موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ردًّا على الغارة الجوية التي شنّها الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء على قيادة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، دعا المطران إياد الطوال، النائب البطريركي للاتين في الأردن، إلى اعتماد حلّ الدولتين كطريق لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وتأتي دعوة المطران الطوال متوافقة مع ما شدّدت عليه دائرة الاتصالات في الكرسي الرسولي أواخر تموز، في افتتاحية كتبها مدير التحرير أندريا تورنييلي، دعا فيها إلى الاعتراف بدولة فلسطينية في ظل النزاع القائم بين إسرائيل وحماس.
وقال سيادته: "البديل سيكون إقامة دولة على غرار جنوب إفريقيا، أي دولة فصل عنصري. لكن الأرض صغيرة جدًا. إمّا أن نعيش معًا، أو لا حلّ حقيقيّ"، مشيرًا إلى أن حلّ الدولتين، "كما نصّت عليه قرارات الأمم المتحدة في سبعينيات القرن الماضي"، يبقى السبيل الوحيد للعيش بسلام.
وخلال وجوده في روما للمشاركة في دورة تنشئة للأساقفة الجدد، صرّح المطران الطوال لوكالة "فيدس" بأن ما جرى في الدوحة هو "خبر سيّئ". وقال: "الحروب في تاريخ البشريّة شرٌّ عظيم، ونحن لا نتعلّم منها. نحاول كل يوم أن نتمسّك بالأمل، لكن للأسف، تأتي الأحداث لتناقض ما نتمناه".
وحذّر سيادته من أن الغارة الجوية قد تُقوّض الجهود الرامية إلى إيجاد "حلٍّ للصراع"، واصفًا إيّاها بأنّها "انتهاك للقانون الدولي". وقال: "على العالم أجمع أن يُدرك أنه لا يُحقّق العدالة للجميع في الشرق الأوسط، ولا يمكننا الاستمرار في العيش على هذا النحو".
ولفت إلى ما أكده الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، بأنّ العنف في المنطقة تدفعه "رغبة الشيطان في أن يسود في الأرض التي عاش فيها يسوع"، لكن أكد أنّ مسيحيّي الشرق الأوسط يؤمنون "بالعدالة وبمحبة الله لنا جميعًا، وهذا يمنحنا الرجاء يوميًّا، رغم قساوة الواقع الذي نعيشه".
وأضاف: "نواصل الصلاة والثقة بإمكانية العيش معًا. يؤلمني أن هذا يحدث بينما أنا بعيد عن شعبي، في روما، لكنني أشعر بدعم الأساقفة الآخرين، إخوتنا في الإيمان. هنا يُمكنك أن تستنشق روح الكنيسة الكاثوليكية، التي هي حقًا جامعة... إنهم يُصلّون معنا من أجل السلام".
وتطرّق النائب البطريركي للاتين في الأردن إلى دور الدين في المنطقة قائلاً: "الدين في الشرق الأوسط يمكن أن يكون عنصر سلام، لكنه قد يكون أيضًا عنصر حرب". وأكد المطران الطوال أنّ ديانات المنطقة، "جزء من المشكلة وجزء من الحل".
وقال: "التحدي يبدأ من مفهوم الدولة. فما زلنا لم ننجح في فصل الدين عن الدولة كما هو الحال في أوروبا. لكن كيف يمكننا أن نعيش اختلافاتنا الدينية من منظور المواطنة والحقوق والعدالة إذا واصلنا القول: 'إلهي هو الإله الحق الوحيد ويمنحني كل مبرّر لأفعالي'؟". وأضاف: "هذا تفكير متعصّب. أما الإيمان، وكأسقف أقول ذلك، فهو يدعوني إلى عيش العدالة للجميع، واحترام كرامة الإنسان".
وأمام الصراع الإقليمي، قال المطران الطوال إن الشباب الأردني يعيش "بألم عميق" ويسأل نفسه بإلحاح: "أين هو الله؟" وأضاف: "إنه سؤال وجودي، ويشكّل في الوقت نفسه تجربة، ولكنه يمثّل فرصة للاقتراب نحو السلام. يجب علينا أن نسأل أنفسنا: أنا، كشاب، لستُ حاكمًا، كيف يمكنني أن أجعل السلام يسكن قلبي، قبل أن يُصبح واقعًا بين الأمم؟".
وجدّد سيادته التأكيد على أن المسيحيين في الشرق الأوسط "مدعوون لعيش السلام شخصيًّا، ليكونوا شهودًا له في المجتمع. وفي الأردن، ولله الحمد، تلتزم الكنيسة الكاثوليكية بهذا الأمر ليس فقط داخليًا، بل أيضًا مع إخوتنا وأخواتنا المسلمين الذين يعيشون في البلاد".
ووصف المطران الطوال الأردن بأنه "واحة سلام، حيث نعيش في حوار مع الجميع: من الملك إلى أصغرنا، الجميع يحاول أن يساعد". وشدّد قائلاً: "لقد دعمنا إخوتنا المسيحيين في غزة والضفة الغربية وفلسطين. وكلما خاب أملنا من الصراعات المسلحة، ازددنا التزامًا بمساعدة المتألمين".