موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٦ يونيو / حزيران ٢٠٢٥
من هو القديس الشاب الجديد بيير جورجيو فراساتي؟

ترجمة منير بيوك :

 

وُلد بيير جورجيو فراساتي في تورينو في  6 نيسان 1901. إنه ابن ألفريدو، مؤسّس ورئيس تحرير صحيفة "لا ستامبا" اليوميّة، وأديلايد أميتيس، المرأة ذات الشخصيّة القويّة والحضور الفني. كما لديه أخت اسمها لوشيانا تصغره بسنة، وهي رفيقة دربه في الحياة والدراسة، وقد تلقت من والدتها المؤمنة أسس الإيمان الذي كان ينمو مع مرور الوقت.

 

التحق أولاً بمدرسة حكوميّة، ثم، بعد رسوبه باللغة اللاتينيّة التحق بـ"المعهد الاجتماعي اليسوعي" حيث بدأ يتناول القربان الأقدس بصورة يوميّة، وهو أمر استمر عليه طوال حياته. وفي العام 1918، التحق بمعهد بوليتكنيك في تورينو راغبًا في أن يصير مهندس تعدين "ليتمكن من خدمة المسيح بشكل أكبر بين عمال المناجم". وانضم إلى الشباب الكاثوليكي، الذي اتخذ  منهم شعاره الخاص وهو الصلاة، والعمل، والتضحية.

 

تغذى إيمانه العميق بالقداس الإلهي اليومي، والصلاة، والاعتراف المتواصل. كان يعشق كلمة الله فهي في عصره مخصصة للمكرسين، إلا أنه كان يحصل على نصوصها ليقرأها بنفسه. ففي حين كان يثق تمامًا بكلمات يسوع، يرى في قريبه حضور الله تعالى، ويعتبر نفسه "فقيرًا كسائر الفقراء". يُغدق على نفسه كلمات المحبة الأخويّة وأفعالها، سواء بمفرده أو من خلال مجموعة "مؤتمرات القديس منصور" المنظمة في أحياء تورينو، وفي الأحياء الفقيرة في كوتولينغو، وهي مؤسّسة خيريّة أسّسها القديس جوزيف بنديكت كوتولينغو، علمًا أنّها مؤسّسة مكرسة لرعاية الفقراء والمرضى والمنبوذين. في ظل التوترات التي سادت في أوائل فترة ما بعد الحرب، انخرط في رسالة اجتماعيّة شهدت حضوره في المصانع أيضًا. وبناء على قناعته بالحاجة إلى إصلاحات اجتماعيّة، انضم إلى حزب الشعب الإيطالي عام 1920 الذي اعتبره وسيلة لتحقيق مجتمع أكثر عدلاً.

 

كان بيير جورجيو  يعرف كيف يكون فرحًا ومبهرًا في لحظات السرور، وجادًا ومدركًا لمشاكل العالم والناس، خفيًا وشبه خفي في القيام بأعمال الخير. لم يقتصر الأمر على تأثره بالنعمة، فهناك استجابة واعية واستمرارًا للـ"نعم". هناك التزام بالوفاء الذي يسعى إليه مهما كلف الأمر، حتى لو كان الثمن باهظًا.  كما هناك قدرة على مقاومة إغراءات العالم، وتحويلها بجهد لتقديسها.

 

في العام 1920، جرى تعيين والده سفيرًا لدى ألمانيا. وفي برلين، زار بيير جورجيو أفقر الأحياء، والتقى بطلاب وعمال كاثوليك ألمان.

 

 دفعته كتابات القديسة كاترين السيانيّة وعظات سافونارولا الحماسيّة إلى الانضمام إلى الرهبنة الدومينيكية الثالثة عام 1922 تحت اسم "الأخ جيروم". وأصبح عضوًا في العديد من الجمعيات الكنسيّة، وكرّس فيها جلّ  اهتماماته في حياته المسيحيّة. فابن رئيس تحرير صحيفة "لا ستامبا"، كان يروج للصحف الكاثوليكيّة.  وقبيل صعود موسوليني إلى السلطه، كان يُعارض الفاشية علنًا.  فهو يشعر بخيبة أمل عميقة لدخول جزء من الحزب الشعبي في الحكومة الفاشية، التي كان  يوجه لها انتقادات قاسية.

