موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٧ أغسطس / آب ٢٠٢٤

الأحد السابع بعد العنصرة 2024

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد السابع بعد العنصرة

الأحد السابع بعد العنصرة

 

الرِّسَالة

 

خلّص يا ربُّ شعبَكَ وبارك ميراثك 

إليكَ يا ربُّ أصرُخُ إلهي 


فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل رومية (15: 1-7)

 

يا إخوةُ، يجبُ علينا نحنُ الأقوياءَ أن نحتَمِلَ وَهَن الضُّعَفاءِ ولا نُرضِيَ أنفسَنا. فليُرض كلُّ واحدٍ منَّا قريبَهُ للخيرِ لأجلِ البُنيان. فإنَّ المسيحَ لم يُرضِ نفسَه ولكن كما كُتِبَ تعييراتُ معيّريكَ وقعَت عليَّ. لأنَّ كلَّ ما كُتِبَ من قبلُ انَّما كُتِبَ لتعلِيمنا، ليكونَ لنا الرجاءُ بالصبرِ وبتعزية الكُتب. وليُعطِكُم الهُ الصبرِ والتعزِيةِ أن تكونوا متَّفِقي الآراءِ في ما بينَكم بحسَبِ المسيحِ يسوع، حتى إنَّكم بنفسٍ واحدةٍ وفمٍ واحدٍ تمجِدون اللهَ أبا ربِنا يسوعَ المسيح. من أجلِ ذلك فليتَّخذ بعضُكم بعضًا كما اتَّخذكم المسيحُ لمجدِ الله.

 

 

الإنجيل المقدّس

 

فصل شريف من بشارة القديس متَّى (9: 27–35)

 

في ذَلِكَ ٱلزَّمان فيما يَسوعُ مُجتازٌ تَبِعَهُ أَعمَيانِ يَصيحانِ وَيَقولان إِرحَمنا يا ٱبن داوُد * فَلَمّا دَخَلَ ٱلبَيتَ دَنا إِلَيهِ ٱلأَعمَيانِ فَقالَ لَهُما يَسوع هَل تُؤمِنانِ أَنّي أَقدِرُ أَن أَفعَلَ ذَلِك. فقالا لَهُ نَعَم يا رب * حينَئِذٍ لَمَسَ أَعيُنَهُما قائِلاً كَإيمانِكُما فَليَكُن لَكُما. فَٱنفَتَحَت أَعيُنُهُما. فَانَتهرهُما يَسوعُ قائِلاً انظرا لا يَعلَمَ أَحدٌ * فلما خَرَجا شَهَراهُ في تِلكَ ٱلأَرضِ كُلِّها * وَبَعدَ خُروجِهِما قَدَّموا إِلَيهِ أَخرَسَ بِه  شَيطانٌ * فَلَمّا أُخرجَ ٱلشَّيطانُ تَكَلَّمَ ٱلأَخرَسَ. فَتَعَجَّبَ ٱلجُموعُ قائِلين لَم يَظهَر قَطُّ مِثلُ هَذا في إِسرائيل* أَمّا ٱلفَرّيسِيّونَ فقالوا إِنَّهُ بِرَئيسِ ٱلشَّياطينِ يُخرِجُ ٱلشَّياطين * وَكانَ يَسوعُ يَطوفُ ٱلمُدُنِ كلها وَٱلقُرى يُعَلِّمُ في مَجامِعِهِم  وَيَكرِزُ بِبِشارَةِ ٱلمَلَكوتِ وَيَشفي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعفٍ في ٱلشَّعب.

 

 

العظة

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.

 

كان العالم في ذلك الحين وقد انقسم إلى يهود وأمم قد أُصيب كلّه بالعَمي الروحي، فقدَ اليهود بصيرتهم الداخليّة بسبب كبرياء قلبهم وحرفيّة إدراكهم للناموس وانجذابهم إلى الرجاسات الوثنيّة، وفقد الأمم أيضًا بصيرتهم بسبب العبادة الوثنيّة. وكأن هذين الأعميين اللذين كانا يصرخان: ارحمنا يا ابن داود يمثّلان العالم كله، يهودًا وأممًا، يُعلن عوزه إلى المسيّا المخلّص ابن داود لكي يعيد إليه بصيرته الروحيّة. وقد جاء السيّد إلى"البيت"، أي إلى مسكننا؛ جاء إلينا في الجسد حتى نستطيع أن نتقدّم إليه، ويمكننا أن نتقبّل لمسات يده الإلهيّة على أعيننا الداخليّة. فالبيت هنا إنّما يُشير إلى التجسّد الذي بدونه ما كان يمكننا التلامس مع ابن الله، والتمتّع بإمكانيّاته الإلهيّة، ليهب لأعيننا نوره، فتعاين النور.

