موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢٣ مايو / أيار ٢٠٢٣
محبة الله تجلّت في سر التجسد من مريـم العذراء
إنه لسر عظيم "الله صار بَشَراً" (يوحنا ١: ١٤)

إنه لسر عظيم "الله صار بَشَراً" (يوحنا ١: ١٤)

المطران كريكور اوغسطينوس كوسا :

 

قال القديس لوقا الانجيلي: في الشهر السادس (من الحبل بيوحنا)، أرسل الملاك جبرائيل من قبل الله، إلى مدينة في الجليل تسمى الناصرة، إلى عذراء مخطوبةٍ لرجل اسمه يوسف من بيت داود، واسم العذراء مريم. فلمّا دخل الملاك اليها، قال لها: "السلام عليك يا ممتلئة نعمة، الرب معك". فاضطربت مريم وجعلت تفكّر ما عسى أن يكون هذا السلام؟ طمأنها الملاك على حفظ بتوليتها، مؤكدًا لها أن هذا السر يتم في أحشأئها بقوة الروح القدس. فثقت بكلامه، وقالت متضعةً: "ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك، وانصرف الملاك من عندها" (لوقا ١: ٢٦-٣٨).

 

فبذلك أوضح لنا لوقا الانجيلي، بأجلى وضوح، عن حقيقة سر التجسد الإلهي التي عليها يرتكز إيمانُنا والدين المسيحي خاصةً. إنها أجمل بُشرى تزفُّها السماء إلى الأرض. وبها أتمَّ الله وعده بخلاص الجنس البشري بعد معصيته وسقوطه في الخطيئة، إذ قال للحية (إبليس): "وأجعل عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها، فهو يسحق رأسك..." (تكوين ٣: ١٥)، "ولما بلغ ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من إمرأةٍ، مولودًا تحت الناموس" (غلاطيه ٤: ٤).

 

وقد وعد الله ابراهيم بأن المخلص يأتي من نسله. وقال بلسان موسى: "إنّ الرّب يقيم لكم مخلِّصًا من اخوتكم". "والكلمة صار بشراً فسكنَ بيننا" (يوحنا ١: ١٤). وقد اعطى الملاك للعذراء علامة وهي حبل نسيبتها اليصابات العاقر بيوحنا (لوقا ١: ٣٦-٣٧) الذي ندعوه السابق، والذي أتى ليعد طريق الرّبّ، على ما كُتِبَ في سفر النبي أشعيا: "أعدوا طريق الرّبّ، وأجعلوا سُبُلَهُ قويمة" (لوقا ٣: ٤). فقالت مريم: "ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك" (لوقا ١: ٣٨).

 

وقد حفلت النبوءات بسر التجسد منذ القديم، وحسبنا آية اشعيا الشهيرة: "ها إنّ العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل" (اشعيا ٧: ١٤). وقد تمَّ هذا السر في أحشاء سيدتنا مريم العذراء بقوة الروح القدس. فَأَتحَذ الكلمةُ الازلي طبيعتَنا البشرية بأقنومه الإلهي القائم بطبيعته الإلهية والبشرية، كاملتين متميزتين بفعليهما الإلهي والبشري، لخلاص العالم وسلامه "لقد أحبَّ يسوع خاصته الذين في العالم، فبلغ به الحُبُّ لهم إلى أقصى حدوده" (يوحنا ١٣: ٢) و"ليس لأحدٍ من حُبٌّ أعظم من أن يبذلَ نفسه في سبيل أحبائه" (يوحنا ١٥: ١٣).