موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
وائل سليمان، مدير عام كاريتاس الأردن
في هذا الاسبوع المقدس الكثير من النعم والبركات والأجواء الروحية العميقة والارتداد وعيش التقشف والصلاة. لكن ومع الاسف هنالك أيضًا الكثير من النفاق والتمثيل والسطحية واللامبالاة.
يبدأ هذا الاسبوع بذكرى دخول يسوع أورشليم راكبًا على حمار مع سعف النخل، بينما المحتفلون اليوم يأتون الى مكان الصلاة مستخدمين أفخم المركبات وأجمل اللباس وآخر صرعات الشمع والشعانين!
يسوع تواضع بالرغم من عظمته واما نحن فكبرياؤنا بازدياد رغم تواضعنا وبساطتنا الانسانية!
نتغنى خلف المنابر بذكرى تلك الحادثة واهميتها والدروس التي يجب ان نعرفها ونفهمها ونعيشها، وبعد انتهاء المراسم وكأن شيئًا لم يحصل ونعود فورًا كما كنا عليه قبل بدء الاحتفال!
بالنسبة ليسوع، المهم: هو الإنسان، فقد بذل نفسه من أجل خلاصنا، ونحن المهم بالنسبة إلينا الزينة واللباس والمآكل والمشرب والألقاب وحجم الاحتفال وكمية المشاركين ووووو!
في الزمن الحالي ولربما في الزمن الذي سبق وانتهى؛
نتغنى بتواضع يسوع، وكبرياؤنا علو الجبال الشاهقة!
نتغنى بفقر يسوع، ونحن أغنياء بالمال والعنجهية!
نتغنى بحياة يسوع ومحبته للأخرين، ونحن في معركة بين الكراهية والمنافسة والصراع مع الآخر!
نتغنى بتعاليم يسوع عن العطاء، وفي حقيقة الامر نعيش لنأخذ ونأكل ونفترس!
نتغنى بالأمثال التي أعطاها يسوع عن السامري الرحيم، وقصة الجندي الذي لم يسامح بالرغم من ان الملك سامحه، وقصة خرج الزارع ليزرع، وقصة الابن الضال...
وبالحقيقة نحن نفرق بين انسان وانسان اخر على اساس الدين والعرق والجنس والثقافة! ونحن نطلب المسامحة من الجميع ولا رغبة لدينا بأن نسامح أحدا ابداً! وأرضنا أرض جرداء وصخرية ومتحجرة ولا تستقبل البذار الطيبة!
تغنى بكلمات التراتيل وعزف البيانو والاوركسترا، ولا اهمية لعيش تلك الكلمات المهم؛ ان نرتلها بصوت جميل وشكل جميل!
نصوم ونشارك في جميع القداديس لكن؛ نعامل الصانعة التي تعمل في المنزل بدون محبة ودون اعطائها ابسط انواع الحقوق "حق العامل"!
نصوم ونشارك في جميع القداديس، ومن ضربنا على خدنا الأيمن نعاقبه فورًا بضربه في جميع انحاء جسمه!
نصوم ونشارك في جميع القداديس، لكن نتكلم على الاخرين ونتنمر عليهم ونؤلف القصص ونخترع اشياء لم تحصل، لكن المهم اننا نصوم ونشارك في القداديس!
هل تحولنا من إنسان حقيقي الى محض من الخيال؟ كذبة وخدعة؟ إنسان احتفالات ومناسبات وازياء تنكرية وألوان مزيفة؟ هل تحولنا الى مسلسل ممل وقصة سخيفة وفيلم مكرر ومسرح بلا جمهور؟
نحن ابناء النور، نحن ابناء القيامة، نحن ابناء الفرح، نحن ابناء الله الذي خلقنا من محبته لنا، شوهنا مع الأسف صورة على "صورته ومثاله"!
الفرصة كل لحظة موجودة!
حان الوقت حتى نعاود العودة الى اصولنا، إلى مبتغانا، الى حضن الآب، إلى حضن الحقيقة، إلى عيش الكلمة، تطبيق كلمات الليتورجيا. لنحاول دمج حقيقة جذورنا الالهية بواقعنا الانساني! لنحب حتى بذل الذات بصدق وعفوية وببساطة، حينها فقط نقوم مجددًا من بين الاموات ونعيش القيامة.
أسبوع مقدّس ومبارك للجميع.