موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
كانت بلاد الشام والعراق ومصر محتلّة من الفرس، ولكن كانت قوّة الاغريق في ازدياد سريع، وبدأت المواجهة بينهما في ربيع عام 334 قبل الميلاد، واستمرّت المعارك بينهما حتى فتح الإسكندر الأكبر المقدوني (من منطقة البلقان أي يوغوسلافيا) فتح بلاد آرام (أي كلّ من سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، بالإضافة إلى مناطق حدوديّة مجاورة)، إذ عبر الاسكندر وجيشه بوّابات قيليقية ومصر عام 333 ق.م. أحبّ المصريون القدماء الاسكندر الكبير لاحترامه لمقدّساتهم الدينيّة وقرّر أن يبني مدينة تحمل اسمه، وهي مدينة الإسكندرية، لتكون نقطة وصل بين مصر واليونان، وشيدت على نمط المدن اليونانيّة.
وبعد وفاته، اقتسم جنرالاته الشرق الأوسط فتولّى السلوقيّون أراضي اليهوديّة والجليل والسامرة (والسلوقيّون سلالة يونانيّة حكمت بلاد آرام سابقة الذكر خلفاً للاسكندر الأكبر) في حين تولّى البطالسة حكم مصر. إلاّ أنه بمجيء أنطيوخوس الرابع أو أبيفانيس إلى الحكم -والذي ملك سوريا من 175 - 163 ق.م. (وهو سلوقي)- بمجيئه حدثت فتنة عظيمة في اليهوديّة بسبب إقامته مذبحاً للمعبود الوثنيّ زيوس في هيكل أورشالم، ممّا أثار اليهود وكهنتهم، وقامت ثورة عظيمه مناهضة للسلوقيين بتأييد من روما وسُمّيت بثورة المكابيين (1 مكا 1: 41-53)، واستمرّت نحو مائة عام، استطاع خلالها اليهود حكم أنفسهم بسلالات منهم، وأعادوا بناء الهيكل ونالوا حرّيّتهم الدينيّة.
سنة 63 ق.م (قبل الميلاد) الى سنة 4 للميلاد
مع تنامي أطماع روما في بلاد سوريا، هزم الرومان بقيادة القائد الروماني بومبيوس عام 64 ق.م. السلوقيّين (الهلينيين اليونانيين)، وأنهى وجودهم في بلاد سوريا كلّها. وأخمد ثورة المكابيين. واحتلّ القائد الرّوماني بومبيوس معظم الشرق الأوسط، بما فيها فلسطين، وصارت خاضعة للامبراطوريّة الرّومانيّة، فحاصر أورشالم وقد مزّقتها الخصومات، وسُلّمت المدينة، ودنّس بومبيوس قدس الأقداس، وسمح لهركانوس بالبقاء رئيسًا للكهنة اليهود.
قام بومبيوس باعتقال وأسر القائد المكابي (أريسطوبولوس) الذي استنجد بالرومان، وأرسله بومبيوس إلى روما مع أولاده، مقيّدين بالأغلال الحديدية، وأظهره في العرض العسكري الذي أقامه الجيش الروماني في مدينة روما، احتفالاً بالنصر العظيم على كلّ البلاد السورية، بما فيها مدينة أورشالم.
وبعد أن استتبّ الأمن في المدينة، غادرها بومبيوس بعد أن عَيّن حاكمًا عليها المدعو إسكاريوس، وهو أحد قادة جيشه المنتصر، وأمره أن يحكم باسم روما. وبذلك بدأ حكم الرومان في هذه المنطقة. وسيّطر الرومان على كلّ البلاد السورية من الفرات إلى حدود مصر، وضيّق الخناق على اليهود، وأمرهم أن يقدّموا في هيكلهم ذبيحة كلّ يوم تكريمًا لقيصر روما، وأمرهم بالخضوع والولاء له.
طوبى لفاعلي السلام
يتربّع الشرّ على عرش العالم كجزء لا يتجزّأ منه. في بداية العالم كان القصد أن يعيش الإنسان حياة سعيدة، ولكن تمرُّد (خطيئة) آدم ومن ثمّ تكرار سلسلة الخطايا أدخلت الإنسان في هذه الدوّامة من الأذى والألم. وهكذا تطوّرت الأمور وأصبحت الحروب والشرور ملازمة للإنسان ولتاريخ البشريّة كجزء أصيل في الكون.
بينما المؤمن لا يسمح للشرّ بأن يتحكّم به، حسبما جاء في تعاليم السيّد المسيح: "طوبى لفاعلي السلام فإنّهم أبناء الله يُدعَون" (متّى 5: 9). ترى كم حاكم على وجه البسيطة تنطبق عليه هذه التطويبة؟! بل تنطبق على السواد الأعظم الآية التالية من ويلات الكتبة والفريسيين التي ذكرها المسيح في عظته الشهيرة على الجبل: "ويلٌ لكم تركتم أثقل الناموس: الحقّ والرحمة والإيمان ..." (متّى 23:23).
خاتمة
يأتي السلام من خلال التوثيق والتعاون بين الأشخاص والدول، وهو ضالّة الشعوب المنشودة والمجتمعات المقهورة. ويُبنى من خلال إحقاق الحقّ، وتطبيق العدالة القضائيّة والاداريّة والاجتماعيّة التي تردع ذوي المصالح والأطماع.
نحن لا نرى ولا نلمس ولا نختبر سوى خطر دائم يهدّد بالأمن والسلام العالمي والتعدّي على المقدّسات المسيحيّة والإسلاميّة في الأرض المقدّسة .. وما أحوجنا إلى ثقافة إنسانيّة عالميّة تنادي بالسلام وتنبذ الظلم والقهر في سبيل تحرير البشريّة من قيود الطغاة!