موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٤ مارس / آذار ٢٠٢٣
اتحاد الرهبانيات يلتقي تحت عنوان: شهادة الشخص المكرّس في حقل العناية الصحيّة

الأخت سيسيل حجازين :

 

يواصل اتحاد الرهبانيات في الأردن لقاءات التنشئة في المسيرة السينودسيّة في الزمن الأربعيني. فتحت عنوان "كنيسة سينودسيّة على صورة السامري الرحيم"، عقد الاتحاد، اليوم الجمعة، لقاءه السادس حول شهادة المكرّسة في حقل العناية الصحيّة، وذلك في كلية ترسنطة جبل اللويبدة.

 

ابتدأ اللقاء بالصلاة الصباحيّة، تبعه الاحتفال بالقداس الإلهي الذي ترأسه مرشد الاتحاد الأب رشيد مستريح الفرنسيسكاني. من ثم توجه الجميع إلى قاعة المدرسة، حيث ألقت رئيسة الاتحاد الأخت سارة غنيم كلمة ترحيبية بالراهبات عن حضورهنّ.

 

حنان الله في عمل الممرضة

 

وألقت الأخت نهى صدقة، رئيسة دير راهبات الصليب في بيت العناية الإنسانيّة في مدينة الفحيص، محاضرة بعنوان: "حنان الله في عمل الممرضة"، تطرّقت في بداية إلى التحدّيات التي تواجه رسالة الراهبة الممرضة في عملها، ومن بينها:

 

1. ينطبع عصرنا بالمهنيّة والاحتراف، وهذا الأمر يتطلّب ليس الاختصاص المتقدّم في المهنة ومتابعة كلّ جديد فحسب، بل أن يسير عمل المؤسّسات الصحيّة بحسب معايير طبيّة تفرضها الحكومات وتطلبها المنظمات. وهذا، يدخل المؤسّسة في جو من المنافسة والمقارنة الدائمة.

 

2. يتطلّب هذا الجو المهنيّ والتنافسيّ تجديد المعدّات الطبيّة والتجهيزات المختلفة بشكلٍ دائم، وتأهيل الطواقم على استخدامها. وهذا يرتّب أعباء ماليّة هائلة تجد المؤسّسات نفسها مضطرة إلى تحصيلها عن طريق زيادة كلفة الاستشفاء.

 

3. كيف يمكننا أن نوازن بين ما تتطلّبه المؤسّسات وتضامننا مع الناس لاسيّما الأشد حاجة؟ كيف يمكننا أن نجد التوازن بين متطلّبات المهنة المرهقة وضرورات التكوين المستمرّ؟ وما الذي يميّز شهادتنا بالسيد المسيح عن تلك المنظمات الإنسانيّة التي تقدّم خدمات صحيّة دون أيّ طابع دينيّ، مثل أطبّاء بلا حدود، ومنهم من يبذل حياته في خدمة المرضى؟

بُعد إيماني

 

وقدّمت الأخت نهى مقاربة روحيّة لموضوع الرعاية الصحيّة على ضوء الكتاب المقدّس، إذ أنّ المريض لا يحتاج إلى عناية بجسده فقط، بل إلى عناية بروحه، كما أنّه بحاجة إلى تضامن واهتمام شخصيّ متجرّد وصادق بحيث يشعر بقيمته وكرامته وفرادته؛ وهذه صفات تتجاوز مرضه.

 

وقالت: "لا يمكن أن نحصر نظرتنا إليه بصفته مريضًا؛ لا يمكن أن نفهم الصّحّة من ناحية ماديّة فقط، أي صحّة الجسد؛ فالإنسان صاحب سموّ، وسمّوه يأتيه من الآب السماويّ. فمن خلال عيشنا البنوّة الإلهيّة بقوّة الروح القدس، وما تقتضيه من خدمة متجرّدة، واحترام للآخر، وعمل من أجل بناء أخوّة حقيقيّة مع الجميع، نشهد للناس جميعًا أنّ الله أبٌ لنا، وأنّ يسوع أخٌ لنا، وأنّ مشيئة الآب أن نكون جميعًا إخوة وأخوات لبعضنا البعض، لأنّنا نكوّن إنسانيّة واحدة خلقها الآب بدافع محبّته".

 

ولهذا السبب، تابعت الأخت نهى في محاضرتها، يكتسب موضوع الصحّة بُعدًا إيمانيًّا بامتياز؛ فالصحّة ليست الصحّة الجسديّة فحسب، بل تشمل أيضًا الصحّة العقليّة والنفسيّة والروحيّة والأخلاقيّة والاجتماعية. فالإيمان يضفي بعدًا أخويًّا إلهيًّا على هذه الحياة التي تشمل كلّ شيء، بحيث يمكّن الإنسان من أن يعيش ملء الحياة، أو أن يتذوّق من الآن طعم الحياة الأبديّة.

العناية والحنان في الخدمة الصحيّة

 

وألقت الأخت نهى الضوء على بعض النقاط في تجسيد موقف العناية والحنان في الخدمة الصحيّة:

 

1. الإصغاء بتنبّه إلى المرضى، فهم في الغالب بحاجة إلى التعبير عمّا يعيشونه، وإلى من يصغي إليهم باهتمام وتركيز واحترام. لذا، فإعطاء الوقت اللازم لهذا الإصغاء أمر ضروري. وهذه النقطة مهمة وهي من متطلبات المسيرة السينودوسيّة "إصغاء من كل القلب".

 

2. تشجيع المرضى بواسطة الكلام ونوعيّة الخدمة التي تظهر اهتمامًا كبيرًا بكل منهم. فالكلمة المشجّعة والقيام بالعمل بطريقة لطيفة ومتنبّهة يولّدان تشجيعًا كبيرًا عند المريض.

 

3. التنبّه إلى تفاصيل حاجاتهم الجسديّة، إضافة إلى توفير العناية الطبيّة المألوفة، مثل مساعدة المريض بطريقة لطيفة.

 

4. إظهار العطف والحنان، وهذا يكون قبل كلّ شيء بأن يكون للمريض مكان في تفكير الممرّض أو الممرّضة، والصلاة من أجله. فإنّ السعي للشعور معه؛ أي السعي لمعرفة ما يعيشه فعليًّا، هو الطريق إلى تجسيد الحنان الفعليّ، إضافة إلى الابتسامة وطريقة لمس المريض.