موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٧ يونيو / حزيران ٢٠٢٢
الأب بشير بدر يختتم يوميات اللقاء العالمي العاشر للعائلات في روما
اليوم الرابع السبت 25/6، واليوم الخامس الأحد 26/6

الأب بشير بدر :

 

ابتدأ نهار السبت بساعة سجود أمام القربان الأقدس تخللتها تأملات وصلوات تربط بين سري المحبة والبذل والعطاء القربان والزواج وحياة الشركة في العائلة. وبعد البركة، تواصلت أعمال المؤتمر لليوم الثالث بمحاضرة حول عائلة الطوباويين شفيعي لقاء العائلات: لويجي وماريا بلترامي.

 

قدّم المحاضرة الحفيد فرانشيسكو مركزًا على وعيهما لدورهما في الأبوة والأمومة المسؤولة ووصاياهما لابنائهما الذين دخلوا الكهنوت والرهبنة. وتبع ذلك شهادة حياة لعائلة إيطاليّة عن شفاعة هذين الزوجين الطوباويين في حياتهما وكيف تعلما منهما النظر إلى شؤون الحياة من الأعلى بعيون الإيمان وباحترام وخضوع وقبول الظروف بأنها إرادة الله بروح مريم العذراء: "ليكن لي بحسب قولك".

 

بعد ذلك كانت الجلسة الحوارية التاسعة حول: طرق القداسة المتنوعة أدارها زوجان إيطاليان شابان. وأشارا إلى حاجة ودور الروح القداس في حياة الزوجين لتمييز قرارات الحياة. وقدمت عائلة امريكيّة، مع 5 أطفال، خبرتهما في محاصرة ظروف وأزمات حياتية صعبة لعائلتهم. فقال الوالد إنه بعد موت ولده وخسارته لأعماله شعر باليأس والضيق والحاجة إلى معرفة الطريق الصحيح لاتباعه. فقرّر وزوجته القيام برياضة روحية لإعادة التركيز على ما تعنيه لهم العائلة وما هي القرارات التي يجب عليهم اتخاذها. وهنا اكتشفا معنى ما يدعو اليه البابا فرنسيس في دعوته المستمرة إلى التمييز Discernment. وتذكرا قول الرب يسوع: أنا هو الطريق والحق والحياة. لذلك لن نجد الطريق والحقيقة والسعادة والحياة لعائلتنا بعيدًا عن يسوع، وتحديدًا يسوع القرباني.

 

وشرحا أن التمييز لا يتطلب الابتعاد عن العائلة لكي تجده، بل هو موجود في واقعنا اليومي. التمييز يتطلب البحث عن الله وارادته القدوسة وعن خير الآخر/الشريك. والله موجود في حياة الشركة communion. والعائلة هي جماعة تعيش الشركة اليوميّة على المستويات الروحيّة والعمليّة والعلاقاتيّة. وكل واحد فينا يتخذ يوميًا عدة قرارات صغيرة، متوسطة أو كبيرة. ولكن مبدأ الشركة يجعل قرارنا يصب في خير العائلة بحسب إرادة الرب. وكررا اختبار قوة سر المناولة على تثبيتهم في حياة الشركة والمحبة العائلية وطريق القداسة.

 

وبعد ذلك، قدّم زوجان من باراغواي خبرتها حول خدمتهما للعائلة ضمن مبادرة أنشآها تيمو: رعويات الرجاء بخاصة مع العائلات الممزقة أو المهددة بالانفصال. يقومان بهذه الخدمة لأن هدم أو قطع الرباط الزوجي هو مخالف لإرادة الله، وأنها خدمة حقيقية لمعنى المحبة الأخويّة.

 

وأكدا أن الكنيسة لا تحكم على أحد حكمًا أبديًا، بل أن تظهر المحبة والرحمة من خلال رعويات المرافقة لإعادة رباط الوحدة والسلام بين الزوجين ومع الكنيسة والله تعالى (وبخاصة في البلاد التي يسمح فيها بالزواج المدني). ثم قدما عملهما من خلال لقاءات تدور حول مواضيع الحب والحياة والحب المقدس. واخبرانا عن ثمار رعويات الرجاء بعودة العديد من الأزواج إلى الكنيسة والأسرار المقدسة من جديد، وكيف أظهروا الكثير من التأثر والإيمان والحب أمام سر القربان.

