موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ولد في روما حوالي السنة 540، من عائلة تعمل في الحياة السياسية، وبعد وفاة والده انتخب حاكمًا للمدينة وهو في الثلاثين من عمره، فأظهر، أثناء توليه هذا المنصب، بأنه إداري ممتاز. استقال من الوظيفة بعد فترة قصيرة، وأنشأ ديرًا للرهبان البندكتيين في قصره الذي كرّسه للقديس أندراوس، وعاش فيه كراهب بسيط، ثم وهب كل ما ورثه عن أهله في صقلية لإنشاء ستة أديار، وما تبقى من الأموال وزعه للأعمال الخيرية.
أرسله ﺍﻟﺒﺎﺑﺎ بيلاجيوس الثاني إلى القسطنطينية سنة 569 بصفة موفد من قبله لدى القيصر، وكان لوجوده هناك منفعة وخير، إذ جعل المدينة كلها تتأثر بحياته الرهبانية البسيطة التي كان يعيشها. عاد إلى روما سنة 585؛ وفي الثالث من أيلول عام 590 انتخب أسقفًا على كرسي القديس بطرس. وكان راعيًا صالحًا، كثير الاهتمام بالفقراء وبالرغم من ضعف صحته أنجز عملاً جبارًا. ولم تشغله مهامه الرعوية عن الصلاة والتأمل، حتى أثبت للملأ بأنه لم يفقد أيًّا من صفاته الإدارية.
نفّذ في روما بعض الأشغال العمرانية، وخاصة ترميمه جميع أملاك الكنيسة الرومانية وجعل لها مكانة إدارية صلبة سيتكوّن منها، في المستقبل، الأساس المكين الأفضل للدولة الباباوية المقبلة. أعاد الرحلات الإرساليّة من الكنيسة لشتى بقاع الأرض، كما كان حال الكنيسة في زمن الرسل، واختار لها أكفأ أبناء الكنيسة من حيث النمو الروحي والتكوين العقائدي واللاهوتي. هو الذي أرسل القديس اغسطينس اسقف كانتربري لتبشير انجلترا ونجح في ﻧﺸﺮ الإيمان بإنجيل ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ بها حتى تعمد ملكها الوثني ذاته. نظم الخدمة الإلهية والطقس الغريغوري. وهو الذي لقب نفسه بخادم خدام الله، بهدف أن يلقن في التواضع درسًا جميلاً لأحد رجال عصره المتكبرين. وقد تبنى البابوات من بعده هذا اللقب.
حافظ غريغوريوس على لهجة الاعتدال، حتى مع أسوأ الأباطرة البيزنطيين. ترك القديس غريغوريوس تعالميًا عقائدية وراعوية وافرة، استمدت منها العصور الوسطى من ﺑﻌﺪﻩ غذاء التقوى في كيان الكنيسة. كان له تأثير عظيم في تطور وانتشار الرتب الكنسية. لكننا لا نقدر أن ننسب إليه ما يسمى باللحن الغريغوري بالكامل. (إنه لخليق بأن يكون "ممثل الإله") لخصت هذه العبارة المكتوبة على ﻗﺒﺮﻩ شعور الكنيسة نحوه. وقد وضع فعلاً أسس الفكر الروماني والفكر المسيحي.
ترك لنا كتابات هامة منها: وعظات مختلفة وشروحات في الكتاب المقدس، أربعة عشر رسالة بابوية، وقانون الرعاة الذي يساعد في تنشئة الاكليروس، وكتب الحوارات حيث يذكر سيرة القديس بندكتس، نصوص خطابات متبادلة بينه وبين المبشرين حول أخبار الكنائس الناشئة ببلدان التبشير، ﻭﺇﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﺎ من كهنة، ومرسلين، وأدوات مذبح، وكتب مقدسة، وكتب تعليم مسيحي...
يذكر التقليد بأن غريغوريوس قد أُعلِن عند موته قديسًا من قِبَل الشعب بطريقة الهتاف، أي قبل أن تعلنهُ السلطة الكنسيّة. ذلك وهو ﻳﻌﺘﺒﺮ أحد معلّمي الكنيسة، الذي أعاد إلى الكنيسة بهاء عصر الرسل. شهادة حياته وبركة شفاعته فلتكن معنا. آمين.