موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٧ يوليو / تموز ٢٠٢٣
نهاية العالم

أشخين ديمرجيان :

 

صحيح أنّ بعض علامات نهاية العالم موجودة مثل الفساد الذي عمّ وانتشر في العالم وكذلك الكوارث الطبيعيّة. وانّنا بفضل وسائل الاعلام الحديثة والتكنولوجيا المتقدّمة نسمع عن كلّ شاردة وواردة في الكون. لكن الكتاب المقدّس يقول "اسهروا لأنّكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة".

 

يتساءل قوم عن قرب نهاية العالم وخصوصًا لأنّ أتباع الديانات تؤمن بها. والإنجيل المقدّس واضح، كما ذكرنا سابقاً، أن لا أحد يعرف اليوم ولا الساعة اللذَين يعود بهما "ابن الانسان" السيّد المسيح بحيث وجب علينا السهر، كما أوصانا هو نفسه.

 

بناءً على  تفسيرات جماعات غربيّة خصوصًا أمريكيّة مُستَحدَثة ولا سيّما منذ القرن التاسع عشر يخلط قوم –شأنهم شأن اليهود المُعاصرين للسيّد المسيح- بين نهاية الهيكل ونهاية العالم وعلامات مجيء المسيح. لقد بدأت توقّعات هذه البدع منذ بدايات القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة الامريكية، وثبت عدم صحّتها... وها نحن في القرن الحادي والعشرين، ولم نشاهد نهاية الدنيا. وسواء كان الهدف من تلك التنبّؤات عن نهاية الأزمان اقتصاديًا أيضًا، إذ حصلت على أموال وعقارات وباعت كتبًا وكراريس ومجلات مستفيدة من إرعابها للبشر البسطاء، فقد دمّرت عددًا من العائلات وقضت على الكثير من الافراد الذين أضاعوا تعب أعمارهم وجلسوا فاغرين افواههم وكلّ منهم صفر اليدين.

 

يقولون أنّ: "مُلك المسيح ألف سنة"... لقد أساء نفر في كلّ قرن تفسير كلمات سفر الرؤيا (20: 6، و7) عن أنّ المسيح يملك ألف سنة. واعتقدوا أنّ الدنيا ستنهي بعد سنة 1000  للحساب الميلادي. وكانوا يعبّرون عن تكهّنات بنهاية العالم في نهاية كلّ قرن. وتألّق أمريكيّون من رافضي تعميد الاطفال في هذا المجال، ولا سيّما "توماس ميلر" الذي حدّد عودة السيّد المسيح من 21 آذار 1843 إلى 21 آذار 1844.

 

وتفنّن آخرون بهذا الاسلوب "الألفيّ" ولكنهم راحوا باستمرار يتكهّنون عن نهاية العالم عبر سنوات كثيرة لا مجال لذكرها، وهم ينسبون تنبّؤاتهم إلى أصل إلهيّ يسمو على سعة الفكر البشريّ (سنة 1889، دراسات في الكتب المقدسة، 4، 1889، ص 15).

 

وسنة 1918 توقّعت فئة أنّ سنة 1925 ستشهد عودة آباء العهد القديم ابراهيم واسحق ويعقوب الى الارض ("ملايين من الذين هم أحياء اليوم لن يموتوا ابدا"، ص 89). وبنى رئيس احدى الحركات الأمريكيّة بيتاً ضخماً في سان دييغو كاليفورنيا لاستقبال أنبياء العهد القديم وآبائه (ولم يذكر قدّيسي العهد الجديد) وسمّى المكان بالعبريّة "بيت ساريم" اي "بيت الأمراء"  أو "الوزراء".

 

ولو كان جيل 1914 هو المقصود في كلام السيّد المسيح "لن ينقضي هذا الجيل" (متّى 24 : 34)  –مع أنّه يتكلم عن جيل معاصريه اي حتى سنة 70م حيث دُمّر الهيكل السليماني الهيرودسي– فإنّ أعمار الذين وُلدوا سنة 1914 هي اليوم مئة عام ونيف. فهل يبقى منهم "ملايين" على قيد الحياة طويلا؟ كلام غير معقول. أي أنّ الآية السالفة الذكر لا تتكلّم عن جيلنا نحن ولا عن نهاية العالم بل عن خراب الهيكل وعن جيل معاصري المسيح وتمّت نبوءة المسيح بخراب الهيكل.

 

وبقيت تتوالى التكهّنات التي ما تمّ منها شيء. ويستمرّ مسلسل التكهّنات بتحديد السنة التي ستشهد نهاية العالم، والتي لم يتحقّق منها شيء.

 

 

خاتمة

 

"كيف نلقى وجه الله سبحانه تعالى؟"

 

أنعم الله علينا بأن "نخدمه بالبرّ والتقوى جميع أيّام حياتنا" كي نلقى وجهه بصدور مُنشرحة!

 

لزام علينا أن نستعدّ للآخرة ولمقابلته تعالى بالتوبة والندامة، لأنّ نهاية العالم لكلّ منّا قريبة بالوفاة، ولأنّنا سنُحاسَب بحسب أعمالنا.. ولا يقبل الله الاستهتار أو الاستهانة ولا "كثرة الإثم التي تجعل المحبّة تبرد". وأوصانا بولس الرسول أن "نعمل لخلاصنا بخوف ورعدة".

 

"فلنعمل لآخرتنا كأننا نموت غداً".. لأنّنا لا نعرف تاريخ مُفارقتنا للحياة أو تاريخ نهاية العالم، "ولا أحد يعلم ذلك".