موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تستمر أعمال العنف والهجمات التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون في فلسطين دون انقطاع، مع تدمير المباني والمركبات، وإشعال الحرائق، وتخريب المحاصيل. لا توجد سلام في بلدة الطيبة، القرية الصغيرة الواقعة على بعد عدة كيلومترات شمال القدس وشرق رام الله، والمعروفة بأنها آخر قرية فلسطينية لا يزال يسكنها المسيحيون بالكامل.
يقول الأب بشار فوضلة في حديثه مع "فاتيكان نيوز": "في الأيام الأخيرة، تعرّضنا لهجمات جديدة من المستوطنين". وينحدر الكاهن من قرية عبود القريبة من رام الله، وهو راعي كنيسة اللاتين في الطيبة منذ عام 2021. وتضم البلدة، التي يزيد عدد سكانها قليلاً عن ألف نسمة، ثلاث كنائس: الكنيسة الأرثوذكسية، وكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك، والكنيسة اللاتينية.
ويضيف الأب فوضلة أن "المستوطنين دمروا أحد المباني التابعة للرعية ولأحد أبنائها، بالإضافة إلى سيارتين كانتا متوقفتين أمامه. لقد ثقبوا الإطارات وكسروا الزجاج والنوافذ وكل شيء". كما تم تدمير محطة الوقود للمرة الثانية خلال يومين وسُرقت محتوياتها بالكامل. ويؤكد الأب فوضلة أن "أعمال التخريب والعنف هذه غير مقبولة وتتطلب إدانة حازمة من الإسرائيليين".
وفي وقت سابق، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهجمات التي وقعت الاثنين الماضي في إحدى قرى الضفة الغربية وشنّها بعض المستوطنين، واصفًا إياهم بأنهم "مجموعة صغيرة من المتطرفين". ويشير الأب فوضلة إلى أن هذه الكلمات "تعني الكثير"، كونها دليلًا إضافيًا على أن "ما يحدث في الضفة الغربية جريمة حقيقية"، معتبرًا أن ردّ نتنياهو يعكس تأثير الضغط الدولي لوقف العنف "غير المقبول".
ومع ذلك، فإنّ بلدة الطيبة ليست جديدة على هذه الهجمات، فقد تعرّضت لهجمات المستوطنين منذ زمن، لكن وتيرتها ازدادت بعد 7 أكتوبر 2023، خصوصًا مع بداية موسم الحصاد وقطف الزيتون. ويضطر العديد من الفلسطينيين في المنطقة للسفر للوصول إلى أراضيهم الزراعية وقت جمع المحاصيل، إلا أن الحواجز والعنف المستمر يعيقهم دائمًا.
وبحسب منظمة "ARIJ" الفلسطينية غير الحكومية، من المتوقع أن يشهد إنتاج زيت الزيتون، الذي يمثل أهمية تاريخية في فلسطين، انخفاضًا كبيرًا هذا العام بسبب الجفاف وهجمات المستوطنين. ويشرح الأب فوضلة: "هذه هي السنة الثالثة التي لا نستطيع فيها الوصول إلى بساتين الزيتون الخاصة بنا".
وأسهمت الهجمات المتكررة في خلق مناخ من الخوف بين السكان، الذين وصلوا إلى حد الاستياء والإحباط. ويقول الأب فوضلة: "بعد الهجمات العديدة للمستوطنين -ليس فقط في بلدة الطيبة، بل في منطقة شرق رام الله- يفكر الكثيرون في الهجرة، ومغادرة البلاد لأن الأمان غائب". ويضيف أن الحياة اليومية في الطيبة "تخضع لقيود عديدة بسبب الإغلاقات والحواجز العسكرية".
ولفتت هذه الأوضاع المعيشية الصعبة انتباه المؤسسات الدينية والمدنية في تموز الماضي، عندما زار رؤساء الكنائس في الأرض المقدسة -جنبًا إلى جنب مع بعثات دبلوماسية- البلدة للتعبير عن دعمهم، مع طلب بسيط: السلام.
ويشير الأب فوضلة إلى أن رسالتهم حملت ثلاثة أبعاد: "علامة وحدة بين المسيحيين وقربهم من بعضهم؛ وبادرة تضامن دبلوماسي؛ ومحاولة للضغط على السلطات لوقف هجمات المستوطنين"، التي تصاعدت إلى درجة إشعال حريق وصل إلى حنية كنيسة القديس جاورجيوس (الخضر).
ويؤكد الأب فوضلة على أهمية "الاستمرار في الصلاة"، لأنّ الصلاة "يمكن أن تصنع المعجزات، وتُغيّر الناس، وتحوّل هذه الأوضاع للأفضل وتقود إلى السلام". كما شدّد على ضرورة دعم رعيّة الطيبة، وهي رعية صغيرة تُعيلها البطريركية اللاتينية في القدس، مع التركيز على خلق وظائف جديدة لتوفير الاستقرار والدخل للعائلات، وجمع التبرعات لمشروع إسكان.
ويختم الأب بشار فوضلة حديثه بالقول: "الهدف هو ألا نفقد الأمل أبدًا. ففي مواجهة الخوف من هجمات المستوطنين، تدعو الكنيسة إلى ’إحياء الرجاء‘ في قلوب الناس - أملاً في إمكانية العيش بسلام وأمان. رجائي هو رجاء القيامة".