 

جاءنا ابن الله متجسّدًا، معلنًا مبادرته بالحب. لكنّه يسأل: أتؤمنان إني أقدر أن أفعل هذا؟ بالإيمان يحلّ في قلوبنا، فتنفتح بصيرتنا من يوم إلى يوم لمعاينة الأسرار خلال تمتّعنا بها فيه.

 

إن كنّا بسبب الخطيّة انطمست أعيننا من معاينة النور، فانحرفنا عن الطريق، وصرنا نتخبّط في الظلمة، فقد صرخت البشريّة على لسان المرتّل: "أرسل نورك وحقّك، هما يهديانني ويأتيان بي إلى جبل قدسك وإلى مساكنك". وقد جاءنا من هو "نور العالم" معلنًا: "أنا هو نور العالم، من يتبعني فلا يمشي في الظلمة"، "أنا هو الطريق والحق والحياة". جاءنا الملتحف بالنور كثوب، الذي ليس فيه ظلمة البتة، يشرق في الظلمة بنوره ، نلبسه فنصير أبناء نور وأبناء نهار، بل نصير به نورًا للعالم.

 

أهمية الإيمان في حياتنا تؤكدها كنيستنا المقدسة مرة أخرى من خلال إنجيل متى الذي سمعناه خلال القداس الإلهي اليوم. كان أعميان يتبعان يسوع في الطريق، كما يخبرنا الإنجيلي، صارخين: "ارحمنا يا ابن داود". وبمجرد وصولهم إلى المنزل، سألهم: "هل تعتقدون أن لدي القدرة على القيام بما تطلبونه؟" . "نعم يا رب" أجابوه ولمس أعينهم قائلا "ليكن حسب إيمانكم". وفي الحال شُفي الأعميان، وأوصى الرب لهم بلهجة شديدة أن لا يعلم أحد بهذه المعجزة. لكنهم كانوا يسبحونه في كل المنطقة. ثم قدموا إلى يسوع رجلاً أخرس به شيطان. وبمجرد أن أخرج الرب الشيطان، تكلم ذلك الرجل على الفور، بينما تعجب العالم وقال: "لم تحدث مثل هذه المعجزات في إسرائيل". وقال الفريسيون مرة أخرى أنه يخرج الشياطين باسم رب الشياطين. إلا أن المسيح استمر يجول في المدن والقرى، يكرز ببشارة ملكوت الله، ويشفي الشعب من كل مرض. إن أهمية الإيمان لحياتنا الروحية، وأيضًا لتحقيق كل معجزة وكل طلب نطلبه من الله، تم التأكيد عليها حتى اليوم من خلال الرواية المذكورة أعلاه. "بِحَسَبِ إِيمَانِكُمْ لِتَكُنْ"، يقول المسيح، يريد أن يُظهر للجميع أنه لكي تتم المعجزة، من الضروري أن تتم معجزتنا الشخصية في قلوبنا، أي اكتساب الإيمان الذي ليس شيئًا. بل تجاوز العقلانية والطريقة المادية لرؤية الأشياء. ومن خلال المعجزتين اللتين سمعناهما اليوم، يتم التأكيد مرة أخرى على حقيقة أن يسوع المسيح هو طبيب نفوسنا وأجسادنا، وأن الله يرى الإنسان ككيان نفسي جسدي ويقوم بالمعجزة بهدف خلاص الإنسان. ولكننا لن نتناول هذه النقاط بعد الآن، كما تم التأكيد عليها مرارًا وتكرارًا في أيام الأحد السابقة. ولكن ما يبرز في مقطع اليوم هو أن المسيح، بلهجة صارمة، يقول للأعميان الذين شفوا ألا يخبروا أحداً عن المعجزة التي صنعها لهم.

