موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ١٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٤
القديسة ماري ألفونسين، مؤسّسة راهبات الورديّة (2)

أشخين ديمرجيان :

 

أخويّة "بنات مريم" ودورها في التأسيس

 

بعد أن بلّغت العذراء رسالتها للأخت ماري ألفونسين بتأسيس الرهبنة، أخذت تستعجل عمليّة التنفيذ، وشرعت تُلهم بعض الفتيات من "بنات مريم" في القدس وبيت لحم، إلى الحياة الرهبانيّة. فأخذنَ يصلّينَ ويُكثرنَ من أعمال الصوم والتضحيات للحصول على نعمة تأسيس هذه الرهبنة.

 

هؤلاء الفتيات كنَّ ينتمين الى أعرق العائلات المسيحيّة في القدس وبيت لحم. وبعد تأكّدهنّ من رغبتهنّ في الحياة الرهبانيّة، توجّهنَ الى الأب يوسف طنّوس يطالبن بتأسيس الرهبنة. وجد الأب يوسف في طلبهنّ إشارة ربّانيّة جديرة بالبحث والتقدير، فأمعن في دراستها مليّاً بكلّ تفاصيلها. واستشار غبطة البطريرك براكو في الموضوع، فوافقه البطريرك وبارك المشروع. وكان للبطريرك فكرة عن الموضوع من الأخت ماري ألفونسين نفسها، التي توجّهت الى غبطة البطريرك بناءً على طلب العذراء، وأعلمَته برغبة العذراء في تأسيس "رهبنة الورديّة المقدّسة".

 

 

التفكير في تأسيس الرهبانيّة

 

بينما كان الأب يوسف غارقاً في التفكير في أمور تخصّ الرهبانيّة المُقترح تأسيسها، اذ أقبلت إليه الأخت ماري ألفونسين رسولة من قبل العذراء: لتُطلعَه على رسالة هامة فيها الحلّ لكلّ الصعوبات والعراقيل، والجواب الشافي عن كلّ تساؤلاته. فاستولى عليه آنذاك الدهش والذهول لأنّه أدرك أنّ العذراء تجد له الحلّ الملائم لكلّ صعوبة.

 

لكنّ الكاهن لم يفقد فطنته فسأل الراهبة بعض الأسئلة حتى يطمئن إلى رجاحة عقلها، وكان يعرف الكثير عن فضائلها وغيرتها. واقتنع بصحّة الرؤى ومصدرها الالهيّ. فطلب منها أن تدوّن مسودّة قانون للرهبنة بناءً على ما سَمِعَت من العذراء. وبتدوين رواية الظهورات مفصّلة وبكلّ ما أوصَتْ به العذراء بشأن الرهبانيّة الجديدة. تدخّلت العذراء مريم نفسها وأوجدت هذه المؤسسة. لكن تدخّلها كان يجب أن يبقى سرّاً مستتراً أخبأته الأخت ألفونسين بين أضلعها لا يعلمه الاّ الأب يوسف وغبطة البطريرك. وهكذا قامت الأخت ألفونسين بدور الأداة الربّانيّة المختارة لتحقيق رغبة العذراء مريم.

 

 

ما قبل تأسيس رهبانيّة الورديّة المقدّسة

 

لقد تمّ تأسيس الرهبانيّة في القدس سنة 1885. هذه الحقبة كان يسودها الاستبداد السياسي والظلم الاجتماعي الذي مارسه الأتراك العثمانيون في حقّ العرب، خاصة المرأة التي كانت تعاني من ازدراء واضطهاد وعبوديّة الرجل وترزح في أغلال التخلّف والجهل في كلّ المجالات. أدركت الكنيسة أن المجتمع بحاجة الى العنصر النسائي ليساهم في ميدان التنشئة والتربية. وكانت الأخويات التي أسّسَتها الأم ماري ألفونسين بذرة صالحة ستساهم فيما بعد، أي بعد تأسيس رهبنة الورديّة المقدّسة، في محاربة الجهل ونشر الوعي الثقافي والتربوي.

 

يتبع...