موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢١ ابريل / نيسان ٢٠٢٢
كهنة البطريركية اللاتينية في الأردن يجددون مواعيد كهنوتهم يوم خميس الأسرار
صورة جماعية لكهنة البطريركيّة اللاتينية عقب القداس (تصوير: عامر سمير / أبونا)

صورة جماعية لكهنة البطريركيّة اللاتينية عقب القداس (تصوير: عامر سمير / أبونا)

أبونا :

 

جدّد كهنة البطريركيّة اللاتينيّة في الأردن مواعيد كهنوتهم، وذلك خلال القداس الذي ترأسه النائب البطريركي للاتين في الأردن المطران المعيّن جمال خضر، في كنيسة العذراء الناصريّة في العاصمة عمّان، صباح اليوم، بالتزامن مع احتفال الكنيسة في المملكة بخميس الأسرار.

 

وبعد إعلان الإنجيل المقدّس، قال المونسنيور خضر في عظته: عندما نجتمع حول الإفخارستيا يوم خميس الأسرار، وفيه أسّس السيد المسيح سرّ القربان الأقدس، فإنّها مناسبة مقدّسة لتجديد وعودنا الكهنوتيّة. ولفت إلى أنّ محور احتفال اليوم هو سرّ القربان الأقدّس. فمع كثرة أحداث هذه الليلة في الإنجيل، من العشاء الأخير وغسل الأرجل والتنبؤ بخيانة يهوذا ونكران بطرس إلى وصيّة المحبّة، ثم الخروج إلى بستان الزيتون وما تبعها من أحداث جسام، إلا أنّ كلّ هذه الأحداث تجد معناها وغايتها في القربان الأقدس.

 

أضاف: "أقام السيد المسيح في العشاء الأخير مع البشريّة عهدًا جديدًا. فمن خلال جسده المقدّم لنا ودمه المبذول من أجلنا، أقام هذا العهد الذي تنبأ عنه الأنبياء وانتظرته البشريّة طويلاً ليضم كافة الشعوب ويصبحوا أبناءً لله. فعندما يأخذ الكاهن في القداس الخبز بين يديه ويقول: ’هذا هو جسدي الذي يبذل من أجلكم‘ فإنّه يتحد بالمسيح في هذا السرّ العظيم الذي هو سرّ الكهنوت، ليقدّم جسده هو أيضًا مع المسيح. وعندما يأخذ الكأس فيقول: ’هذا هو دمي، دم العهد، الذي يُراق من أجلكم‘ فإنّه يضع حياته كلها في هذه الكأس، ويبذل ذاته مع ذاك الذي بذل ذاته من أجلنا وأنعم علينا بنعمة الكهنوت المقدّس".
 

الكهنوت والقربان.. متحدان

 

وأوضح بأنّ "سرّ الكهنوت مرتبط عضويًا بسرّ القربان الأقدس. ففي القربان، والاحتفال به والتأمل بعمقه والسجود أمامه، يجد الكاهن معنى لحياته، ومنه يستمد القوة لمتابعة رسالته، وفيه يجد عزاؤه في صعوباته، وبه يقوم برسالته بأن يعطي الحياة للعالم على مثال المسيح الذي أطاع حتى الموت على الصليب. فبدون سرّ القربان نصبح أُجراء نقوم بوظيفة. وبدون تقديم يسوع لذاته في العشاء الأخير تصبح تضحيته على الصليب غير مفهومة. وكما قال أحد اللاهوتيين المعاصرين: ’دون خميس الأسرار فإنّ أحداث الجمعة هي مجرد عملية موت وإعدام‘. فما المعنى الحقيقي لآلام المسيح هو ما صنعه في العشاء الأخير".

