موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر السبت، ٧ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٣
المنظمات الإنسانية غير الحكومية تواجه معضلة في أفغانستان بعد حظر عمل النساء فيها
عاملات أفغانيات يحضرن الخبز في مكان عمل لبيعه في سوق في قندهار

عاملات أفغانيات يحضرن الخبز في مكان عمل لبيعه في سوق في قندهار

أ ف ب :

 

بعد حظر عمل النساء فيها في قرار مفاجئ عشية أعياد نهاية السنة، وضعت حركة طالبان المنظمات الإنسانية غير الحكومية في أفغانستان، في وضع صعب، بسبب اضطرارها الى إعادة النظر في طريقة عملها الميداني في واحد من أفقر البلدان في العالم.

 

وتقول مديرة الإتصالات في منظمة الإنقاذ الدولية سميرة سيد-رحمن التي تشعر بخيبة أمل، "كان علينا أن نتخذ قرارًا صعبًا للغاية ما إذا كان علينا الاستمرار أم لا بدون موظفاتنا، وتوصلنا إلى نتيجة مفادها أنه من المستحيل بالنسبة لنا مواصلة أنشطتنا في البلاد بدونهن".

 

في 24 كانون الأول، وبينما كان العالم يستعد للاحتفال بعيد الميلاد، أمرت وزارة الاقتصاد في حكومة طالبان جميع المنظمات غير الحكومية بوقف عمل موظفاتها مع خطر إلغاء ترخيصها بالعمل في حال عدم امتثالها. وأوضحت الوزارة في رسالة إلى المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية أنها اتخذت هذا القرار بعد ورود "شكاوى جدية" بشأن عدم التزام العاملات بوضع الحجاب.

 

في اليوم التالي، أعلنت منظمات عدة غير حكومية مثل منظمة الإغاثة - التي تضم 3000 امرأة من بين 8000 موظف - أنها ستعلّق أنشطتها وطلبت من حركة طالبان رفع الحظر.

 

وتنشط نحو 1260 منظمة غير حكومية في أفغانستان، بحسب آخر الأرقام التي حصلت عليها وكالة فرانس برس من وزارة الاقتصاد، وتوظّف هذه المنظمات آلاف النساء في مواقع أساسية، لبرامج المعونة الغذائية وفي مجالات الصحة والتعليم والصرف الصحي.

 

وتقول نائبة رئيس منظمة "كير" أفغانستان ريشما عزمي التي تمثّل النساء 38 بالمئة من عدد موظفيها، "تساعد عاملات الإغاثة في تحديد المستفيدات (من البرامج) وتسجيلهن وتدريبهن".

 

 

مواجهة الجدار

 

وتضيف ريشما "من الصعب جدًا على رجل أن يتواصل مع إمرأة إذا لم يكن قريبًا منها. هذه الأعراف المجتمعية متجذرة بعمق" في بلد نحافظ للغاية أصلا.

 

لكن بالنسبة لحركة طالبان، لا يزال بإمكان المساعدات أن تصل إلى العائلات من خلال تقديمها لرجال الأسرة، ما يجعل من الممكن الاستغناء عن الموظفات.

 

وبعد قرار منع دخول النساء إلى الجامعات العامة والخاصة في أفغانستان الذي صدر في الفترة الأخيرة أيضا، بحجة عدم التزام الفتيات بقواعد اللباس، أصبحت النساء معزولات بشكل متزايد وغير مرئيات في هذا البلد. فقد تم منعهن من العديد من الوظائف الحكومية ومنعهن من السفر دون أن يكنّ برفقة قريب ذكر.

 

وظلّت المنظمات غير الحكومية بالنسبة لبعض هذه النساء بمثابة شريان حياة سمح لبعضهن بالحصول على الراتب الوحيد الذي يعيل في كثير من الأحيان أسرهن الكبيرة.

 

وقال مسؤول كبير في منظمة إغاثية فضل عدم الكشف عن هويته "دفعتنا حركة طالبان إلى تحصيناتنا من خلال وضعنا أمام طريق مسدود". وأضاف "يقولون لنا: عليك أن تختار بين إطاعة أوامرنا أو المغادرة، رغم أن الوضع (الإنساني) يزداد سوءا".

 

ومنذ خروج القوات الأجنبية من البلاد، أدى توقف المساعدات الدولية التي تمثل 75 بالمئة من الميزانية الأفغانية، إلى إغراق أفغانستان في أزمة إنسانية كبيرة.

 

 

منع المجاعة

 

بحسب خبراء اقتصاديين، يواجه حوالى 22,8 مليون شخص - أي أكثر من نصف سكان أفغانستان - انعدام أمن غذائي حاد، كما أن ثلاثة ملايين طفل معرّضون لخطر سوء التغذية.

 

وتقول سميرة سيد-رحمن "في الشتاء الماضي، كانت المساعدات الإنسانية هي التي حالت دون حدوث مجاعة في البلاد". وتضيف "إذا لم نتمكن من تجديد هذه المساعدات، فسنواجه وضعا مروعا".

 

وقد فاجأ قرار طالبان المنظمات الإنسانية التي تمكنت، حتى خلال العشرين عاما الماضية عندما كان القتال دائرا بين حركة طالبان والقوات الأميركية وحلفائها، من العمل مع النساء في المناطق التي يسيطر عليها الإسلاميون.

 

ويقول مسؤول في منظمة غير حكومية "كانت تحصل مفاوضات كثيرة (مع عناصر طالبان المحليين)، ولكن حتى في ذلك الحين كان لدينا الكثير من الموظفات".

 

ويؤكد سامي غيسابي، مدير منظمة "العمل ضد الجوع" في أفغانستان، إنه منذ عودة طالبان في آب/أغسطس 2021، "تحترم منظمة العمل ضد الجوع، مثل باقي المنظمات الإنسانية، القيم والتقاليد والثقافة في أفغانستان، وقد قبلت أيضا وضع جميع الطلبات موضع التنفيذ".

 

وأضاف على سبيل المثال في المكاتب، يتمّ فصل النساء عن الرجال، ويرافق + محرّم + (رجل الأسرة) الزميلات أثناء سفرهن ويتم الالتزام بوضع الحجاب.

 

وتوضح سميرة سيد-رحمن أن مصدر الإحباط الآخر للجهات الفاعلة في المجال الإنساني في افغانستان هو أنه منذ نهاية الحرب وتحسّن الوضع الأمني، أصبح بإمكان المنظمات الوصول إلى السكان البعيدين "الذين كان يتعذر الوصول إليهم تقريبًا (في السابق)، ليس فقط من الجهات الإنسانية الفاعلة ولكن أيضًا من جانب الحكومة والجهات الدولية".

 

وتضيف "هناك أجزاء كثيرة من هذا البلد تلقت المساعدة للمرة الأولى" بعد سيطرة طالبان، "وكانت النساء جزءا لا يتجزأ من تلك الاستجابة".

 

وتقول منظمات اتصلت بها وكالة فرانس برس إنها تريد إجراء حوار، على أمل أن تعيد حركة طالبان النظر في قرارها، رافضة اتخاذ قرار بشأن انسحاب نهائي من أفغانستان.

 

وتقول ريشما عزمي "لا يهمنا من هم في السلطة، فنحن محايدون (...). هدفنا هو الوصول إلى المحتاجين وليس أي شيء آخر".