موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٤ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥
البابا لاون الرابع عشر يوقع أول إرشاد رسولي له: لقد أحببتك

أبونا :

 

وقّع البابا لاون الرابع عشر، صباح الأربعاء 4 تشرين الأول 2025، أول إرشاد رسولي له بعنوان: "لقد أحببتك" (Dilexi te) في القصر الرسولي، على أن يُنشر في التاسع من تشرين الأول خلال مؤتمر صحفيّ في الفاتيكان، الذي  يُصادف عيد القديس جون هنري نيومان، الذي عيّنه البابا لاون معلمًا للكنيسة.

 

تُركّز هذه الوثيقة، وهي أول نص رسميّ في حبرية البابا لاون، على محبة الفقراء، وقد تمّ توقيعها في المكتبة الخاصة بالقصر الرسولي، بحضور نائبه في أمانة سر الدولة، رئيس الأساقفة إدغار بينيا بارا.

 

ويُعدّ هذا الإرشاد الرسولي استمرارًا لإرث سلفه البابا فرنسيس، الذي عمل على إعداد النص خلال الأشهر الأخيرة من حبريّته، واضعًا إياه في استمرارية لرسالته العامة "لقد أحبّنا" (Dilexit nos)، التي ركّزت على الحبّ الإنساني والإلهي لقلب يسوع، مبرزًا العلاقة بين الجذور الروحية والالتزام الاجتماعي: من محبّة الله لنا، إلى الوعي بمحبّة الله للقريب، وكيف يجب أن يوجّه ذلك سلوكنا تجاهه.

 

وليس من غير المألوف أن يكمل البابا الحالي نصًا بدأه سلفه، فمثلاً تناول البابا بندكتس السادس عشر عام 2006 رسالته العامة "الله محبة" (Deus Caritas est)، مستندًا إلى فكر يوحنا بولس الثاني، ثمّ تولى البابا فرنسيس عام 2013 استكمال الرسالة التي بدأها بندكتس قبل استقالته.

 

 

علامة على الاستمرارية

 

إنّ توقيع أول إرشاد رسولي في مطلع حبريّة جديدة يُعدّ علامة ملموسة على استمرارية التقليد بين خلفاء بطرس.

 

يقول المطران الفرنسي المتخصّص في القانون الكنسي، باتريك فالدوريني، لوكالة I.MEDIA: «دائمًا ما يربط البابوات، وبشكل صريح، أعمالهم وتعاليمهم بما قام به أسلافهم وقالوه. فهي طريقة للتعبير عن استمرارية جماعة الإيمان التي تعيش في التاريخ».

 

وبذلك، يسير البابا لاون الرابع عشر عبر Dilexi te على خطى البابا فرنسيس، مكرّمًا السلف الذي لم يتوقف يومًا عن الدعوة إلى "كنيسة فقيرة من أجل الفقراء"، حيث ينقل الوصية التعليمية لسلفه من خلال نشر كلماته الأخيرة غير المكتملة.

 

واختار الراحل اسمه تكريمًا للقديس فرنسيس الأسيزي، ما يجعل توقيعه على هذه الوثيقة في 4 تشرين الأول، يوم عيد القديس الليتورجي، رمزًا واضحًا للاستمرارية مع سلفه. فقد كانت أولى رحلات البابا فرنسيس إلى جزيرة لامبيدوزا لزيارة ضحايا الفقر المعاصر، المهاجرين، وكان يُعرف بـ«بابا الفقراء»، وهو أيضًا من أسّس اليوم العالمي للفقراء عام 2017.

 

 

إرشاد متجذّر في تاريخ الكنيسة

 

إنّ الاهتمام بالفقراء متأصّل في تاريخ الكنيسة كلّه، إذ يستمد جذوره أولًا من الإنجيل، ثم من حياة العديد من القديسين الذين أسّسوا رهبانيات مكرّسة للعناية بالفقراء.

 

وبالإضافة إلى الإرشارات إلى البابا فرنسيس، من المرجّح أن يستند هذا النص أيضًا إلى تعليم البابوات في العصر الحديث منذ البابا لاون الثالث عشر، الذي تُعدّ رسالته العامة "الشؤون الجديدة" (Rerum novarum)، الصادرة عام 1891، نصًا تأسيسيًا في التعليم الاجتماعي للكنيسة.

 

وعند انتخابه في 8 أيار، وضع البابا لاون الرابع عشر نفسه في خطّ سلفه الإيطالي لاون الثالث عشر، الذي امتدت حبريته بين عامَي 1878 و1903، وكان آخر من حمل هذا الاسم. وأوضح البابا لاون أنّه اختار هذا الاسم لكي يُولي مزيدًا من الاهتمام للقضايا الاجتماعية في العالم، ولمسائل العدالة، في عالم تغيّر جذريًا مع تطوّر الذكاء الاصطناعي.

 

وبينما تُعدّ Dilexi te إرشادًا رسوليًا، من المتوقّع أن تركّز أول رسالة عامة للبابا لاون الرابع عشر على التحديات الأنثروبولوجية المعاصرة، والتي ستُنشر خلال الأشهر المقبلة.