موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢١
إذا أرهقتك هموم الحياة

أشخين ديمرجيان :

 

يسجّل العالم أرقاماً قياسية في معدّلات الأرق والقلق والهموم وغيره كثير.‏ وما من يوم يمرّ على معظم الناس بلا تعب الفكر. والعالم الذي نعيش فيه يساعدنا على أن نغرق في هموم تتعلّق بالصحة أو المستقبل أو الوضع المادي، بينما يدعونا الله أن "نُلقي عليه جميع همّنا فإنّه يُعنى بنا" (1 بطرس 7:5).

 

"إنْ كنّا لا نرغب في أن نُنهك أنفسنا قبل الأوان، علينا أن نعيش خالين من كلّ همّ. على أنّ صعوبات الحياة تنقضّ علينا. تُقاتلنا من الخارج فتهزّ كياننا، وتكتسحنا من الداخل، مُهاجمة منّا الروح والقلب". هذه الكلمات من أقوال الأب المرحوم ميشيل كواست، وهو كاهن كاثوليكي فرنسي، كان متخصصًا في علم اللاهوت والعلوم الاجتماعية والسياسية. اشتهر بأعماله الأدبية ولا تزال كتبه تُنشر وتُرجمت منها ملايين النسخ إلى أكثر من 27 لغة حتى الآن.

 

لن نستطيع مجابهة صعوبات الحياة وتذليلها إن لم نضعها في الحال وبإخلاص تامّ بين يديّ الله. في كلّ خطوة من خطوات حياتنا، ينبغي أن نتدرّب طويلاً، كي نعتاد أن  نعوّض عن ضعفنا البشري بقدرة الله غير المتناهية.

 

لا يوضع ثوب قذر بين الثياب النظيفة ولا ثمرة عفنة بين ثمار طازجة. لو أردنا أن نعيش في طمأنينة وسلام، بقوّة ونقاوة، لن نرضى أبداً أن يُقلقنا همّ واحد ماضياً أو حاضراً أو مستقبلاً.

 

كلّنا نعلم أنّ الهمّ أو الغمّ حالة يائسة من عدم الارتياح وفقدان البهجة وضيق في الصدر والأسى الممزوج بانعدام الهمّة والحيوية والنشاط. وقانا الله من الهمّ والأفكار السلبية السوداء. كما أنّ تعاقب هذا النمط من التفكيرالسلبي قد يؤدّي إلى القلق وينتج عن ذلك التوتّر والكآبة.

 

الأفضل أن لا نسمح للهمّ أن يحني قلوبنا وأن لا نشغل بالنا بأمور وتوقّعات قد لا تحصل أبداً وأن نتذكّر ما قاله السيّد المسيح:‏ «أطلبوا أوّلاً ملكوت الله وبرّه. لا يهمّكم أمر الغد،‏ فالغد يهتمّ بنفسه. ولكلّ يوم من العناء ما يكفيه» (متّى 25: 33و 34 تابع‏)‏.

 

وفي الملكوت: "سيمسح الله كلّ دمعة من عيونهم.‏ وللموت لن يبقى وجود بعد الآن،‏ ولا للحزن ولا للصراخ ولا للألم لن يبقى وجود بعد الآن، لأنّ العالم القديم قد زال"‏ (رؤيا 4:21).

 

من أقوال الإمام الشافعي في هذا المجال: "ولرُبَّ نازلةٍ يضيق بها الفتى - ذرعاً وعند الله منها المخرج. ضاقت، فلمّا استُحكِمت حلقاتها فُرِجَت، وكنتُ أظنّها لا تُفرَجُ".     

 

 

مسك الختام

 

"إذا أرهـقَـتـك هــمـوم الــحــيـاة ومَسّكَ مـــنها عــظيم الــضرر

وذُقــتَ الأمَــرَّين حتـى بـكـيـت وضجَّ فـؤادك منها حتى انفجر

وسدّت بـوجـهـك كــلّ الــدروب وأوشكتَ أن تسقط بين الحفر

فيَـمّـم وجـهك إلى الله فـي لـهفةٍ وبــُــثّ الشكـــاة لـــربّ البشر"

 

(يُقال أنّها حكمة لرجل عجوز غير معروف).