 

وبغض النظر عن العصيان الذي أظهروه بأنفسهم، فإن أهمية هذا الوسم الذي وضعه الإنجيلي متى مهم جدًا لحياتنا الروحية. المسيح، كما قلنا، يصنع المعجزة واضعًا في الاعتبار صحتنا العقلية والروحية. بمعنى آخر، المعجزة هي حالة خلاصية، تتعلق بالله الذي يجريها، وبالإنسان الذي ينال المنفعة المحددة. ما يدين به المؤمن في كل الأحوال، وخاصة في حالة حدوث معجزة، هو تمجيد الله وشكره من كل قلبه، والشعور بعظمة الله، والاقتداء بمزيد من التوبة والصلاة والشركة مع الله. إن الله لا يقوم بالمعجزة ليُعلن عن ألوهيته، ولا يحتاج إلى الإعلان. ففي نهاية المطاف، فإن الأشخاص الذين لا يؤمنون بقدرة الله، بغض النظر عن عدد المعجزات التي تحدث أمام أعينهم، سيستمرون في عدم أمانتهم والتشكيك في كل شيء، مثل الفريسيين في فقرة اليوم. وذلك لأن الإيمان بالله ليس نتيجة الإقناع، بل هو تجاوز للطريقة العقلانية في النظر إلى الأشياء. لذلك، بغض النظر عن عدد المعجزات التي نقولها للأشخاص الذين يشككون في الله، فلن يستفيدوا، بل سيسخرون من إيماننا. كما يطلب الرب عدم الإعلان عن المعجزة، لأن مثل هذه الخطوة قد تزرع في قلوبنا نزعة الكبرياء، أي أننا متفوقون على الآخرين.

 

وفي هذه الحالة تكون النتيجة مخالفة لإرادة الله، إذ نقاد إلى هاوية البر الذاتي، أي الأنانية. إذا شعرنا بتفضيل الله، فلا ينبغي أن يكون هذا سببًا للتفاخر بأن الله يسمع لنا لأننا نستحق هذا الأمر، بل بالحري نشعر بمرض روحي أكبر. أي أن الله يتدخل في حياتنا، لأننا وحدنا لا نملك القوة أو القدرة على خلاص أنفسنا. إذا حدث أن قام طبيب بشفاءنا، فإننا لا نفكر ونعتبر ذلك إنجازًا شخصيًا، بل نهتم بصحتنا ونتبع نصيحته، فكم بالحري يجب أن نكون متواضعين، إذا صنع الله لنا معجزة، بل وأكثر من ذلك يجب علينا أن نسعى جاهدين من أجل صحتنا الروحية.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة (باللَّحن السَّادِس)

إنَّ القوَّاتِ الملائكيَّة ظَهَرُوا على قبرِكَ الـمُوَقَّر، والحرَّاسَ صاروا كالأموات، ومريمَ وَقَفَتْ عندَ القبر طالِبَةً جسدَكَ الطَّاهِر، فَسَبَيْتَ الجحيمَ ولم تُجرَّبْ منها، وصادَفْتَ البتولَ مانِحًا الحياة، فيا مَنْ قامَ من بين الأمواتِ، يا ربُّ المجدُ لك.

القنداق (باللَّحن الثَّاني)

 

يا شفيعَةَ المَسيحيِّينَ غَيْرَ الخازِيَة، الوَسِيطَةَ لدى الخالِقِ غيْرَ المَرْدُودَة، لا تُعْرِضِي عَنْ أَصْوَاتِ طَلِبَاتِنَا نَحْنُ الخَطَأَة، بَلْ تَدَارَكِينَا بالمَعُونَةِ بِمَا أَنَّكِ صَالِحَة، نَحْنُ الصَّارِخِينَ إِلَيْكِ بإيمانٍ: بَادِرِي إلى الشَّفَاعَةِ، وأَسْرِعِي في الطَّلِبَةِ يا والِدَةَ الإِلهِ، المُتَشَفِّعَةَ دائمًا بِمُكَرِّمِيكِ.