موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
يقترب عيد الميلاد في أرض ميلاد المسيح، لكن الاستعدادات تجري وسط أجواء من القلق.
وحذّر الأب جبرائيل رومانيللي، كاهن رعية العائلة المقدّسة للاتين في مدينة غزة، في حديثه مع مؤسّسة "عون الكنيسة المحتاجة" بعد نحو شهر ونصف من بدء وقف إطلاق النار، من أنّ "العالم يجب أن يعرف أن هنا أكثر من مليوني إنسان لا يملكون شيئًا ويحتاجون إلى كل شيء".
وأضاف: "على المجتمع الدولي أن يوضّح أن الناس، وفق القانون الدولي، لهم الحق في العيش على أرضهم… يجب أن نُصلّي كثيرًا، من أجل السلام، ومن أجل جميع سكان هذه الأرض المقدسة، سواء في غزة أو فلسطين أو إسرائيل."
ولا يزال الناس يحاولون التعافي منذ بدء الهدنة الهشّة في 10 أكتوبر.
وقال الكاهن: "البعض حاول تنظيف منازلهم أو ما تبقّى منها"، لكن نقص الآليات اللازمة لإزالة الركام وتعطّل البنية التحتية الأساسية -من مياه وكهرباء وصرف صحي- يجعل الأمور أكثر صعوبة. وأضاف: "لا توجد أي بوادر لإعادة الإعمار. نقص الإمكانيات يزيد المعاناة، وغياب الأفق يفاقم القلق"، داعيًا إلى دعم مادي وروحي ومعنوي للجميع، مسيحيين ومسلمين، لأن "الجميع بشر، ويتألمون بالجسد والنفس والقلب."
ومنذ توقف الحرب، أشار الأب رومانيللي إلى أنّ بطريركية القدس للاتين استطاعت من إرسال مساعدات مهمّة ساعدت على دعم أكثر من 12 ألف عائلة، فيما قدّمت منظمات أخرى الفاكهة والخضروات والمواد الأساسية. ورغم ذلك، لا تزال الحاجات أكبر من الموارد المتوفر، ورغم انخفاض الأسعار قليلًا، إلا أنها ما تزال مرتفعة جدًا بالنسبة لكثير من الناس.
ورغم الظروف، بدأت الاستعدادات لعيد الميلاد. وشرح الأب رومانيللي: "نخطط لما سننظم، وبدأنا بتدريبات الجوقات والدبكات، وقد نقيم عرضًا بسيطًا خارج أسوار المجمّع إذا سمحت الظروف." كما يخطط لتنظيم زيارات للمرضى في المجمّع ولمن عادوا إلى بيوتهم، مع تقديم هدايا صغيرة لهم. ويقول إنه يحاول الحصول على الشوكولاتة -"بأي ثمن"- لأنه يأمل أن "تُدخل الفرح إلى قلوب الجميع."
وعلى مدى السنوات الماضية، وحتى قبل الحرب، حرص البطاركة اللاتين على زيارة الرعيّة الكاثوليكية الوحيدة في غزة قبل عيد الميلاد للاحتفال معهم. فهل سيكون ذلك ممكنًا هذا العام في ظل ظروف الهدنة؟ حتى الآن، الأمر الوحيد المؤكد هو أن تصاريح الخروج التي كانت تُمكّن بعض المسيحيين الغزيين من قضاء العيد مع عائلاتهم خارج غزة ليست مطروحة إطلاقًا.
وفي انتظار عيد الميلاد، تبقى الحياة الروحيّة في الرعيّة نشطة. ومنذ بدء وقف إطلاق النار، خرجت ثلاث رحلات إلى البحر، حيث أتاحت الرحلة الأخيرة في 21 تشرين الثاني لحظة نادرة من الراحة لـ130 من النازحين، بينهم كبار السن والمرضى والعائلات. ويقول الأب جبرائيل مبتسمًا: "أطفال بين الثالثة والخامسة، وُلدوا قبل الحرب بقليل، شاهدوا البحر لأول مرة."
كما عاد التعليم، مع بدء الدروس لـ150 طفلًا وفتى نازحين، لتوفير بداية ممكنة للعام الدراسي 2025-2026 رغم الظروف. لكن لا يمكن استقبال المزيد، لأن المدارس الكاثوليكية الثلاث في غزة -والتي تضرّرت خلال الحرب- ما تزال تأوي العديد من العائلات النازحة.
ويضم مجمّع كنيسة العائلة المقدّسة في غزة 450 نازحًا، بينهم 30 مسلمًا من ذوي الإعاقة وعائلة مسلمة واحدة. ومعظم المسيحيين في غزة، كاثوليكًا وأرثوذكس، يقيمون هناك. وقد تمكّن نحو 60 شخصًا من الانتقال إلى أماكن أخرى أو العودة إلى منازلهم، أو ما تبقى منها، لكنهم ما يزالون يزورون المجمّع بانتظام للحصول على مياه الشرب وشحن هواتفهم.