موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٨ مايو / أيار ٢٠٢٣
مريم العذراء في العنصرة

المطران كريكور اوغسطينوس كوسا :

 

نقرأ في الكتاب المُقدّس، وتحديدًا في سفر أعمال الرُسُل: "وكانوا (جماعة الرُسُل) يواظبون جَميعًا على الصلاة بقلبٍ واحدٍ، مع بعض النسوة ومريم أُمّ يسوع ومع إخوته" (أعمال ٢: ١٢).

 

"ولمّا أتى اليوم الخمسون، كانوا مجتمعين كُلُّهم في مكانٍ واحد، فانطلق من السماء بغتةً دَويٌّ كريح عاصفة، فملأ جوانب البيت الذي كانوا فيه، وظهرت لهم ألسنةٌ كأنها من نارٍ فانقسمت فوقفت على كلٍّ منهم لسان، فامتلأُوا جَميعًا من الرُّوح القُدُس، وأخذوا يتكلمون بالغاتٍ غيرِ لغتهم، على ما وهب لهم الرُّوح القُدُس أن يتكلّموا (اعمال الرُسُل ٢: ٤).

 

من خلال هذه الآيات ونحن نحتفل بعيد العنصرة، حلول الرُّوح القدس على التلاميذ، وقد مستهم النار الإلهية وأُفيض روح الله عليهم (اعمال الرُسُل ٢: ١٧) نستخلص:

 

١- في بداية مسيرة الكنيسة المقدسة، وحتى يومنا هذا، هناك علامة فارقة وهي: "العذراء مريـم القدّيسة"، فهي كانت ولا تزال قبل كل شيء الأُمّ التي ترافق أبناءها في مراحل حياتهم، وخاصةً أثناء الحروب والإضطهادات والشدائد والصعوبات.

 

٢- في العنصرة نجد هناك مريـم العذراء مع الرسل الذين يمثلون النسل الجديد، أي العهد الجديد. وكانت في وسطهم، عندما كانوا يرفعون الصلاة ليحل الرُّوح القُدُس عليهم ليمنحهم القوة، لينطلقوا مع الكنيسة الناشئة للحياة الجديدة بالبشارة.

 

٣- حَقًا كانت مريـم العذراء واقفة بين التلاميذ تُصَلِّي معهم للروح القُدُس، فحضورها ملازم لعمل الرُّوح القُدُس في الكنيسة وفينا، في كل واحدٍ مِنّا، أينما كُنَّا... فمريم العذراء، هي الذاكرة التي حفظت أسرار يسوع في ذاكرة متنقلّة حيّة من جيل إلى جيل، بقدر ما ندخل مدرسة مريـم، بقدر ما ندرك عمل يسوع بقلبها الطاهر.

 

٤- لولا وجود مريـم العذراء في عُلية صهيون لما كانت العنصرة، لأن مريـم "الممتلئة نعمةً" (لوقا ١: ٢٨) هي التي أحدثت العنصرة بنعمةِ إبنها يسوع، وبقوة الرُّوح القُدُس...

 

٥- مريم العذراء رسولة الثالوث الأقدّس: فهي بنت الله الآب، وأُم الابن المُخلّص والفادي، وعروسة الرُّوح القُدُس، هي ومع إبنها يسوع تُرسل التلاميذ، هي حارسة وضامنة إستمرار البشارة والرسالة... فبدون الرسالة المريـمية لا قيام ولا ونجاح اي رسالة مسيحية.

 

٦- شُبهّت مريم بالعليقة المُلتهبة التي جعلت في ذاتها نار الألوهية "شعلة محبة قلب مريـم الطاهر" حيث في العُليّة حققت البشارة وتُحقّقها في العهد الجديد إلى المجيء الثاني لإبنها.

 

 

صلاة:

 

تعالَ أيُّها الرُّوح القُدُس، تعالَ بالشفاعة القادرة لقلب مريـم الطاهر عروستك المحبوبة جدًا. تعالَ وقدّس نفوسنا ونقيّ ضمائرنا وطهّر قلوبنا، واجعلها هيكلاً لله ومسكنًا للثالوث الأقدّس. يا أُمّ الله وأمته أُغمري بإيمانٍك الكنيسة والعالم بشفاعةِ محبة قلبك الطاهر المملوء من النِّعَم، الآن وكُل أوان وإلى دهرِ الداهرين.