موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الرِّسالَة
رتِّلوا لإلهنا رتّلوا
يا جميعَ الأممِ صفِقّوا بالأيادي
فصل من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس (1 كو 15: 1-11)
يا إخوةُ، أعرِّفُكم بالإنجيلِ الذي بشرَّتُكم بهِ وقَبِلتُموهُ وأنتمُ قائمون فيهِ، وبهِ أيضاً تَخلُصون إن حافظتم على الكلام الذي بشَّرتُكم بهِ، إلّا أن تكونوا قد آمنتم باطلاً. فإنّي قد سلَّمتُ إليكم أوّلاً ما تَسلّمته، وهو أنَّ المسيحَ ماتَ من أجلِ خطايانا على ما في الكتب، وأنَّه قُبِرَ وأنَّهُ قامَ في اليومِ الثالثِ على ما في الكُتب، وأنَّهُ تراءَى لصَفا ثمَّ للاِثنَي عَشَر، ثمَّ تراءَى لأكثرَ من خمسمِائة أخٍ دفعَةً واحِدةً أكثَرُهم باقٍ إلى الآن وبعضُهم قد رقدوا. ثمَّ تَراءى ليعقوبَ ثمَّ لجميع الرسل، وآخِرَ الكُلِ تَراءى لي أنا أيضاً كأنَّهُ للسِّقط، لأنّي أنا أصغَرُ الرسُلِ ولستُ أهلاً لأنْ أُسمَّى رسولاً لأنّي اضطهدتُ كنيسةَ الله، لكنّي بنعمةِ الله أنا ما أنا. ونعمتُهُ المعطاةُ لي لم تكن باطِلةً، بل تعبتُ أكثرَ من جميعهم، ولكن لا أنا بل نعمةُ اللهِ التي معي. فسَواءٌ أَكنتُ أنا أم أولئكَ، هكذا نكرِزُ وهكذا آمنتُم.
الإنجيل
فصل من بشارة القديس متى (متّى 19: 16-26)
في ذلك الزمان دنا إلى يسوعَ شابٌّ وجثا له قائلاً: أيُّها المعلّمُ الصالحُ ماذا أعملُ مِنَ الصلاح لتكونَ لي الحياةُ الأبديَّة؟ فقال لهُ: لماذا تدعوني صالحاً وما صالحٌ إلَّا واحدٌ وهُوَ الله. ولكِنْ إنْ كنت تريد أن تدخُلَ الحياة فاحْفَظِ الوصايا. فقال لهُ: أيَّةَ وصايا. قال يسوع: لا تقتُلْ، لا تزنِ، لا تسرِقْ، لا تشَهدْ بالزور، أكرِمْ أباك وأمَّك، أحبِب قريبَك كنفسِك. قال لهُ الشابُّ: كلُّ هذا قد حفِظتُهُ منذ صبائي، فماذا يَنقُصُني بعدُ؟ قال لهُ يسوعُ: إنْ كنتَ تريد أنْ تكونَ كامِلاً فاذْهَبْ وبِعْ كلَّ شيءٍ لك وأعْطِهِ للمساكين فيكونَ لك كنزٌ في السماءِ وتعالَ اتبعني. فلَّما سمع الشابُّ هذا الكلامَ مضى حزيناً لأنَّه كان ذا مالٍ كثير. فقال يسوع لتلاميذهِ: الحقَّ أقول لكم إنَّهُ يعسُرُ على الغنيِّ دخولُ ملكوتِ السماوات. وأيضاً أقول لكم إنَّ مُرورَ الجَمَلِ من ثَقْبِ الإبرةِ لأسْهلُ من دخولِ غنيٍّ ملكوتَ السماوات. فلَّما سمع تلاميذهُ بُهتوا جدًّا وقالوا: مَن يستطيع إذَنْ أن يخلُصَ؟ فنظر يسوعُ إليهم وقال لهم: أمَّا عندَ الناسِ فلا يُستطاعُ هذا، وأمَّا عند اللهِ فكلُّ شيءٍ مُستطاعٌ.
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.
أنه لأمر صادم أن يقترب شاب من المسيح ويطلب الحياة الأبدية. لا يسع المرء إلا أن يحب هذا الشاب الذي عانى كثيراً لكي يخلص ويحصل على الحياة الأبدية.
نلاحظ هذه الحقيقة لأن الشباب، الذين يرون الحياة تتكشف أمامهم، لا يرون سوى الحاضر والمستقبل القريب، ويسعون إلى التمتع بكل الخيرات التي يقدمها لهم العالم، ويسعون إلى إشباع كل الملذات. بالطبع هذا ليس مطلقا لأن هناك أيضا شباب يبحثون عن إجابات للمشاكل الداخلية.
