موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٩ مايو / أيار ٢٠٢٤

الأحد الرابع المعروف بأحد السامرية 2024

بقلم :
الأب بطرس جنحو - الأردن
الأحد الرابع المعروف بأحد السامرية

الأحد الرابع المعروف بأحد السامرية

 

الرِّسالة


ما أعظَمَ أعمالَكَ يا ربّ. كلَّها بحكمةٍ صنعت

باركي يا نفسي الربَّ

 

فصل من أعمال الرسل القديسين الأطهار (أعمال الرسل 11: 19-30)

 

في تلكَ الأيام، لمَّا تبدَّدَ الرُّسُلُ من أجلِ الضيقِ الذي حصَلَ بسببِ استِفَانُس، اجتازُوا إلى فِينيقَيةَ وقُبُرسَ وأنطاكِيَةَ وهمُ لا يكَلِّمونَ أحداً بالكلمِةِ إلاَّ اليهودَ فقط. ولكنَّ قوماً منهم كانوا قُبُرسِيّين وقَيْروانيّين. فهؤلاءِ لمَّا دخَلُوا أنطاكيَةَ أخذوا يُكلِّمونَ اليونانيّينَ مُبشِّرينَ بالربِّ يسوع، وكانت يدُ الربِّ مَعَهم. فآمنَ عددٌ كثيرٌ ورَجَعوا إلى الربّ، فبلغ خبرُ ذلك إلى آذانِ الكنيسةِ التي بأورَشليم، فأرسَلوا بَرنابا لكي يجتازَ إلى أنطاكية. فلمَّا أقبَلَ ورأى نعمَةَ الله فَرِحَ ووعَظَهم كُلَّهم بأنْ يثبُتُوا في الربِّ بعزيَمةِ القلب، لأنَّه كانَ رجلاً صالحاً ممتَلِئاً مِن الروحِ القدُسِ والإيمان. وانضَمَّ إلى الربِّ جمعٌ كثيرٌ. ثمَّ خرَجَ بَرنابا إلى طَرسُوسَ في طلبِ شاوُل. ولمَّا وجَدَهُ أتى بهِ إلى أنطاكية، وتردَّدا معًا سنةً كامِلة في هذهِ الكنيسةِ وعلَّما جَمعًا كثيراً. ودُعَي التلاميذُ مَسيحيّين في أنطاكِية أوّلاً. وفي تلكَ الأيام انحدرَ من أورشليمَ أنبياءُ إلى أنطاكية، فقامَ واحدٌ منهم اسمه أغابُّوسُ فأنبأ بالروح أن ستكونُ مَجاعَةٌ عَظيمَةٌ على جميعِ المسكونة. وقد وَقَع ذلكَ في أيامِ كُلودُيوسَ قيصرَ، فَحَتَّمَ التلاميذُ بحسَبِ ما يتَيسَّرُ لكلِّ واحدٍ منهم أن يُرسِلوا خِدمةً إلى الإخوةِ الساكنِينَ في أورَشليم، ففعلوا ذلكَ وبعثوا إلى الشُيوخِ على أيدي بَرنابا وشَاوُلَ. 

 

 

الإنجيل

 

فصل شريف من بشارة القديس يوحنا (يوحنا 4: 5–42)

 

