موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢ يونيو / حزيران ٢٠٢٥
متى ترتسم الملامح بالجمال؟

أشخين ديمرجيان :

 

تلبية الطلبات

 

يحمل بعض الأفراد فكرة خاطئة عن الله بأنّه "الإله الذي يُلبّي طلبات الناس"... فكرة تؤدّي إلى تعرّض هؤلاء الأشخاص إلى صدمة، في حالة عدم تلبية الله لطلباتهم وحاجاتهم، إن التجأوا اليه تعالى من أجل الحاجة والمصلحة والمنفعة.

 

ولا يمتلك هؤلاء ولو النزر اليسير من بُعد النظر، ليفكّروا بأنّ الله عزّ وجلّ أحيانًا لا يُلبّي طلباتنا ورغباتنا وأحلامنا، لأنّه على يقين بأنّ تلك الأشياء لا تعود علينا بالفائدة على المدى البعيد، أو لأنّها تضرّنا وتؤذينا. صلاة الطلب جيّدة ولكنّها يجب ألاّ تكون الصلاة الوحيدة التي نرفعها الى الله. حبّذا لو رفع الإنسان قلبه الى الله حينما يفيض عليه تعالى وعلى أهل بيته الخيرات والنّعم. وعلينا أن نتذكّر الله ولا ننساه في الأفراح والليالي المِلاح التي تواكب حياتنا، فهي تُمثّل جزءًا بسيطاً من رعايته وحنوّه الأبويّ لنا أجمعين.

 

 

فيض من ذاته الالهية

 

أودّ أن أقول بأنّ الصلاة ليست أصواتاً وكلمات تخرج من الشّفاه والحناجر، بل هَمْساً ملائكيّاً يربطنا بذواتنا، فنغرق في عالم الرّوح شاعرين بانتعاشة وولادة جديدة، بسبب اتّحاد قلوبنا وأفئدتنا مع الله في أعماقنا الداخليّة. حينئذٍ تتغيّر مسيرتنا في الحياة ويتبدّد كلّ ما يُراودنا من خوف ووجل وأرق وقلق وضعف واضطراب ويأس وغضب وحقد وضغينة ورغبة في الانتقام وحسد وغيرة وطمع وجشع وتشاؤم... ويتدفّق فينا نور مُتّقِد، يهب نفوسنا الدفء ويحجب عنّا الظلام، ويغسل أدراننا وأوحالنا المُكَدّسَة في أعماقنا، وترتعِش صدورنا برحمة الله وغفرانه، فنختبر حقائق الحياة ونشاهد الكون بمنظار جديد، وتكتنفنا لمسة من روح الله ، وفيضاً من ذاته الالهيّة .

 

آنذاك تفوح من أعماقنا رائحة البخور لترسم ملامح وجوهنا بالعذوبة والجمال. فالصلاة تُضفي على الوجه جمالاً روحانيّاً مُمَيّزاً، أمّا الذين لا يُصَلّون فهم لا يتمتّعون بتلك الصّبغة الجميلة مهما كانت ملامح وجوههم مُتناسقة. ولكلّ مَن يتساءل قائلاً: "ما بالُ المُتعبّدين أجمل الناس وجوهاً؟".

 

يكون جواب أهل النسك والزهد (والذين لديهم خبرة طويلة وعميقة جداً في الحياة الروحانيّة): "لأنّهم اختلَوا بالرّحمان فألبَسَهُم جمالاً من جماله"! يكافئهم الله عزّ وجلّ لأنّهم يحملون قلوب طاهرة، ويبحثون فقط عن مَرضاته سبحانه تعالى، كما ويمتنعون عن كلّ أمر يسوء في نظر الله. وبملء الحسرة والتوجّع يستنكرون ويرفضون أي اهانة تَلحق بالعرش الالهي. ما المانع أن نتشبّه بهؤلاء الصالحين، فتمتلىء حياتنا بالسلام والفرح والطمأنينة والراحة والسكينة وسط زوابع الزمن العاصفة والمُتَقَلّبة.

 

 

خاتمة

 

طوبى لنا! ولكن ...

 

نحن بحاجة إلى لمسة من روح الله... ينبغي ألاّ نخاف من الاقتراب منه.. من التعرّف عليه.. من التعبير عن مكنونات قلوبنا.. وإنْ فَعَلنا، طوبى لنا! فقد ألبَسَنا نوراً من نوره.. طوبى لنا! لقد ارتوى ظمأ أرواحنا، ونِلنا رِضى مولانا!