أعتقد أنه على الرغم من المشاكل المختلفة التي يواجهها شبابنا اليوم، ورغم أنهم أكثر صدقًا من البالغين، إلا أنهم مستعدون للاعتراف بخطئهم وقبول آراء محاوريهم، فهم يتمتعون بحساسية أكبر من الأعمار الأخرى. ولهذا السبب أشعر بسعادة أكبر عندما أتحدث إلى الشباب، وذلك على وجه التحديد لأنهم لم يتوصلوا بعد إلى تسوية.
أظهر المسيح للشاب طريق الكمال. هناك درجتان من الكمال. أحدهما تمهيدية، وهي حفظ وصايا المسيح، والأخرى هو الحب الشامل لله وللناس.
أول ما قاله المسيح للشاب هو: "احفظ الوصايا". وصايا الله تشبه الأدوية التي يصفها الأطباء، فكما أن الأدوية المادية تشفي الجسد، كذلك الوصايا تشفي النفس البشرية. وكما أن الطبيب عندما يمنع طعامًا يفعل ذلك حبًا في حفظ الصحة أو استعادتها، كذلك المسيح يعطي أوامره بالمحافظة على صحة النفس أو استعادتها وفي كثير من الأحيان صحة الجسد أيضًا.
الأمر الثاني الذي قاله المسيح للشاب هو: "بع ما لك وأعطه إلى الفقراء... واتبعني". أي أنه حثه على الانفصال عن الارتباط بالخيرات المادية ومشاركتها مع الآخرين واتباع المسيح المتحرر منها. وتشمل هذه الفئة جميع القديسين والأنبياء والرسل والشهداء، إذ قدم كل واحد منهم تضحية عظيمة في حياته وقدم نفسه لله.
لذلك، لكي نحصل على الحياة الأبدية، لا بد من اتباع هاتين المرحلتين المحددتين، أي حفظ الوصايا، التي بها يتطهر القلب، وإنكار الذات الكامل. يجب أن نبدأ هذه الرحلة وسنكون شيئًا فشيئًا مستعدين لتقديم شيء أكثر للمسيح. كثير من المسيحيين يبدأون بشكل جيد، ويكتسبون بعض الفضائل ثم يتوقفون. ومع ذلك فإن الطريق إلى الكمال مستمر. قد يبدو هذا صعبا، لكن المسيح قال إن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله. من الجدير أن نفعل كل شيء لتذوق الحياة الأبدية. كل شيء آخر هو عديم الجدوى وعابر.
إن حوار الناس مع المسيح دائمًا ما يكون وحيًا، لأن طاقته تتغلغل في وجودهم، وتكشف أعماق عالمهم الداخلي، وتثير مفاجأة عظيمة. في الواقع يدخل المسيح بالحب والحنان إلى قلب الإنسان ويخلق المفاجآت والأسئلة. وهكذا يتم الحفاظ على الحب والحرية.
وهذا ما حدث أيضًا مع شاب المقطع الإنجيلي الذي صاغ سؤالين متتابعين للمسيح، وتابع تلاميذ المسيح سؤالًا ثالثًا.
السؤال الأول كان: "أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل من الصلاح لتكون لي الحياة الأبدية؟". يتضمن هذا السؤال نقطتين مهمتين. الأول هو هدف حياته الجديدة وهو الحصول على الحياة الأبدية، والثاني هو الوسيلة التي بها سيحصل عليها. لقد طلب الشاب قبل كل شيء أن يتعلم عن الطريقة التي يدخل بها إلى الحياة الأبدية، أي إلى الفردوس. وهذا أمر طبيعي لأن الأولوية في كل علم هي للطريقة التي يتم من خلالها الوصول إلى النتيجة المتوقعة. في هذا السؤال أشار المسيح إلى حفظ وصايا الله للوصول إلى الحياة الأبدية.
وكان السؤال الثاني للشاب: "ما الذي أفتقده؟. هذا سؤال مهم، لأنه لا ينبغي للمرء أن يظل في حالة ركود، ولا يمكن للمرء أن يسترخي فيما يفعله. إن الطريق إلى الحياة الأبدية يحتاج إلى حركة مستمرة، أي الخروج من ذواتنا، والتحرر من الأنانية، وطريق إلى الأبدية التي ليس لها نهاية. يتحدث آباء الكنيسة عن الاكتمال الدائم. كل توقف لنعجب بأنفسنا ونقيس نتائج السباق هو سقوط. في هذا السؤال، أشار المسيح إلى التحرر الكامل من الخيرات المادية، لأنه في مثل هذه الرحلة المستمرة نحو الله، يجب على الإنسان أن يتحرر من الإدمان، يجب أن يتحرر من قانون الجاذبية، جاذبية الأرض.
