موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٣ فبراير / شباط ٢٠٢٠
موقف الكنيسة الكاثوليكية من خطة ترامب
موقف الكنيسة من "خطة ترامب" يظهر من مواقفها السابقة والثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وهو موقف ثابت منطقي لم يتبدل منذ البداية وحتى اليوم، وهو: يحق للشعب الفلسطيني أن يقرر مصيره، ويتمتع بحقوقه مثل كلّ شعوب الأرض.
الأب بشار فواضله، المرشد الروحي لشبيبة موطن يسوع – فلسطين

الأب بشار فواضله، المرشد الروحي لشبيبة موطن يسوع – فلسطين

الأب بشار فواضله :

 

العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والأرض المقدسة "مميّزة"، فهنا أساس المسيحية وجذورها. هنا ولد يسوع المسيح وعاش وعلّم وتألّم ومات وقام من بين الأموات ممجدًا.

 

فللكنيسة الجامعة علاقة وطيدة مع الكنيسة المحلية في القدس والأرض المقدسة وكانت ولا زالت وستبقى تنظر إليها نظرة خاصة، هي نظرة يسوع وبكاؤه على المدينة المقدسة "القدس" لأنها لم ترَ السلام بعد.

 

ولهذا تابعت الكنيسة وما زالت تتابع باهتمام بالغ الأحداث المأساوية التي تحدث فيها لجميع سكانها، منذ أكثر من سبعين سنة.

 

استقبل البابا يوحنا بولس الثاني الرئيس عرفات عام 1982، يوم لم يعترف به أحد في العالم، وباستقباله اعترف بالشعب الفلسطيني وبحقه في الوجود.

 

وعقدت الاتفاقية الأساسية بين الكرسي الرسولي والشعب الفلسطيني، وتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأقيم تبادل دبلوماسي بين الكرسي الرسولي والسلطة الفلسطينية، ورَفعَ البابا فرنسيس التمثيل الفلسطيني في الفاتيكان إلى سفارة.

 

ما هو الموقف من خطة ترامب؟

 

موقف الكنيسة من "خطة ترامب" يظهر من مواقفها السابقة والثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وهو موقف ثابت منطقي لم يتبدل منذ البداية وحتى اليوم، وهو: يحق للشعب الفلسطيني أن يقرر مصيره، ويتمتع بحقوقه مثل كلّ شعوب الأرض.

 

فالصراع القائم بين الفلسطينين والإسرائيليين يكون حلّهُ على مبدأ المساواة بين الشعبين، حلًّا متفقًا عليه من قبل الطرفين.

 

أمَّا القدس، فهي مدينة مقدّسة للديانات الثلاث وللديانة المسيحية بصورة خاصة. ويجب أن يكون لها وضع خاص يحترم هذه التعدّدية فيها، تحميه ضمانات دولية تكفل ثباته واحترام الجميع له.

 

أما مشروع ترامب فلا يلبي أيًّا من هذه النقاط المذكورة. وأولها أن الخطة المعروضة لا تحظى باتفاق الطرفين، بل هي مبادرة أحادية "إسرائيلية-أميركية"، تمنح إسرائيل كلّ شيء وتتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني.

 

وثانيًا، لأن حلّ القدس الذي اعتمدته هذه الخطة لا يحترم طبيعة القدس وتعدّد الديانات فيها، ولا هو حل مقبول من قبل أحد الطرفين أي الشعب الفلسطيني.

 

وأظهر رؤساء الكنائس الكاثوليكية في القدس، في بيانهم في 30 كانون ثاني 2020 موقف الكنيسة المنسجم مع المواقف الماضية للكنيسة الجامعة، فقالوا: "إن هذه الخطة لا تمنح الشعب الفلسطيني كرامته ولا حقوقه. هي مبادرة أحادية تعطي طرفا واحدا أي إسرائيل كل ما يريد، وتحرم الطرف الثاني، أي الشعب الفلسطيني، من كل شيء".

 

وكرّروا مجدداً أنه لا يمكن التوصل إلى أي حلّ من دون اتفاق الطرفين، وكل اتفاق يجب أن يكون مؤسسًّا على المساواة في الكرامة والحقوق.

 

ليست الكنيسة طرفًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن لها موقف منه، وهو ضرورة المساواة بين جميع الشعوب.

 

ومن ثم لا يمكن أن يُحل أي صراع إلا بالعدل وباحترام حقوق كلّ شعب، صغيرًا أو كبيرًا، قويًا أو ضعيفًا. ليست القوة العسكرية هي التي تصنع العدل، ومهما خلقت أو فرضت من أوضاع ظالمة فإن مآلها الزوال. وعليه فإن القضية الفلسطينية مهما أُخضِعت اليوم لقوة السلاح وتجبُّر الأقوياء، لن يقوى هؤلاء على حلّها. سيكون حلها في صمود أهلها وفي الاعتراف الصريح من قبل إسرائيل بالشعب الفلسطيني ووجوده التاريخي، ووجوده اليوم على الأرض، وأنه هو صاحب الأرض.

 

وكذلك لن يكون حل من دون الحل المناسب للقدس، مدينة مقدّسة للديانات الثلاث، وعاصمة للشعبين، وعاصمة روحية للعالم.