موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٦ مايو / أيار ٢٠٢٥
الزيارة الراعوية إلى بيت ساحور: الكاردينال بيتسابالا في قلب الرعية

إعلام البطريركية اللاتينية :

 

استأنف الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، زياراته الراعوية بعد عودته من الفاتيكان، إلى مدينة بيت ساحور، وذلك في الفترة ما بين 22 و25 أيار 2025. جاءت هذه الزيارة لتعكس عمق الروابط بين البطريركية وأبناء المدينة، ولتؤكد التزام الكنيسة بالوقوف إلى جانب مؤمنيها في ظل الأوضاع الاجتماعية والسياسية المعقدة. وقد شملت الزيارة سلسلة من اللقاءات الراعوية والاجتماعية، استمع خلالها غبطته إلى تطلعات أبناء الرعية وهمومهم، مؤكدًا من خلال كلماته الأبوية على حضور الكنيسة الدائم ومرافقتها للناس وسط التحديات.

 

فيما يلي أبرز محطات هذه الزيارة:

 

اليوم الأول - 22 أيار

 

استُهل باستقبال شعبي ورسمي عند مدخل المدينة، حيث شكّلت مجموعة كشافة دير اللاتين ممرًا كشفيًا احتفاليًا، وكان في مقدمة مستقبليه المطران وليم شوملي، النائب البطريركي العام، والأب عيسى حجازين، كاهن رعية بيت ساحور، والأب عمانوئيل، الكاهن المساعد، بالإضافة إلى عدد من كهنة الكنائس الشقيقة، إلى جانب وزير السياحة السيد هاني الحايك ورئيس بلدية بيت ساحور السيد إلياس إسعيد، وعدد من ممثلي الأجهزة الأمنية والرسمية في المدينة.

 

عبّر رئيس البلدية عن امتنانه لهذه الزيارة، واصفًا إياها بـ"البركة التي تحل على بيت ساحور بأكملها، وتجسيد حيّ للعلاقة المتجذرة بين الشعب وكنيسته وراعيها". كما قدّم تهانيه لغبطته بمناسبة انتخاب قداسة البابا لاون الرابع عشر، مؤكدًا أن حضور البطريرك بين أبناء المدينة يُعد دعمًا معنويًا كبيرًا في ظل التحديات الراهنة، وقال: "أنتم صوت الإيمان في هذه الأرض، ونرى في قيادتكم دعمًا حقيقيًا لقيم الكرامة الإنسانية، ورسالة المسيح في نشر السلام في العالم".

 

من جهته، عبّر غبطته عن سعادته العميقة بوجوده في بيت ساحور، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة، وإن لم تكن الأولى، إلا أنها تُعدّ الأطول من حيث الإقامة، ما يتيح له فرصة مميّزة للتقرّب من أبناء الرعية والتعرّف عن كثب على واقع حياتهم الروحية والاجتماعية. وقال: "نحن، كبطريركية، نحرص على الإصغاء الدائم والاستعداد لخدمة الجميع، إذ لا يمكننا أن نحب الله حقًا دون أن نصغي إلى احتياجات شعبه". وفي ختام اليوم، رعى غبطته حفل تخريج الفوج الحادي والعشرين من مدرسة البطريركية "فوج اليوبيل".

اليوم الثاني - 23 أيار

 

شمل زيارات ميدانية بدأت من بلدية بيت ساحور حيث اطلع غبطته على مشاريع مستقبلية تعنى بالشباب والإسكان، وتوفير فرص العمل. وأشاد بجهود البلدية في خدمة المجتمع بمختلف أطيافه، ووجه دعوة لإعادة تفعيل السياحة والحج إلى الأرض المقدسة.

 

تلاها زيارة جمعية "مسار فلسطين التراثي"، حيث كان في استقباله رئيس الجمعية السيد جورج رشماوي وأعضاؤها، الذين قدّموا عرضًا تعريفيًا مصورًا عن أنشطة الجمعية ورسالتها. ومن ثم توجّه غبطته إلى موقع بئر السيدة العذراء، حيث قلّده رئيس البلدية وسام ميدالية بيت ساحور تقديرًا لزيارته. بعد ذلك، زار مدرسة "الطفل المقدس"، وكان في استقباله مدير المدرسة السيد إسكندر خوري والهيئة التدريسية.

 

وشملت الجولة أيضًا زيارة الكنائس الشقيقة في المنطقة، بدءًا بكنيسة الآباء والأجداد للروم الأرثوذكس، حيث كان في استقبال غبطته كاهن الرعية الأب عيسى مصلح وأعضاء لجنة الكنيسة. ورحب الأب عيسى بغبطته معبراً أن هذه الزيارة هي مصدر فرح للمدينة ودليلاً على اهتمام البطريرك بجميع مسيحيي الأرض المقدسة. واختُتمت الزيارة بصلاة خاصة من أجل السلام في غزة والعالم أجمع.

 

وفي محطّة أخرى، زار غبطته الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، حيث كان في استقباله المطران سني عازر، والقساوسة وأعضاء مجلس الكنيسة والكشافة. وقد عبّر المطران عازر عن سعادته بهذه الزيارة، مؤكدًا أهميتها في تشجيع المسيحيين على الثبات في أرضهم.

