب، موضحًا أنه يسعى دائمًا إلى طمأنة الأشخاص ويقول لهم إن الشر لن يدوم ولا بد أن نتحلى بالصبر.

 

 

الجميع متخوّف

 

وردًا على سؤال بشأن زوال الوجود المسيحي في سهل نينوى ومعناه بالنسبة للعراق، قال إنّ المسيحيين العراقيين ما يزالون يخشون على أمنهم وسلامتهم، لأن البلاد لم تعرف الاستقرار بعد، وهم مكون صغير ضمن المجتمع العراقي. كما أن الجميع متخوف من التوترات الراهنة والناجمة عن الأزمة في الشرق الأوسط.

 

وقال: إن مشاعر الخوف والقلق موجودة لدى جميع المكونات، لاسيما المكون المسيحي في سهل نينوى، كما أيضًا الأيزيديين. وشدد على ضرورة أن تتبدل الذهنية التي تكمن وراء الحروب وأعمال الثأر، ولا بد من الجلوس إلى طاولة الحوار والسعي إلى حل المشاكل، ليس بواسطة السلاح، بل من خلال حوار جاد وشجاع. ومن الأهمية بمكان أن تُغيّر المناهج التربوية في المدارس، وأن يُغيّر الخطاب السائد.

 

ولفت إلى أن الغرب يبدو خجولاً بعض الشيء إزاء من يؤمنون بأن الحرب هي الحل الوحيد. وذكّر هنا بكلمات البابا فرنسيس الذي يؤكد أن الحرب ليست أبدًا انتصارًا، لأن الجميع يخسرون! ورأى غبطته أن مشكلة الغرب هي اللامبالاة، وأن اهتمام الجميع منصب على منطق الربح وثمة افتقار إلى القيم الخلقية والروحية. وهذا ما يظهر جليًا في الصراع الدائر في أوكرانيا، وهو أمر حزين فعلاً!

 

 

محو ما حصل ليس بالأمر السهل

 

وأوضح أنّ محو ما حصل من الذاكرة ليس بالأمر السهل على الإطلاق، خصوصًا لأن مشاعر الحقد ما تزال موجودة بكثرة، شأن الاعتداء الذي وقع العام الماضي في مدينة قره قوش، خلال حفل زفاف، وذهب ضحيته أكثر من مائة وثلاثة وثلاثين شخصًا، بالإضافة طبعًا إلى عمليات الإبادة التي تعرّض لها الأيزيديون.

 

وتساءل غبطته: كيف يمكن أن نتصور، في القرن الحادي والعشرين، أن تُباع النساء وأن تُسلخن عن عائلاتهن لمجرد انتمائهن إلى إثنية أخرى؟ ما هي هذه القيم؟ وأجاب أن ما جرى هو أمر رهيب، ليس فقط بالنسبة للعراق بل بالنسبة للعالم كله، الذي لا يستطيع الحيلولة دون وقوع انتهاكات من هذا النوع.

 

وفي ختام حديثه، شدّد البطريرك الكلداني الكاردينال ساكو على إنه ينبغي ألا ننسى أخوتنا وأخواتنا في الإنسانيّة، ولا يسعنا أن نترك الناس يموتون دون أن نحرك ساكنًا، وهذا ينطبق على العراق أو على أي مكان آخر. وقال: إنّ كل واحد منا مسؤول عن الآخرين، وعندما سنمثل أمام الله، بعد موتنا، لن يسألنا إذا كنا مسيحيين أو مسلمين بل سيسألنا ماذا فعلنا مع أخوتنا.