في ذلك الزمانِ أتى يسوعُ إلى مدينةٍ منَ السامرَةِ يُقالُ لها سُوخار، بقُربِ الضيعةِ التي أعطاها يعقوبُ ليُوسُفَ ابنهِ. وكانَ هُناك عينُ يعقوب. وكانَ يسوعُ قد تعِبَ مِنَ المَسير، فجلَسَ على العين، وكانَ نحوُ الساعةِ السادسة. فجاءتِ امرأةٌ منَ السامِرةِ لتستَقي ماءً. فقال لها يسوعُ: أعطيني لأشرَبَ- فإنَّ تلاميذَهُ كانوا قد مضَوا إلى المدينةِ ليَبْتاعوا طعاماً- فقالت لهُ المرأةُ السامريّة: كيفَ تَطلُبُ أن تشربَ مِنيِّ وأنتَ يهوديٌّ وأنا أمرأةٌ سامريَّة! واليهودُ لا يُخالِطونَ السامِريِّين؟ أجابَ يسوعُ وقالَ لها: لو عَرفتِ عَطيَّةَ اللهِ ومَن الذي قال لكِ أعطيني لأشربَ، لَطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيّاً. قالت له المرأةُ يا سيِّدُ إنَّهُ ليسَ معكَ ما تستقي بهِ والبئْرُ عميقةٌ، فَمِنْ أين لك الماءُ الحيُّ؟ ألعلَّكَ أنتَ أعْظَمُ مِنْ أبينا يعقوبَ الذي أعطانا البئرَ، ومنها شَرِبَ هو وبَنوهُ وماشيتُهُ! أجابَ يسوعُ وقالَ لها: كلُّ من يشرَبُ من هذا الماءِ يعطشُ أيضاً، وأمَّا مَن يشربُ من الماء الذي أنا أُعطيهِ لهُ لن يعطشَ إلى الأبد، بَلِ الماءُ الذي أُعطيِه لهُ يصيرُ فيهِ يَنبوعَ ماءٍ يَنبعُ إلى حياةٍ أبدّية. فقالت لهُ المرأةُ: يا سيِّدُ أعطني هذا الماءَ لكي لا أعطشَ ولا أجيءَ إلى ههنا لأستقي. فقالَ لها يسوعُ: إذهبي وادْعِي رجُلكِ وهَلُمِّي إلى ههنا. أجابتِ المرأةُ وقالت: إنَّهُ لا رجُلَ لي. فقال لها يسوعُ: قد أحسَنتِ بقولِكَ إنَّهُ لا رجُلَ لي. فإنَّهُ كان لكِ خمسَةُ رجالٍ والذي معَكِ الآنَ ليسَ رَجُلَكِ. هذا قُلتِهِ بالصِّدق. قالت لهُ المرأة: يا سيِّدُ، أرى أنَّكَ نبيٌ. آباؤنا سجدوا في هذا الجَبلِ وأنتم تقولون إنَّ المكانَ الذي ينبغي أن يُسجَدَ فيهِ هُوَ في أورشليم. قال لها يسوعُ: يا امرأةُ، صدِّقيني، إنَّها تأتي ساعةٌ لا في هذا الجبلِ ولا في أورَشَليمَ تسجُدونَ فيها للآب. أنتم تسجُدونَ لما لا تعلمون ونَحنُ نسجُدُ لما نعلَم، لأنَّ الخلاصَ هُوَ منَ اليهود. ولكن، تأتي ساعة وهيَ الآنَ حاضِرَة، إذ الساجدونَ الحقيقيُّونَ يَسجُدونَ للآبِ بالروح والحقّ. لأنَّ الآبَ إنَّما يطلُبُ الساجدينَ لهُ مِثلَ هؤلاء. اللهُ روحٌ والذين يسجُدون لهُ فبالروح والحقّ ينبغي أن يسجُدوا. قالت لهُ المرأةُ: قد عَلِمتُ أنَّ مَسيَّا، الذي يقالُ لهُ المسيحُ، يأتي. فمَتى جاءَ ذاك فهُوَ يُخبرُنا بكُلِّ شيءٍ. فقال لها يسوعُ: أنا المتكلِّمُ مَعَكِ هُوَ. وعندَ ذلكَ جاءَ تلاميذهُ فتعجَّبوا أنَّهُ يتكلَّمُ مَعَ امرأةٍ. ولكِنْ لم يَقُلْ أحدٌ ماذا تطلُبُ أو لماذا تتكلَّمُ مَعَها. فترَكتِ المرأة جرَّتها ومضَتْ إلى المدينةِ وقالت للناس: تعالَوا انظروا إنساناً قالَ لي كُلَّ ما فعلت. ألعلَّ هذا هُوَ المسيح! فخرجوا من المدينة وأقبلوا نْحوَهُ. وفي أثناء ذلكَ سألَهُ تلاميذُهُ قائلينَ: يا مُعلِّمُ كُلْ. فقالَ لهم: إنَّ لي طعاماً لآكِلَ لستم تعرِفونهُ أنتم. فقالَ التلاميذُ فيما بينهم: ألعلَّ أحداً جاءَهُ بما يَأكُل! فقالَ لهم يسوعُ: إنَّ طعامي أنْ أعمَلَ مشيئَةَ الذي أرسلَني وأُتِّممَ عملَهُ. ألستم تقولون أنتم إنَّهُ يكونُ أربعةُ أشهر ثمَّ يأتي الحصاد؟ وها أنا أقولُ لكم ارفَعُوا عيونَكُم وانظُروا إلى المزارع، إنَّها قدِ ابيَضَّتْ للحَصاد. والذي يحصُدُ يأخذُ أجرةً ويجمَعُ ثمراً لحياةٍ أبدَّية، لكي يفرَحَ الزارعُ والحاصدُ معًا. ففي هذا يَصْدُقُ القولُ إنَّ واحداً يزرَعُ وآخرُ يَحصُد. إنّي أرسلتُكُم لِتَحصُدوا ما لم تتعَبوا أنتم فيه. فإنَّ آخرينَ تَعِبوا وأنتُم دخلتُم على تَعبِهم. فآمنَ بهِ من تلكَ المدينةِ كثيرونَ مِنَ السامريّينَ من أجلِ كلامِ المرأةِ التي كانت تشهَدُ أن قدْ قالَ لي كلَّ ما فعلت. ولمَّا أتى إليهِ السامريُّونَ سألوهُ أن يُقيمَ عِندهُم، فمكَثَ هناكَ يومين. فآمنَ جَمعٌ أكثرُ من أولئكَ جدّاً من أجل كلامِهِ، وكانوا يقولونَ للمرأةِ: لسنا من أجل كلامِكِ نُؤمنُ الآن، لأنَّنا نحنُ قد سمعْنا ونَعْلَمُ أنَّ هذا هُوَ بالحقيقيةِ المسيحُ مُخلِّصُ العالَم.

