موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الإثنين، ١١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٤
كلمة المونسنيور خالد عكشة في القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو
فيما يلي نص الكلمة التي ألقاها المونسنيور خالد عكشة، أمين سرّ لجنة العلاقات الدينيّة مع المسلمين في دائرة الحوار بين الأديان في حاضرة الفاتيكان، أمام المشاركين في القمة العالمية لقادة ورموز الأديان، في سياق مؤتمر الأطراف COP29 من أجل المناخ، والتي عقدت في العاصمة الأذريّة باكو، من 5 وحتّى 6 تشرين الثاني 2024.

المونسنيور خالد عكشة :

 

"إنّ آمال البشر وأفراحهم، في زمننا هذا، إنّ أحزانهم وضيقاتهم، لا سيّما الفقراء منهم والمعذَّبين جميعًا، لهي أفراح تلاميذ المسيح وآمالهم، هي أحزانهم وضيقاتهم. وهل من شيءٍ إنسانيٍّ حقّ إلاّ وله صداه في قلوبهم؟" (دستور رعائي في "الكنيسة في عالم اليوم" فرح ورجاء Gaudium et spes، 7 كانون الأول/ديسمبر 1965، رقم 1).

 

ما تمّ تأكيده هنا عن المسيحيّين، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يمكن تطبيقه على جميع المؤمنين، وخاصّة القادة الدينيّين. نجتمع في سياق مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين من أجل المناخ  COP29في أذربيجان، البلد المعروف بكرم ضيافته. يستحقّ مضيفونا امتناننا لترحيبهم الحارّ وكرم ضيافتهم.

 

يشرّفني ويسعدني أن أمثّل في هذه القمّة دائرة الحوار بين الأديان في الفاتيكان، حاملاً لكم تحيّات رئيسها وتمنيّاته، نيافة الكاردينال ميغيل أيوسو، الذي لم يتمكّن من المشاركة لأسباب صحيّة.

إن اهتمامنا المشترك في هذا التجمّع الهام هو "التغيّر المناخيّ"، مع ظواهر أخرى تؤثّر على "بيتنا المشترك" - هذه كلمات البابا فرنسيس - مثل الاحتباس الحراريّ، والجفاف، والتصحّر، والفيضانات. إنّ المأساة التي وقعت في مدينة فالنسيا بإسبانيا قبل أيّام قليلة، ما زالت تحت أعيننا بمئات الضحايا ودمارٍ هائلٍ في الممتلكات. لقد فوجئتُ عندما قرأت أنّه بسبب تغيّر المناخ، سيكون لدينا المزيد من الاضطرابات أثناء رحلاتنا الجويّة.

النشاط البشريّ، كما نعلم جميعًا، هو المسؤول الرئيس عن "أمراض الكوكب" وتأثيراتها السلبيّة على حياتنا.

 

كزعماء دينيّين، لا نملك القوّة السياسيّة لاتخاذ قرارات تساهم في وقف تدهور كوكبنا والعمل على شفائه. ومع ذلك، لدينا "قوّة ناعمة"، مستمدّة من السلطة الدينيّة والأخلاقيّة التي نتمتّع بها داخل جماعاتنا، وأحيانًا خارجها. إنّ مثل هذه السلطة هي من أجل الصّالح العام، ولا تهدف إلى السيطرة على الآخرين. ويمكننا أن نتّخذ مثل هذا الموقف الحكيم والمتواضع، في معالجة الأزمة متعدّدة الأشكال التي يمرّ بها كوكبنا، من منطلق إحساسنا بالمسؤوليّة تجاه الأجيال الحاليّة والمستقبليّة.

 

لقد استلهمت آية من سفر المزامير في تحضيري المقترحات التي سأقدمها لكم: "يا رب، لم يستكبر قلبي، ولا استعلت عيناي، ولو أسلك طريق المعالي، ولا طريق العجائب مما هو أعلى منّي" (مزمور 131، 1).

 

1) دعونا نرفع مستوى الوعي في مجتمعاتنا وخارجها، إذا كنّا قادرين على القيام بذلك، حول المخاطر التي يواجهها كوكبنا، نتيجة لتغيّر المناخ والاحتباس الحراريّ.

 

2) يمكن للجميع المساهمة في مواجهة تحدّيات "بيتنا المشترك" من خلال توفير المياه والكهرباء وتجنّب هدر الطعام وإعادة تدوير القمامة وزراعة الأشجار عندما يكون ذلك ممكنًا. ويمكن القيام بممارسات جيّدة أخرى في سياقات معينة.

 

3) من الضروري اتّباع أسلوب حياة جديد وقنوع. هذا هو "الاهتداء البيئيّ" الذي يدعو إليه البابا فرنسيس.

 

4) الصّلاة من أجل كوكبنا المريض هي تعبير جديد عن محبّتنا للخليقة. وضع البابا فرنسيس يومًا للصّلاة من أجل الكوكب في الأوّل من سبتمبر. وهذا الأمر ليس للمؤمنين فقط، بل أيضًا للأشخاص ذوي النيّة الطيّبة الذين ليس لديهم انتماء ديني، فيمكنهم الانضمام إلى هذه المبادرة بالطّرق التي يعتبرونها مناسبة.

 

5) دعونا ندعم الباحثين المنكبّين على الدّراسات والتجارب التي تهدف إلى شفاء الخليقة وحمايتها. كذلك عند التصويت، فإنه ينبغي أن نفضّل "السياسيّين الخُضر".

 

6) العناية بالخليقة هي وسيلة للتقارب والتّعاون بين جميع سكان عالمنا هذا، بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقيّة والدينيّة والثقافيّة أو خياراتهم السياسيّة. وهذه طريقة لتعزيز الأخوّة والصّداقة بيننا كبشر.

 

7) نحن نُدين جميع الحروب، لأنّه لا توجد "حروب مقدّسة". "السلام وحده هو المقدّس"، على ما يؤكّد البابا فرنسيس. الحرب "كارثة شاملة" فيها قتل البشر، وتدمير البنية التحتيّة والبيئة، وتلوّث الهواء والماء والتّربة، وتدمير التّراث الثقافيّ والدينيّ للشعوب والأمم.

 

ليمنح الله القادة الدينيّين والسياسيّين، وكلّ من يمارس أيّ نوع من السّلطة، الحكمة والشّجاعة! ليدعمهم في خدمتهم لكوكبنا ولجميع سكّانه!

 

أشكركم على حسن انتباهكم، وأتمنّى لكم جميعًا السّلام والنّجاح في مساعيكم الخيّرة.