 

كان مغرمًا بالجبال وبالرياضة، وغالبًا ما كان ينظم رحلات مع أصدقائه تتيح له فرصًا لتقديم الرسالة. كان يذهب إلى المسرح والأوبرا والمتاحف، وكان محبًا للرسم والموسيقى. كانت لديه قدرة غير محدودة للاهتمام باحتياجات الآخرين، وخاصة الفقراء والمرضى، حيث كرّس لهم الوقت والطاقة والحياة نفسها. فقبل شهرين من تخرجه، تأثر شبابه المُفعم بالحيويّة بشلل الأطفال المُفاجئ، الذي من المرجح أنه أصيب به أثناء مساعدة الفقراء.

 

توفي في تورينو في 4 تموز 1925. وبعد يومين، ظهر  الحشد الكبير في جنازته مما بين لعائلته وللعالم عظمة شهادته المسيحيّة. وهكذا بدأت الرحلة الطويلة التي أفضت إلى تطويبه على يد القديس يوحنا بولس الثاني في 20 أيار 1990.

 

وفي الكونسستوار الأوّل للبابا لاون الرابع عشر، تم تعيين السابع من أيلول المقبل يومًا تاريخيُّا لإعلان قداسة بيير جورجيو، جنبًا إلى جنب مع ابن ايطاليا الشاب أيضًا كارلو اكوتيس. وسيكون ذلك اليوم روحيًّا تاريخيًّا ومن أعظم أيام إيطاليا على الإطلاق، حين ستنطلق الحناجر مرنمة، وتصفق الأيدي لشابين من إيطاليا، واحد في بداية القرن العشرين، والثاني في بداية القرن الحادي والعشرين، وكلاهما عاش القداسة في زمانه ومكانه، متجاوبان مع النعمة التي يغدقها الرب على جميع محبيه.

 

 

عبارات قالها بيير جورجيو فراساتي

 

"يزورني يسوع في المناولة المقدّسة كل صباح. أردُّها إليه، بمواردي المحدودة، وذلك بزيارة الفقراء".

 

"تسألوني إن كنتُ مبتهجًا، وكيف لا أكون كذلك ما دام الإيمان يمنحني القوة لأكون دائمًا مبتهجًا. لا يسع كل مسيحي إلا أن يكون مبتهجًا. يجب طرد الحزن من نفوس المسيحيين."

 

"هذه الحياة قصيرة فبعدها فقط تأتي الحياة الحقيقية، التي ينتصر فيها العدل... في اليوم الذي يشاء فيه الرب، سنلتقي معًا في وطننا الحقيقي لنُرنم تسابيح  الرب."

 

"ليكن السلام في روحك، كل هبة أخرى تمتلكها في هذه الحياة باطلة، كما أن جميع أشياء العالم باطل".

 

"أحثكم أيها الشباب، بكل ما أوتيتم من قوّة، على الاقتراب من مائدة القربان الأقدس قدر الإمكان. تغذوا بخبز الملائكة هذا، فمنه تستمدون القوّة لمحاربة صراعاتكم الداخليّة، ضد الأهواء وضد كل المصاعب!".

 

"لقد عشت حقيقة كلمات القديس أوغسطينوس: ’يا رب، لا يشعر قلبنا  بالسلام إلا عندما يستقر بك‘. فمن الحماقة من يسعى وراء بهجة الدنيا، لأنّها زائلة وتجلب الأحزان، بينما الفرح الحقيقي الوحيد هو ما يمنحنا إياه الإيمان... الإيمان هو أولويتي، ومن أجله سأقدم  كل تضحية... الإيمان وحده هو الذي يمنحنا إمكانية الحياة".