 

 

بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد.أمين

 

المسيح قام... حقاً قام

 

جاء يسوع إلى مدينة من السامرة اسمها سوخار، بقرب القرية التي أعطاها يعقوب ليوسف أبنه. المنطقة بأكملها من يهودا إلى الجليل تسمى السامرة.

 

حصلت على اسمها من جبل السامرة. ولا تزال الطريق من القدس إلى الجليل تمر عبر سوخار. هناك قطعة أرض اشتراها يعقوب من بني إيمور وبنى هناك مذبحًا دعاه "إله إسرائيل". وبعد ذلك أعطى يعقوب هذه الأرض لابنه يوسف.

 

وكانت عين يعقوب هناك، وكان يسوع قد جاء من السفر واقفا عند العين وكانت الساعة نحو الساعة السادسة. هذا المصدر يحمل اسم يعقوب إما لأن جدنا يعقوب كان يعيش بالقرب من هذه البئر مع قطعانه أو لأنه حفر هذه البئر بنفسه.

 

وإذ كان الرب قد تعب من الطريق المنحدر والصاعد من أورشليم إلى هناك، جلس عند البئر ليستريح.  وصل الرب إلى هناك وقت غروب الشمس واشتداد الحر. لقد كان مجتهدًا في مسيرته من أجل خلاصنا، كما حدث لاحقًا عندما صعد على الصليب.

 

لماذا لم يسافر ليلا عندما كان الجو باردا؟ وكانت ليالي الرب مكرسة للصلاة. وإذا افترضنا في هذه الحالة بالذات أنه سيسافر ليلاً، فإن الإنجيل سيكون أكثر فقراً بحدث واحد وبإعلان مفيد للغاية ومنقذ للحياة.

