موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ولد القديس أنسلم عام 1033، في مدينة أوستا بشمال إيطاليا. وكان أنسلمو رجل صلاة وتقشف. حينما بلغ العشرين من عمره ذهب إلى فرنسا وقضى ثلاث سنين يستمع إلى مشاهير الأساتذة في مدنها. ثم انخرط في سلك الحياة الرهبانية، فالتحق بدير للرهبان البندكتيين في "لو بيك" في فرنسا، وعلم اللاهوت للإخوة الرهبان. وأصبح رئيسًا لهذا الدير.
ذهب إلى بلاد الإنجليز، أصبح رئيس أساقفة كانتربري عام 1093، خلال هذه الفترة كان يوجد صراع بين الدولة والكنيسة. وكان موقفه من هذا الصراع هو أن للكنيسة حريتها رافضًا أي تدخل في شؤونها من قبل الدولة. وكان يناضل دون خوف في وجه الحكام ليحفظ حرية الكنيسة. وعوقب بالنفي مرتين.
على الصعيد اللاهوتي كان همّه أن يبرهن عقلانية الإيمان، أي أن الحقائق التي أوحاها الله تتضمن منطقًا سليمًا ينير ذهن الإنسان. وتظهر مؤلفاته اللاهوتية العديدة تعمقه في روحانية آباء الكنيسة وقدرته على التحليل المنطقي. لهذا يعتبر من أهم رواد حركة اللاهوت المدرسي التي بلغت أوجها في القرن الثالث عشر.
رقد في الرب عام 1109.
كتب انسلم أهم كتبه وهو في دير لوبك، ومن أعماله كتاب "حديث النفس" يتحدث فيه عن ماهية الله. ثم كتاب "فقال فيما بعد" وفيه يتحدث عن وجود الله، ثم كتب أربع محاورات تتحدث عن موضوعات مختلفة مثل الحقيقة، الإرادة الحرة، سقوط الشيطان، تجسد الكلمة وكتب أخرى كثيرة.
إن منهج أنسلم "تعقل الإيمان" "أؤمن كي تعقل" على مثال أوغسطينوس. فالإيمان يولد في النفس المحبة، والمحبة تدفع بالنفس إلى استعجال الرؤية الاجلة بالاستدلال. فالإيمان شرط التعقل "أؤمن كي تعقل" فالذي لا يؤمن لا يشعر بموضوع الإيمان، والذي لا يشعر لا يفهم، فالشعور بالشيء يفوق مجرد السمع عنه؛ وبالتالي فالعقل بحاجة إلى الإيمان لكي يهديه وينير له الطريق ويدفعه من الداخل إلى الحق والحقيقة، والإيمان بحاجة إلى العقل لكي يفسر ما هو غامض ويبرهن على صحة ما جاء في الكتب المقدسة.
ويُعد باعتراف كل المؤرخين لفلاسفة العصور الوسطى أكبر شخصية فلسفية في القرن الحادي عشر، وقد ذاع صيته بسبب "البرهان الأنطولوجي" على وجود الله. وبناء على ذلك يعيب أنسلمو على الجدليين في محاولتهم إخضاع الإيمان للمنطق، أي مناقشة موضوعه كما لو كان من الممكن ألا يكون صادقًا، فهناك قضايا إيمانية يعجز العقل عن البرهنة عليها، لأن مجال الإيمان أوسع من أن يحيط العقل به. فمهما اقترب العقل من هذه القضايا فإنه يعجز عن إدراك حقيقتها، لكنه يذهب في الفحص إلى أبعد حد مستطاع، فحيث يتعذر عليه الوصول إلى برهان ضروري قد يهتدى إلى تشبيهات تقرب إلى الفهم.
فلتكن صلاته معنا.