السؤال الثالث جاء من تلاميذ المسيح، إذ رأوا عجز الشاب عن إنكار الأشياء المادية واتباع المسيح. وكان سؤال التلاميذ: "كيف يمكن أن يخلص؟". بمعنى إذا كان الأغنياء الذين يركزون اهتمامهم على السلع المادية، على الثروة، من المستحيل خلاصهم، فمن يستطيع أن يخلص؟ يرتبط هذا السؤال بالرأي السائد في ذلك الوقت بين اليهود، وهو أن الخيرات المادية هي نعمة من الله على الناس، وأن الأغنياء لهم فضل خاص من الله. وهذا بالطبع لا ينطبق اليوم. لكن الإنسان في نضاله من أجل غلبة الأبدية، ونيل الخلاص، يشعر بالضعف والعجز. وهذا الطريق طويل ووعر وخطير لأنه مليء بالصعوبات. فهو يحتاج إلى المساعدة ولهذا أجاب المسيح أن هذا غير ممكن عند البشر، ولكن عند الله كل شيء مستطاع. هذا يعني أننا نكافح بنعمة الله وأن الطريق إلى الخلاص ليس إنجازنا الخاص، بل عطية الله لأولئك الذين يكافحون.
لكن حوار الإنسان مع المسيح هو حوار خلاق وفعال ومخلص. لذلك ينبغي أن نطلب من المسيح في الصلاة أن نتواصل معه، ولأن ذلك صعب لأسباب مختلفة، ينبغي أن يكون لنا حوار مع أصدقاء المسيح، وهم القديسين، ورجال الدين المرتبطين بالمسيح والشركة معه، لقراءة الكتاب المقدس وأعمال آباء الكنيسة.
لسوء الحظ، الناس اليوم وخاصة الشباب، ليس لديهم مثل هذه المهام الروحية، فهم غير مهتمين بتقدمهم العقلي والروحي، ولا حوار مع المسيح وأصدقائه. أسوأ ما في الأمر أن حوارات الناس اليوم تدور حول أشياء وضيعة للغاية، عن تفاصيل حياتنا، عن أشياء قليلة الأهمية.
يجب أن نبدأ الحوار مع المسيح وأصدقائه حول مستقبلنا الأبدي، لأن الإجابات التي سنتلقاها ستملأ عالمنا الداخلي بالسلام والحياة.
ظهر المسيح للشاب الذي اقترب منه، وسأله عما يجب أن يفعله للحصول على الحياة الأبدية، بدايةً حفظ الوصايا التي أعطاها بنفسه لموسى، ثم حثه على بيع ممتلكاته وإعطاء المال حيث يشاء. اجمعوا للفقراء واكتسبوا بذلك كنوزًا في السماء. لأنه، كما قال، يصعب جداً على الأغنياء أن يدخلوا ملكوت الله.
وبقراءة هذا النص بعناية، يلاحظ المرء أن الحياة الأبدية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسماء وملكوت الله. الحياة الأبدية ليست مجرد نهاية الحياة البيولوجية وحياة العالم المخلوق، والسماء ليست الغلاف الجوي المحيط بالأرض أو الفضاء، وملكوت الله ليس حقيقة مخلوقة، بل الحياة مع الله والرؤية والمشاركة من نور الله. أن ملكوت الله هو مجد الله ونوره، وهذا النور يسمى السماء. إن المشاركة في هذا النور تسمى الحياة الأبدية، لأنه لن يكون هناك نهاية.
يكتب الرسول بولس إلى مسيحيي كورنثوس أنه إذا هدم بيتنا الأرضي، أي جسدنا، فلنا في السماء بناء من الله، بيت أبدي غير مصنوع بأيدٍ. إن البيت الأبدي في السماء لم تصنعه الأيدي، أي أنه لم يتم بناؤه بأيدي البشر، إنه مجد الله. ويمكن رؤية هذا المعنى الروحي في مقطع آخر من الرسول بولس إلى تيموثاوس، حيث يكتب أنه يحتمل كل شيء من أجل مختاري الله "لكي ينالوا هم أيضًا الخلاص في المسيح يسوع بعد المجد الأبدي". في هذا المقطع يرتبط الخلاص في المسيح ارتباطًا وثيقًا بالمجد الأبدي.
الطروباريات
طروبارية القيامة باللحن الثالث
لتفرح السماويّات، ولتبتهج الأرضيّات، لأنّ الربّ صنع عزّاً بساعده، ووطيء الموت بالموت، وصار بكر الأموات، وأنقذنا من جوف الجحيم، ومنح العالم الرحمة العظمى.
قنداق ميلاد السيّدة باللّحن الرابع
إنَّ يُواكِيمَ وَحَنّةَ مِن عارِ العُقْرِ أُطْلِقا، وَآدمَ وَحوّاءَ مِن فَسادِ المَوتِ بِمَولِدِكِ المُقَدَّسِ يا طاهرةُ أُعتِقا. فَلَهُ يُعيِّدُ شعبُكِ وقد تَخلّصَ مِن وَصْمَةِ الزلّات، صارِخًا نَحوَكِ: العاقِرُ تَلِدُ والدةَ الإلهِ المُغَذِّيَةَ حَياتَنا.