 

كان يسافر نهارًا، سيرًا على الأقدام، على الطرق المرتفعة والشديدة الانحدار وفي الحر الشديد متعبًا وعطشانًا، لأنه كان في عجلة من أمره للاستفادة من كل لحظة من حياته الأرضية، ليلًا ونهارًا من أجل خلاصنا.

 

جاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء. هذا ما يقوله يسوع: أعطيني لأشرب . ويؤكد الإنجيلي أن المرأة كانت سامرية، لأن اليهود وصفوا السامريين بالوثنيين.

 

أعطيني أشرب، قال لها الرب. وكان متعبًا وعطشًا، علامة على أن جسده كان حقًا جسدًا بشريًا وليس تمثالًا كما يزعم بعض الهراطقة. كما بكى جسده على الناس، كما تألم من آلامه على الصليب، هكذا شعر بالجوع والعطش. إذا أراد ذلك، فيمكنه بالتأكيد التغلب على هذه الحاجة، والتخلص منها. ويستطيع بقدرته الإلهية أن يوقفها لبعض الوقت، أو حتى أن يلغيها نهائياً. ولكن كيف سيظهر أنه شخص حقيقي؟ كيف يمكن أن "يشبه الإخوة في كل شيء" كيف يسميهم إخوته؟

 

وكيف يعلمنا الصبر والثبات في الضيقات، لو لم يكن هو نفسه قد تألم واحتمل الضيقات والتجارب؟ وأخيرًا هل كان من الممكن أن يكون لانتصاره النهائي ذلك التألق الذي يقوينا وينيرنا في صعوبات حياتنا، لو لم يكن هو نفسه قد احتمل كل شيء أولًا وإلى أعلى درجة؟

 

قد يتساءل المرء: "كيف أن ذاك الذي استطاع أن يكثر الأرغفة ويمشي على الماء، كما على أرض صلبة، لم يستطع، بعد هذه الرحلة الشاقة والطويلة، أن يصل بكلمة واحدة من كلماته (أو بفكر منه)"؟ فجأة تفتح ينبوع ماء في الصخر أو في الرمل وتروي عطشه؟

 

بالتأكيد هذا ينتمي إلى قوته. فعل موسى هذا في الصحراء. وقد فعل ذلك كثير من القديسين باسمه منذ وجود كنيستنا. فكيف لا يفعل ذلك بنفسه؟

 

كان يستطيع ذلك لكنه لم يرغب في ذلك. ولم يصنع معجزة واحدة قط من أجل نفسه، ليطعم أو يسقي أو يكسو نفسه. لقد صنع كل المعجزات من أجل الآخرين. ليس هناك ظل للأنانية في حياته. وحتى عندما هرب طفل صغير لتجنب سيف هيرودس، لم يفعل ذلك من أجل نفسه، بل من أجل الشعب. ولم يكن وقته قد حان بعد.

 

ولكن عندما أكمل عمله بين البشر، لم يحاول تجنب الموت، ولم يهرب. وبدلا من ذلك، ذهبت لمقابلته. كل كلمات المسيح وكل سلوكه وكل عمل قام به طوال حياته الأرضية، كان يسترشد بحبه اللامحدود للناس، وكذلك بحكمته اللامحدودة.

 

أعطني شرابا. هذا ما يطلبه الخالق من مخلوقه. ظلت هذه الكلمات تتردد منذ ألفي عام. ولم يقل هذه الكلمات للمرأة السامرية فحسب. إنها موجهة إلى جميع أجيال الناس حتى نهاية العالم.

 

أعطني لأشرب، يقول المسيح لكل واحد منا اليوم. إن خالق الماء الذي يرزق البحار والمحيطات والأنهار والينابيع، لا يقول هذا لأنه عطشان للماء. إنه متعطش لإرادتنا الصالحة، ولمحبتنا. عندما نعطيه شيئًا، فهو ليس من عندنا، بل من عنده. كل كوب ماء على وجه الأرض هو له، وهو خلقه.