 

أضاف: إنّ "ما يعطي المعنى الحقيقي لآلامنا هو اتحادنا بالمسيح في سرّ القربان الأقدس. فعندما نجد صعوبة أو فتور أو تراخي ليس لنا إلا القربان الأقدس، لنسجد أمامه ونطلب العون، فهذا السر هو مفتاح حياتنا الكهنوتيّة، وهو سبب رجائنا الذي لا يخيب. في القربان، وانطلاقًا منه، نسعى لنشر نعمة المسيح على الجميع. في القربان نجد الغذاء الروحيّ الذي لولاه لمتنا عطشًا وجوعًا. لإنّنا لا نبشّر بشخصيّة تاريخيّة فذّة، هو يسوع، إنما نبشّر بمسيح مصلوب، وبمسيح جاء لا ليُخدَم بل ليَخدِم ويفدي بنفسه جماعة الناس".

الأخوّة -لا الصداقة- الكهنوتيّة

 

وأشار المونسنيور خضر إلى أن "قداس اليوم حول مائدة القربان هو الذي يجعلنا جسدًا كهنوتيًا واحدًا. فالأخوّة الكهنوتيّة أساسها القربان الأقدس، وإلا فما الذي يجمعنا! نحن جميعًا جسد واحد لأنّنا نتناول من هذا الخبز الواحد، فيحب بعضنا بعضًا كما أحبنا السيد المسيح. نعتني ونساند بعضنا بعضًا كإخوة متحدين بالمسيح نفسه؛ نفرح معًا، نتشارك أحزاننا وهمومنا معًا. هذه إخوّة وليست صداقة؛ لأن الإنسان يختار أصدقاءه ولكنه لا يختار اخوته" مشدّدًا بأنّ "هذه الأخوّة ليس خيارًا في حياتنا الكهنوتيّة، بل جزء أصيل منه".

 

وقال: اعتاد المؤمنون أن يطلبوا من الكهنة الصلاة من أجلهم، وهذا ما يفرّح قلب الكاهن. ولكن اليوم، يوم خميس الأسرار، يوم الكهنة، فإنّنا نحن نطلب من المؤمنين أن يصلوا من أجلنا. نحن نحتاج صلاتكم لنا في هذا اليوم، لنستمرّ برسالتنا، ولنكن أمناء لتلك النعمة التي نلناها يوم رسامتنا، ولنتّحد أكثر بمعلمنا وربنا يسوع المسيح الذي أحبّ خاصته الذين هم في العالم إلى أقصى الحدود.

نصبح كنيسة في الإصغاء، المشاركة والأخوّة

 

واقتبس المطران خضر من عظة بطريرك القدس للاتين بييرباتيستا بيتسابالا يوم خميس الأسرار. وقال: "يبدو هذا الوقت في العالم حولنا وقت التشتّت والمصلحة الذاتيّة وانعدام الإحساس الحقيقي بالجماعة. في هذه الحالة، يأتينا فصح يسوع، الذي بذل نفسه ليجمع شملنا. أمام مخاوفنا، وفي صميم انغلاقاتنا، وأبوابنا المقفلة، يشق هو طريقه، لا بسحر الحلول السهلة، ولا بالأحكام السطحية والمستخفة، لكن بثقته بالآب، بثقة أقوى من الخوف، وبحبٍّ للإخوة أكبر من انغلاقاتنا".

 

أضاف: "نحن كنيسة: إذن لنَصِرْ كنيسة! نصبح كنيسة بالإصغاء المقتنع إلى الله والاتفتاح المضياف على الآخر. نصبح كنيسة بالمشاركة الجماعيّة في الصلاة والاحتفال بأن تكون ترحيبًا بالله وبالآخر لنصير في المسيح جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا. ونصبح كنيسة في الأخوّة الكهنوتيّة وفي المسؤوليّة العلمانيّة المشتركة، لأننا بهذا، وفقط بهذا، سوف يميزوننا ويعرفون أننا تلاميذ الرّب: إن كنا نحب بعضنا بعضًا. في الواقع، إن مصداقيّة شهادتنا متوقفة على شركتنا".

 

للمزيد من الصور