موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
المارونيّة والأقباط الكاثوليك وسريان مالابار وسيرو مالانكارا والملكيين واللاتين هي الطقوس الستة التي توحد في كنيسة واحدة كبيرة الجماعة الكاثوليكية المتنوعة في الكويت، والتي هي جزء من النيابة الرسولية لشمال شبه الجزيرة العربيّة.
يملأ كل يوم الآلاف من الكاثوليك من خلفيات وعرقيات مختلفة الرعايا الأربع: الكاتدرائية المشتركة للعائلة المقدسة في مدينة الكويت، ورعيّة سيدة العرب في الأحمدي، وكنيسة القديسة تريزا الواقعة في قلب الجالية الهندية في السالمية، وأحدثها المكرسة للقديس دانيال كومبوني في العباسية، وجميعها متنوعة في اللغة والعرق والعمر والتقاليد والثقافات. كلهم متحدون بالمعمودية في جسد واحد ليسوع المسيح، مع الإخوة والأخوات الذين يحضرون كنيسة الطقس الملكي في مدينة الكويت.
"ما يجعل حيوية هذه الرعايا، إلى جانب الكهنة، هي قبل كل شيء العلمانيين، وأعضاء مجلس الرعيّة، والقراء، والشدايقة، وخدام الهيكل، والجوقات، ومعلمي التعليم المسيحي، والمساعدين الرعويين والعمال الذين يعملون هناك"، يشرح لوكالة فيدس المطران ألدو بيراردي، النائب الرسولي لشمال شبه الجزيرة العربية، الذي يعتني برفقة الرهبان الكبوشيين وكهنة الأبرشيّة الآخرين، بالرعاية الرعوية للمؤمنين. على الرغم من قيود الوضع، يحتفل جميع الكهنة الموجودين في الكويت بالقداس بلغات مختلفة، ويستمعون إلى الاعترافات ويقومون بأنشطة رعوية عادية في الأماكن المخصصة لهم.
إنّ حيويّة هذا العدد الكبير من الكاثوليك في قلب بلد مسلم تبدو متناقضة. هناك أكثر من 350 ألف كاثوليكي. الغالبية العظمى منهم في الكويت من أجل العمل، وغالبًا من دون أسرهم التي يظلون منفصلين عنها لأشهر أو سنوات. هم فلبينيون، هنود، باكستانيون، سنهاليون، لبنانيون... ويجدون أنفسهم يصلون بعد ساعات من العمل المرهق. يصطفون لدخول الكنيسة، في الغرف المختلفة التي تم إعدادها داخل الكاتدرائية المشتركة. يتشاركون أماكن الصلاة التي تتميز بأوقات محددة، كل بلغته وطقوسه الخاصة، مع احترام تام. إنّ الرجال والنساء والأطفال هم الذين يحيون الاحتفالات وينقلون بحضورهم محبة بنوية وغير مشروطة لله.
"القداديس في الطوابق السفلى"
يجتمع آلاف آخرون من المؤمنين في "الطوابق السفلى" لبعض المباني الكبيرة للصلاة والسجود للقربان الأقدس وحضور القداس. هذه أماكن ضيقة وغالبًا ما تكون خطرة من الناحية اللوجستية. لكنهم هنالك. إنهم يمثلون الحضور الحي للكنيسة، ويشهدون بمثابرتهم على إيمانهم، حتى في ظروف أقل "طبيعية".
يوضح الأب جوني لونيس، النائب الأسقفي: "يتناوب أبناء رعيتنا البالغ عددهم 15000 شخص على الاحتفال بالطقوس الهندية الثلاثة في ثلاث غرف فرعيّة. لدينا غرفة صغيرة، قاعة سيّدة العرب، وهي المكان الوحيد الذي يقام فبه السجود للقربان. هناك حوالي 3000 طالب تعليم مسيحي، 2800 من طقوس مالابار و362 من اللغة الإنجليزية، ويتم الاعتناء بهم من قبل 130 معلم".
أمّا وجود الجماعة المارونيّة في الكويت منذ عام 2012، فهو قوي بنفس القدر. تعقد الاجتماعات والأنشطة مع الشباب والعائلات في مركز الجابرية، وهو حي كبير سكني في الغالب حيث تتجمع الجماعة المارونية اللبنانية، ولكن في أيام الأحد ينتقلون إلى الكاتدرائية المشتركة لمدينة الكويت.
إنّ المجمع الذي يحيط بمساحة الكاتدرائية المشتركة لـ"العائلة المقدسة" ضخم. هنا، كل يوم جمعة، في الصباح الباكر، يبدأ الآلاف من الناس في الوصول إلى خدمات الكنيسة التي تبلغ ذروتها مع تلك التي ليلة السبت. يتم الاحتفال بالقداديس بـ14 لغة: العربية، الإنجليزية، التاغالوغية، المالايالامية، التاميلية، البنغالية، الأردية، الهندية، الإسبانية، الفرنسية، الإيطالية، السنغابالا، الكورية، الكونكانية.