 

مقابل كل كأس ماء بارد نقدمه لإخوته الصغار، فقد دفعه بدمه النقي. ولكنه بتواضعه الذي لا ينضب ولا يضاهى، لا يطلب من المرأة السامرية خالقًا من خليقته، بل كإنسان من إنسان. هكذا يظهر لنا اتضاعه ويكشف عن طبيعته البشرية المحدودة والفقيرة. من حق الإنسان أن يطلب شيئًا من شخص آخر، كما أنه من واجبه أن يخدم الشخص الآخر ويرحمه.

 

وكان تلاميذه ذهبوا إلى المدينة ليشتروا طعاماً. لم يكن الرب متعبًا وعطشانًا فحسب، بل كان جائعًا أيضًا مثل تلاميذه. وهذا أيضًا دليل آخر على أنه كان رجلاً حقيقيًا، وأنه لم يصنع المعجزات في الحالات التي لم تكن فيها المعجزات تعمل من أجل الخير العام من أجل خلاص الناس.

 

ويذكر الإنجيلي يوحنا غياب التلاميذ ليوضح لماذا طلب الرب من المرأة الماء. ولو كان الطلاب هناك لاستقوا الماء، فلا داعي لذكر المرأة. في كل الأحوال أرادت العناية الإلهية أن تخلق الفرصة لتعليمنا، حتى أننا عندما نواجه عدونا في حاجته، يمكننا مساعدته.

 

وعندما تكون أمتنا في حالة عداوة مع الشعوب المجاورة، فلا ينبغي لنا كبشر أن نجرؤ على توسيع العداء لكل فرد من أفراد تلك الأمة. عندما تتاح لنا الفرصة، فمن واجبنا أن نساعد كل شخص محتاج، بغض النظر عما إذا كان ينتمي إلى أمتنا أم لا.

 

فقالت له المرأة السامرية: كيف يمكنك أن تطلب مني لتشرب وأنت يهودي وأنا سامرية؟ لأن اليهود لا يخالطون السامريين. كان لدى المرأة رأي كان لدى الجميع في عصرها، وهو أنه لا ينبغي للإنسان أن يكره أمة معادية فحسب، بل يجب أيضًا أن يكره كل شخص ينتمي إلى تلك الأمة. وفي مثل السامري الصالح، أشار الرب إلى عداوة اليهود وبغضهم تجاه السامريين.

 

وهذه الحقيقة تفسر سبب شعور السامريين بنفس الكراهية تجاه اليهود. لكسر حاجز الكراهية بين الأمم، يجب أولاً كسر الحاجز الذي يخلق الكراهية بين الناس. هذه هي الطريقة المنطقية الوحيدة لشفاء الجنس البشري من مرض الكراهية المتبادلة الكبير.

 

أجاب يسوع وقالت: قد رأيت عطية الله، وهو الذي قال لك اسقيني إن كنت قبلته وأعطاك ماءً حياً. يجب أن تُفهم عطية الله بالمعنى المادي والروحي. من وجهة النظر المادية، يجب أن تُفهم عطية الله على أنها تشير إلى كل ما خلقه الله في صلاحه وأعطاه للاستخدام والمساعدة للإنسان.

 

إذا كنت تعلمين، أيتها المرأة، أن هذا الماء ليس للسامريين ولا لليهود، بل لله، إذا كنت تعلمين أن الله عندما خلق هذا الماء لم يضع علامات تقول: "هذا للسامريين" أو "لأجل". "لليهود"، بل "للشعب"، فتستقي هذا الماء برهبة، لأنه عطية من الله، وتسقيه للعطشان برهبة أعظم، إذ تقدمه لرب الله. مخلوق . العالم كله هبة الله للإنسان، والإنسان هبة الله للعالم. روحياً الآن عطية الله هي الرب نفسه.فالله، بتسليمه العالم المرئي بأكمله للإنسان من منطلق محبته يعطيه نفسه.

 

لو عرفتِ، أيتها المرأة، ما هي العطية الثمينة التي أرسلها الله لليهود والسامريين، وكذلك لجميع الشعوب الأخرى بلا استثناء، لارتعدت نفسك.