 

كما زار كنيسة "سيدة الرعاة" للروم الكاثوليك، حيث استُقبل من قبل الآباء ممدوح، فادي، وشربل أبو سعدى. وقد ألقى الأب شربل كلمة رحب فيها بغبطته قائلًا: "أنتم الراعي الصالح، حضوركم بيننا هو صوت الحق"، ثم انتقل إلى زيارة المدرسة التابعة للكنيسة، حيث رحبت به المديرة السيدة سوسن إسطفان والهيئتان التعليمية والإدارية، واطّلع على مرافق المدرسة. وخلال اللقاء، وجّه كلمة مؤثرة للمعلمين قائلاً: "عملكم ليس مجرد وظيفة، بل رسالة، والتلاميذ سيتذكرون المعلم الذي أحبهم، فالمحبة هي الأساس في التربية".

 

كما شملت الجولة زيارة بيت الرهبان الكوريين وكنيسة القديس يوحنا الدمشقي للروم الأرثوذكس التي لا تزال قيد الإنشاء، بالإضافة إلى لقاء جمعه مع جمعية مار منصور، ممثلة بالسيد عصام جرايسة وأعضاء الجمعية. وفي ختام اليوم، اجتمع غبطته مع ممثلي مختلف الفعاليات الرعوية، واختتمت الزيارة بصلاة السبحة والقداس الإلهي، أعقبها زيارة للنادي الأرثوذكسي الثقافي العربي، حيث تعرّف على مرافقه الرياضية والثقافية، من ملاعب وحدائق ومسرح وصالة رياضية.

اليوم الثالث - 24 أيار

 

اتسم بالبعد التربوي والاجتماعي، حيث شارك غبطته في الطابور الصباحي لمدرسة البطريركية، وزار الروضة ثم توجه إلى مدرسة الفرح لصعوبات التعلم، حيث اطّلع على مرافق المدرسة وشاهد عروضًا فنية متنوعة قدمها الطلاب. بعد ذلك، زار نادي المسنين بإدارة السيدة إيناس سلسع، وجمعية الملاذ الخيرية للشباب من ذوي الإعاقة الذهنية، إضافة إلى مركز الواحة للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية، والاتحاد النسائي العربي. كما شملت الزيارات مركز "جذورنا"، حيث كان في استقباله الدكتور تشارلي أبو سعدى وفريق العمل، الذين قدّموا شرحًا مفصلًا عن رسالة المركز وبرامجه المتنوعة.

 

لاحقًا، عقد غبطته لقاءً مع الطاقم الإداري والتعليمي لمدرسة البطريركية، تلاه اجتماع مع مجلس كنائس بيت ساحور، حيث ناقش المجتمعون قضايا تهم المدينة وكنائسها. كما منح غبطته سرّ مسحة المرضى لعدد من أبناء الرعية، ثم زار جمعية الحياة البرية في فلسطين، حيث كان في استقباله رئيس الجمعية السيد سامي ثلجية وعدد من الأعضاء والمتطوعين، كما التقى بممثلين عن الأجهزة الأمنية، وزار مؤسسة السلام بالخطوات (Peace by Piece) وجمعية فلسطين للبيئة.

 

وفي وقت لاحق، قام غبطته بزيارة الجمعية الإسلامية الخيرية، حيث استُقبل من قبل رئيس الجمعية السيد محمود جبران، إلى جانب أعضاء المجلس الإداري. وفي كلمة ترحيبية، عبّر رئيس الجمعية عن اعتزازه بهذه الزيارة قائلاً: "إنه لفخرٌ لنا وتاريخٌ يُسجّل أن نستقبل غبطة الكاردينال هنا؛ فزيارته تمثل عمق العلاقة المتينة بين المسلمين والمسيحيين في هذه المدينة". وأضاف: "نُعرب عن شكرنا للفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية على جهودها الإنسانية المتواصلة، خصوصًا في دعم المناطق المنكوبة والمهمّشة". واختُتم اليوم بالقداس الإلهي تلاه أمسية تراتيل أُقيمت في حديقة القديسة ماري ألفونسين.

اليوم الأخير - 25 أيار

 

تُوج اليوم الأخير بالقداس الإلهي حيث كرّم غبطته السيد شفيق الشوملي بوسام البطريركية لسنوات خدمته الطويلة في الكشافة والمجتمع، كما هنأ عددًا من الأزواج بمناسبة اليوبيل الذهبي والفضي لزواجهم، والتقى بأبناء الرعية في أجواء روحية ملؤها الفرح.

 

وفي عظته الختامية، تأمل غبطته بآية "الثبات في المسيح"، مؤكدًا أن الإيمان ليس شكلاً خارجيًا، بل هو علاقة حيّة تُترجم في تفاصيل الحياة اليومية. وأشار إلى أن الهوية المسيحية تُبنى بالإيمان العميق، لا بالانتماء الاسمي فقط. وأضاف: "لقد شعرت بالعزاء لما لمسته من محبة وحرارة إيمان وتعاون بين أبناء الرعية، وهذه الزيارة تؤكد لي أن الكنيسة حيّة في هذه المدينة المباركة".