 

ثم قدّم زوجان من أندونيسيا خبرتهما في الزواج بين شريكين مختلفي الإيمان. الزواج هو طريق للاتحاد الروحي قبل الجسدي. وهو سبب للفرح والحب والصدق. وكيف أنهما بحثا بصدق عن الوحدة في الروح والإيمان من أجلهما ومن أجل الابناء. فتوحدا في اعلان الايمان بالرب يسوع.
 

وكانت أخيرًا، أكبر الخبرات وأقواها في مثال القداسة المسيحية. عائلة لبنانية شابة هما داني وليلى عبدالله يعيشان مع عائلتهما في مدينة سيدني الأستراليّة، قدما خبرة مؤلمة أثرت لا بل أبكت الحضور لقوتها وصدقها وبطولتها الإنسانيّة والمسيحية لسلوكهما طريق المغفرة الصعبة. وأظن أننا سمعنا وقرأنا عن قصتهم التي انتشرت في  العالم قبل سنتين إذ فقدا 3 من ابنائهم مرة واحدة بحادث سيارة تسبب به سائق مخمور بالقرب من بيتهم.

 

ووصفا الأمر المروع بكثير من الحب والدموع والصبر والإيمان، وكيف أجابا على إحدى المحطات التلفزيونية عندما سألتهما كيف يمكن لأحد أن يساعد العائلة المنكوبة، فطلبا من الناس أن يأتوا ويصلوا في موقع الحادث. وهذا ما حصل بالفعل، وكان تجاوب الناس كبيرًا. قال الوالد نحن لا نعبد ربًا يمتحننا، بل يتألم قبلنا ومن أجلنا ومعنا، وهو أيضًا علمنا المغفرة. طريق القداسة هو المغفرة اليومية.

 

قال الوالد: بسبب قوة الدعوة للمغفرة وتجاوبًا مع دعوتهم بأنهم يغفرون للسائق الذي قتل أطفالهم، أعلنت الحكومة الاسترالية عن تاريخ يوم الحادث اليوم الوطني للمغفرة في استراليا. اغفروا يوميًا، فالمغفرة هي طريق القداسة والحرية والسلام بين جميع البشر.

 

وختمت الوالدة الحديث بالقول: نحن هنا لنقول لكم أيها الأزواج لا تخافوا ولا ترفضوا أن تغفروا. لأن المغفرة هي التي تسمو بكم وبأرواحكم وبحياتهم وتحرككم وتقودكم على طريق القداسة. أعطوا المغفرة ولا تنتظروا أن تطلب منكم. المغفرة كانت شفاء لعائلتنا. وكانت القوة والوحدة في الظرف المأساوي. المغفرة في بيتنا لم تبدأ يوم وفاة أبنائي، ولم تنته بغيابهم. لا أحد منا كامل، لذلك كلنا نحتاج إلى الرحمة والمغفرة. وكلما اثقلتكم الحياة، اذهبوا إلى الكنيسة صلوا وابكوا على كتف يسوع… اعترفوا بخطاياكم.

 

في ختام هذه الشهادة وقفت جميع الوفود وصفقت طويلاً لبطولة هذه العائلة المسيحية وتراكضوا نحوهم للسلام والعناق والتعاطف والشكر.

 

في ختام الصباح، كان تقديم كتاب القداسة في حياة العائلات حول العالم الذي يحتوي على توثيق لحياة القداسة لعائلات في مختلف القارات. كان تقديم الكتاب رائعًا وخاتمة جميلة ومشجعة لجميع العائلات، بأن القداسة ليست قصصًا محدودة من الماضي بل هم أناس يشبهوننا ونشبههم ويشيرون لنا على الطريق المفتوح للجميع وفي كل الأوقات.