عيد الفصح
خلال الثلاثية الفصحيّة، فإن التناوب المستمر على مدار 24 ساعة للمؤمنين من ستة طقوس مثير للإعجاب. كلهم يساهمون في تتويج الطقوس الليتورجية، والتي تبدأ في وقت مبكر من بعد ظهر يوم السبت، وتستمر طوال الليل حتى مساء يوم الأحد.
بينما في الساعة 3 صباحًا، يمكن سماع ترانيم جماعة السريان مالابار التي تحتفل بعيد القيامة من إحدى غرف العلبة، في الفناء الكبير للكاتدرائية المشتركة، قامت الجماعة الفلبينية بتمثيل مؤثر للثلاثية الفصحيّة، من الآلام إلى موت يسوع إلى لقاء الرب القائم من بين الأموات في صباح عيد الفصح. أما الجماعة القبطية الكاثوليكية في الكاتدرائية المشتركة فتواصل الاحتفال بقداديسها بحسب التقويم اليولياني.
الإيمان يزدهر هنا
بالإضافة إلى كونها مقر الأسقف الكاثوليكي في الكويت، تمثّل الكاتدرائية المشتركة شهادة حيّة على الكاثوليكيّة في البلاد. وهي تقف على أرض تبرع بها أمير الكويت والحكومة الكويتية عام 1956. وقد باركها وكرسها رسميًّا في عام 1961 أول أسقف للبلاد، الكرملي ثيوفانوس ستيلا، الذي قرر، آخذًا في الاعتبار الظروف الخاصة التي عاش فيها كاثوليك الكويت، أي كمقيمين عابرين، تكريسها لـ"العائلة المقدّسة في الصحراء".
أما الأحمدي، حيث تقع رعيّة سيدة العرب، أول كنيسة كاثوليكية في البلاد، فهي مركز إنتاج النفط، حيث بدأ عشرات الأشخاص، معظمهم من العمال المهاجرين، في الاستقرار. "يتم الاحتفاظ بتمثال كبير أحضره الكرمليون في الكنيسة الصغيرة حيث ولد المزار. نحتفل هذا العام بمرور 75 عامًا على وجودنا"، يوضح المطران بيراردي. "سنحتاج إلى المزيد من الكنائس لنكون قادرين على استيعاب الجميع، لكن لسوء الحظ، في الوقت الحالي، لا يزال هذا حلمًا. إنها عملية طويلة ومعقدة".
الأب روزوين بيريس هو كاهن الرعيّة، ويعتني مع كاهنين آخرين بجماعة المؤمنين الذين يأتون أيضًا إلى "الكنيسة الأم" من خارج الأحمدي. يذهب العديد من المصلين الآخرين إلى الكنائس الأخرى الموجودة في بعض الطوابق السفلية. يقول: "قامت شركة نفط الكويت ببناء وصيانة هيكل كنيستنا في الأحمدي". خلال عطلة نهاية الأسبوع، يتم الاحتفال بـ32 قداسًا بـ11 لغة مختلفة.
يحتفل كاهن الرعيّة بخمسة قداديس كل يوم جمعة، بالتناوب في فترة ما بعد الظهر مع جماعة السريان مالابار. وخلال الأسبوع، بسبب العمل، يتم الاحتفال بقداس واحد في الصباح وواحد في المساء. يصل المؤمنون بواسطة وسائل النقل الخاصة التي توفرها الكنيسة.
يضيف الأب روزوين بيريس: "يتم تقديم العديد من الأنشطة والخدمات الرعوية للأطفال (أكثر من ألف شخص يتحدثون المالايالان) بالإضافة إلى الشباب والعائلات". من بين المؤمنين، حوالي 4000 يتحدثون لغة الملايو و3000 من لغات أخرى. ويؤكد: الإيمان يزدهر هنا، حتى في خضم المعاناة وبعض القيود. على الكنيسة فقط أن تتعامل مع الإيمان".
سنة اليوبيل
يتم الاحتفال بسنة اليوبيل في جميع أنحاء النيابة الرسولية لشمال شبه الجزيرة العربية بمناسبة الذكرى 1500 لشهداء الجزيرة العربية، القديس الحارث ورفاقه من نجران (جنوب شبه الجزيرة العربية، المملكة العربية السعودية الآن). تم فتح الأبواب المقدسة المخصصة في 24 تشرين الأول 2023: كاتدرائية البحرين وكاتدرائية الكويت المشتركة. وفي هذه المناسبة، منح البابا الغفران الكامل.
قال المطران بيراردي: "نعتبر هذا العام عام نعمة للنيابة بأكملها ولجميع الجماعات المسيحيّة الموجودة في الخليج العربي". ويضيف "نحتفل بإيمان بذكرى أجدادنا المسيحيين الذين ضحوا بحياتهم من أجل المسيح، وظلوا أمناء حتى النهاية. نحن استمراريّة لتلك الجماعات والأديرة المسيحية التي كانت موجودة في هذه المنطقة. إنّ البقايا الأثريّة تدعونا للقيام بذلك".