 

ستبكي من الفرح، وتعجز عن الكلام من الإعجاب، ولا تجرؤ حتى على التفكير في العداوة والكراهية المتبادلة بين اليهود والسامريين.

 

واعلم أنه لو انكشفت لك كل أسرار الذي يتحدث معك الآن، ذلك الذي تعتبره، بحكم مظهره الخارجي، إنسانًا عاديًا، من ملابسه وطريقة تعامله. يتكلم تعتبره يهوديا، أنت لو كنت هو وأعطاك ماء الحياة.

 

يقصد الرب بماء الحياة قوة الروح القدس المنيرة التي وعد بها المؤمنين. من آمن بي تجري من بطنه أنهار ماء حي. ولم يقل هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. لكن المرأة لم تكن تعلم ولم تفهم شيئاً من هذا ولهذا ظلت تسأل:

 

"قالت له المرأة: يا سيد، ليس لك ينبوع، والبئر عميقة، فمن أين لك الماء الحي؟ أليس أبونا يعقوب الذي أعطانا البئر فشرب منها هو وبنوه وقرابته. ليس لديك خدم، ليس لديك وعاء، البئر عميقة. فكيف تستقي الماء البارد المحيي؟ رأت المرأة الرب تحت غطاء الجسد البشري، واعتبرته بشرًا عاديًا، ورجلًا عاجزًا. وماء الحياة، آنذاك والآن، يسمى الماء الذي يخرج من العين، على عكس الماء الذي نسحبه من الآبار والصهاريج.

 

ولكن هناك أيضًا ماء بئر يسمى الماء الحي البارد، عندما يتغذى هذا البئر من نبع. ويقع المصدر في قاع البئر، ومنه يتدفق الماء ويملأه.

 

"أجاب يسوع وقالت: من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً، ومن يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء متغيراً إلى الأبد" الحياة" (يوحنا 4: 13، 14). الرب لا يجيب المرأة بالطريقة التي تريدها. لن يخبرها بمدى تفوقه على يعقوب.

 

يرى سبب سوء التفاهم بينه وبين المرأة، لكن المرأة لا تراه. ويأتي سوء الفهم من حقيقة أنه يتحدث معها عن الماء الروحي المحيي. ولكن يتم تعليم المرأة أن تفكر بالإدراك الأرضي، الذي تشعر به الحواس أيضًا. إنها تفهم الماء الذي يمكنها رؤيته، والذي خلقه الله لإرواء العطش الطبيعي بشكل مؤقت.

 

الماء الحي الذي تكلم عنه الرب هو النعمة الإلهية المحيية التي تحيي النفس وتروي عطشها، وتقودها إلى الحياة الأبدية، وهي لا تزال في الحاضر. عندما تدخل هذه النعمة المحيية إلى الإنسان، تفتح فيه نبعًا لا ينضب من الحياة والفرح والقوة.

 

 

الطروباريات

 

طروباريَّة القيامة باللَّحن الرابع

إنّ تلميذاتِ الربّ تَعلَّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخِراتٍ وقائلات: سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنح العالَمَ الرَّحمةَ العُظمى.

 

طروباريَّة نصف الخمسين باللَّحن الثامن

في انتصاف العيدِ اسْقِ نفسي العَطْشَى من مياهِ العبادَةِ الحسنةِ أيّها المُخَلِّص. لأنّك هتفت نحو الكلّ قائلاً: من كان عطشانَ فليأتِ إليَّ ويشرب. فيا ينبُوعَ الحياة، أيُّها المسيحُ إلهنا، المجد لك.

 

قنداق الفصح باللَّحن الثّامن

ولَئِن كنتَ نزَلتَ إلى قبر يا مَن لا يموت، إلّا أنَّك درستَ قوَّة الجحيم، وقمتَ غالباً أيُّها المسيحُ الإله. وللنِّسوةِ حاملاتِ الطِّيب قلتَ افرحنَ، ولِرسُلِكَ وَهبتَ السلام، يا مانحَ الواقعينَ القيام.