القداس الختامي

 

وعند الساعة الخامسة والنصف مساءً كانت الوفود قد وصلت ساحة كنيسة مار بطرس للقداس. ودخل أولاً موكب الكهنة والأساقفة الى المنصة العليا من الساحة انتظارًا لوصول موكب صاحب القداسة لبداية القداس. وصل قداسة البابا إلى الساحة بالسيارة البابوية عند الساعة السادسة وراح يحيي جماهير المؤمنين ومجموعات العائلات في ساحة أعمدة بيرنيني Bernini التي تمتد كذراعي أم مفتوحتين لتحتضن أبناءها.

 

للأسف، لم يستطع البابا ترؤس الاحتفال بالذبيحة الإلهية بسبب وضعه الصحي، لذلك احتفل بالذبيحة الكاردينال فاريل، وهو رئيس المجلس الحبري للحياة والعائلة. حضر قداسة البابا القداس وقام بدوره في التعليم. وألقى العظة حول موضوع اللقاء العالمي للعائلة وهي طريق الحب والقداسة.

 

قال نشكر الرب على دعوته لتا وعلى كرمكم في بذل الذات والحب. ولكن علينا أيضا أن نعمل للدفاع عن العائلة مما يهددها من مخاطرة العصر. الرب يدعو الجميع كما في قراءات اليوم، أن يتبعوه بحرية كاملة، لأنه يثق بنا وبكم. علموا أبناءكم حب الحياة والبحث عن دعوتهم بحرية ويتجاوزوا التحديات بقوة الرب.

 

أضاف: إنجيل اليوم يقدّم لنا ثلاثة امثلة من أشكال إتباع يسوع، وهي تشبه دعواتكم. الانجيل حركة وديناميكية كما هي دعوتكم، وكلها تتطلب منكم عدم التردد أو الخوف والنظر إلى الوراء. يسوع يدعو للنظر إلى الأمام دومًا، وهذه طريق الحب والفرح والقداسة مع علمنا بأنها ليست طريقًا سهلة. لذلك اطلبوا الشجاعة، لا تسلكوا الطريق السهل، ونحن نراهن على قوة محبتكم. الكنيسة معكم… لا بل الكنيسة هي أنتم. وأن الكنيسة هي عائلة وشركة حب وحياة كما أنتم.

 

وشكر الكاردينال فاريل البابا على سنة العائلة، وعلى دعوة العائلات للالتقاء ولإظهار وجه الكنيسة الجميل. وأعلن أن اللقاء اللقاء القادم سنة 2025 سيكون في روما أيضًا، وسيُدعى يوبيل العائلات لأنه سيقع في سنة اليوبيل 2025. ثم حثّ البابا العائلات على اعلان الفرح لكونهم عائلات قائلاً: "أعلنوا فرح الزواج المسيحي. أنتم علامة لحضور المسيح الحي. انفتحوا على الكنيسة وعلى جميع المحتاجين والمتالمين، فانتم الكنيسة الحية. لتخفظكم العذراء سيدة العائلات. آمين".

وظهر الأحد، احتشدت الألوف في ساحة مار بطرس من جديد لتلتقي حول قداسته وتصلي معه صلاة الملاك. وكان الختام في مباركة العائلات وإرسالهم ليعودوا إلى بلادهم وكنائسهم ورعاياهم ممتلئين قوة وغنى وحبًا ورغبة في نشر فرح الحب وجمال العائلة وجاذبية القداسة في حياة الشركة والشراكة العائلية والكنسية.

 

وأخيرًا أقدم الشكر لكنيستنا البطريركية اللاتينية وعلى رأسها غبطة البطريرك بييرباتيستا وسيادة المطران جمال دعيبس، ولسيادة المطران بولس ماركتسو الذي رافقنا إلى روما، الذين شجعونا ودعمونا للمشاركة في هذا اللقاء العالمي الهام.

 

أحيي العائلتين اللتين مثلتا عائلات الأردن وفلسطين: السيد جوزيف عكشة، الذي تلى الطلبة باللغة العربيّة خلال القداس، وزوجته عالية مزاهره من عمّان، والسيد نزار غطاس وزوجته ياسمين سلامه من بيت لحم مع ابنهما اللطيف فايز.

 

وإلى اللقاء… في يوبيل العائلات 2025.