موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٥ يونيو / حزيران ٢٠٢٤
الكاردينال بارولين: لتحافظ الكنيسة في لبنان على رسالة العيش معًا

فاتيكان نيوز :

 

ترأس أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين قداسًا في كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين، بالعاصمة اللبنانيّة بيروت، وذلك بمناسبة مرور أربعين عامًا على تأسيس منظمة فرسان مالطا وعيد ميلاد القديس يوحنا المعمدان، شفيع المنظمة.

 

وألقى الكاردينال بارولين عظة قال فيها إنَّ القديس يوحنا المعمدان هو الوحيد، بعد مريم العذراء، الذي نحتفل بميلاده، قبل ستة أشهر بالضبط من ميلاد الرب يسوع، وبموته (في 29 آب)، مشيرًا إلى أنّ صوت المعمدان قد هز اليهوديّة لأنه ’قد هيأ المجيء، إذ أعلن أمامه معمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل‘، كما يذكرنا القديس بولس. وبحسب كلماته، لا فائدة من أن تكون ابنًا لإبراهيم إذا لم تمارس العدالة، التي يعطينا أيضًا قواعده من خلال حثنا على إنتاج ’ثمارًا تليق بالتوبة‘. وكان يوحنا يجيب الذين يسألونه ماذا نعمل: ’من كان عنده قميصان، فليقسمهما بينه وبين من لا قميص له. ومن كان عنده طعام، فليعمل كذلك‘.

 

 

الدفاع عن الإيمان وخدمة الفقراء

 

أضاف: إنّ الاهتمام بـ’من ليس لديه شيء‘ هو ما يميّز عملكم هنا في لبنان، كأعضاء في منظمة فرسان مالطا. ومن الجميل أن نسمع أنه، في اللغة المستخدمة داخل المنظمة، يُطلق على الأشخاص المعوزين: ’الأسياد المرضى‘. وكما ذكّرنا البابا فرنسيس مؤخرًا، ’على مدى قرون، خدمت منظمتكم الله والكنيسة من خلال تحقيق الأهداف التي أسسكم من أجلها الطوباوي جيرار، أي تعزيز مجد الله وتقديس الأعضاء من خلال الدفاع عن الإيمان وخدمة الفقراء. في الواقع، لا يمكن الفصل بين الدفاع عن الإيمان وخدمة الفقراء. وعندما نقترب من الأخيرين، والمرضى، والمتألمين، لنتذكر أن ما نقوم به هو علامة شفقة وحنان يسوع‘.

 

وتابع: إنّ عملكم ليس مجرد عمل إنسانيّ، بل هو يتميّز عن العديد من المؤسسات أو الجمعيات لكونه عملاً دينيًا مبنيًا على الإيمان بالمسيح ويمجد الله من خلال خدمة الضعفاء، مظهرًا تفضيل الرب لهم. ليحملكم الوضع الاقتصادي الخطير في لبنان لكي تكونوا أكثر سخاءً لتلبية احتياجات الأشخاص الأكثر احتياجًا، ولكي تسعوا إلى تخفيف العبء عن العديد من الأشخاص، في الرجاء بمستقبل أفضل وأكثر عدلاً وإنصافًا. أنتم مدعوون لكي تظهروا في خدمتكم فرح وإيمان ورجاء أليصابات وزكريا، اللذين اعترفا أن الخلاص يأتي من الرب يسوع. كونوا شهودًا لذلك كما كان يوحنا المعمدان أيضًا شاهدًا للمسيح!

 

 

شهود صادقين

 

وقال الكاردينال بارولين: نحن اليوم بحاجة ماسة إلى شهود صادقين. يجب أن نكون كذلك على المستوى الشخصي، وأن نظهر من خلال تماسك حياتنا كل جمال الإيمان والرجاء والمحبة في المسيح. على العائلة المسيحية أيضًا أن تشهد لذلك، باعتبارها الخليّة المكوِّنة للمجتمع. وبهذا المعنى، لا يجب عليها أن تخاف من أن تختار بحسب إنجيل يسوع.

 

أضاف: على الكنيسة في لبنان أن تشهد أيضًا، وفقًا لرسالتها السامية في الحفاظ على رسالة ’العيش معًا‘ حيّة وفعالة، والتي تميّز وطن الأرز. وعلينا نحن أيضًا أن نكون شهودًا على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، بدون أن نخاف من أن ننشر إنجيل المسيح في الحياة العامة. وفي هذا الصدد، اسمحوا لي أن أؤكد أننا نشعر منذ أشهر بفراغ كبير. يغيب صوت مسيحي من شأنه أن يحدث فرقاً بلا شك؛ يغيب صوت رئيس جمهوريّة لبنان. وهذا الغياب يثقِّل كثيرًا في هذه المرحلة الخطيرة بالنسبة للشرق الأوسط. باسم قداسة البابا، وبكل ثقة ورجاء، أجدد هذا النداء إلى جميع أصحاب المسؤولية، لكي يتمَّ التوصل بسرعة إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة ولكي تتمكن البلاد مرة أخرى من أن جد الاستقرار المؤسساتي الضروري لمواجهة التحديات الراهنة بجدية.

 

وختم الكاردينال بارولين عظته بالقول: أودّ أن أختم مذكِّرًا بكلمات القديس يوحنا بولس الثاني: "إن جهود كل شخص من أجل محبة الرب وكنيسته ستحمل ثمارًا كثيرة للحياة الكنسية وللمجتمع اللبناني بأكمله. حينئذٍ، سيتمكن لبنان، الجبل السعيد، الذي شهد بزوغ نور الأمم، أمير السلام، من أن يزدهر مجدّدًا الكامل؛ وسوف يجيب على دعوته بأن يكون نورًا لشعوب المنطقة وعلامة للسلام الذي يأتي من الله. وهكذا ستكون الكنيسة في هذا البلد فرح إلهها". أوكلكم جميعًا إلى شفاعة القديس يوحنا المعمدان والعذراء مريم سيدة لبنان، وأجدد رغبتي في أن يكون إنجيل الخلاص مصدر قوة وفرح ورجاء لجميع رجال ونساء لبنان هذه الأرض، لكي، وكما يقول المزمور، يسمو الشعب كالنخل وينمو مثل أرز لبنان.