موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٨ يوليو / تموز ٢٠٢٥
نيران المستوطنين تهدد إرث الطيبة: كهنة البلدة يناشدون المجتمع الدولي للتدخل الفوري

نبض الحياة :

 

في بيان صدر اليوم الثلاثاء، 8 تموز 2025، وجّه كهنة كنائس بلدة الطيبة –اللاتين، والروم الكاثوليك الملكيين والروم الأرثوذكس– نداءً واضحًا إلى العالم، يحمل بين سطوره قلقًا عميقًا إزاء ما تتعرّض له البلدة من اعتداءات متزايدة ومتكررة وموثقة من قِبل المستوطنين الإسرائيليين، طالت الأرض والمقدسات والممتلكات، وسط صمت رسمي يفاقم من الإحساس بالخطر وانعدام الحماية.

 

وأعرب الكهنة باسمهم وباسم أهالي البلدة وأبناء رعايهم عن إدانتهم الشديدة لهذه الاعتداءات التي تهدد أمن البلدة واستقرارها، وتستهدف كرامة سكانها وأراضيها المقدسة.

 

البيان الذي صدر باسم الأب داوود خوري، الأب جاك-نوبل عابد، والأب بشار فوضله، وصف ما يحدث في البلدة بـ"سلسلة خطيرة من الاعتداءات الممنهجة" التي لم تعد تهدد فقط أمن البلدة واستقرارها، بل تسعى بشكل مباشر إلى تقويض كرامة سكانها المسيحيين، والعبث بإرثهم التاريخي والديني.

 

ومن بين أبرز الحوادث الأخيرة، ما حدث يوم الاثنين 7 تموز 2025، عندما أقدم مستوطنون على إشعال النيران عمدًا بالقرب من مقبرة البلدة وكنيسة الخضر الأثرية، التي تعود إلى القرن الخامس الميلادي وتعد من أقدم المعالم الدينية في فلسطين. وبحسب البيان، فإن تدخل الأهالي السريع وطواقم الإطفاء حال دون وقوع كارثة كانت قد تلتهم الكنيسة بالكامل.

 

لكن هذه الحادثة لم تكن استثنائية، بل جاءت في سياق اعتداءات يومية باتت مألوفة لسكان الطيبة، وفق ما جاء في البيان. إذ يواصل المستوطنون رعي مواشيهم داخل أراضي البلدة الزراعية، بما في ذلك الحقول الخاصة الواقعة على مقربة من المنازل، دون أن يواجهوا أي رادع قانوني أو أمني. هذا النشاط لا يقتصر على الاستفزاز فحسب، بل يؤدي إلى إتلاف مباشر لأشجار الزيتون، التي تشكل مصدر رزق أساسي للعائلات، ويحول دون تمكّن المزارعين من الوصول والعمل في أراضيهم بحرية.

 

أشار البيان إلى أن الجهة الشرقية من الطيبة – والتي تمثل أكثر من نصف مساحة البلدة وتحتضن معظم نشاطها الزراعي – باتت مهددة بشكل خاص، مع تمدد بؤر استيطانية غير شرعية، تتوسع بهدوء تحت حماية عسكرية، وتشكل قاعدة انطلاق لاعتداءات جديدة على السكان وأراضيهم.

 

وحذر الكهنة من أن الصمت أمام هذه الاعتداءات لم يعد ممكنًا. فالطيبة، البلدة المعروفة باسم "أفرام" في الإنجيل، والتي لجأ إليها السيد المسيح قبل آلامه وصلبه، تُعد اليوم آخر بلدة فلسطينية ذات أغلبية مسيحية مطلقة في الضفة الغربية. حضورها المسيحي المتجذر منذ ألفي عام، والمصان بعناية عبر الأجيال، يواجه اليوم خطر التفريغ بفعل استهداف متعدد الجبهات: الأرض، المقدسات، والناس.

 

وفي ختام بيانهم، توجه الكهنة بنداء واضح إلى القناصل والسفراء وممثلي الكنائس حول العالم، يدعون فيه إلى فتح تحقيق فوري وشفاف في حوادث الحرق والاعتداءات، والضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلية لمنع المستوطنين من الدخول إلى أراضي البلدة، وإرسال بعثات ميدانية دولية لتوثيق الانتهاكات. كما طالبوا بدعم سكان الطيبة من خلال مبادرات اقتصادية وزراعية ومرافقة قانونية فعالة، مؤكدين أن "الأرض المقدسة لا يمكن أن تبقى حيّة دون أهلها الأصليين".

 

وختم الكهنة بيانهم بجملة تختزل الموقف والمأساة: "طرد المزارعين من أرضهم، وتهديد كنائسهم، ومحاصرة بلدتهم، هو طعن في القلب الحي لهذا الوطن. ومع ذلك، يبقى رجاؤنا راسخًا: أن الحق والعدالة سينتصران في النهاية".