موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
أصدر الأب الدكتور ريمون إيليا جرجس الفرنسيسكاني، الخبير في القانون الكنسي، كتاب جديد يحمل عنوان: "أيديولوجيّة الجندر والمثليّة الجنسيّة حسب تعاليم الكنيسة الكاثوليكيّة"، وهو يتناول موضوع يُعرض باللغة العربيّة للمرة الأولى.
وفيما يلي النص الكامل لخاتمة الكتاب:
في قلب رسالة الكَنِيسة يقع واجب الشهادة للحقّ المنبثق من الإِنْجيل وشريعة الله، لأنّ الكَنِيسة كلّما ثبّت خطأ إنسان أو غضّت الطّرف عَنْ ارتباكه، كانَت بذلك تخون رسالتها. إنَّها تخون الإِنْسان وتخون نفسها، لأنّ "الإِنْسان هُوَ الطريق الأوَّل الَّذي يجب عَلَى الكَنِيسة أن تسير فيه لتحقيق رسالتها، وهُوَ الطريق الأوَّل والأساسيّ للكنيسة، الطريق الَّذي رسمه المسيح نَفْسَه. ولِذلِكَ، فإنّ "كلّ تهديد لكرامة الإِنْسان (...) يهزّ بشدة قلب الكَنِيسة (...) ويدفعها إلَى القيام بمهمتها". هذا التعليم مدفوع أَيضًا بدعوة الرَّب يَسُوع الصالحة دائمًا لفتح قلبه له، من دون تحيزات أو مخاوف، عَلَى نطاق واسع. هُوَ وحده القادر عَلَى تهدئة الألم الشَّخصيّ والدموع الأَخلاقيّة لدى الأشخاص الَّذين يتعاطفون مَعَ المثليّات والمثليّين. فهو وحده القادر عَلَى إحلال السلام والوئام الداخليّين في حياتهم. يخاطبهم الرَّب يَسُوع بطريقة خاصَّة: "تَعالَوا إِليَّ جَميعاً أيُّها المُرهَقونَ المُثقَلون، وأَنا أُريحُكم" (متى 11، 28). إنَّ المفتاح الَّذي يفتح الطريق للشفاء الروحيّ والأَخلاقيّ هُوَ الكلّمات الَّتي نطق بها في بداية نشاطه العلنيّ: "توبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر ١، ١٥). رحّب يَسُوع بالمنبوذين في عصره، مثل العشارين والبغايا؛ رحّب بهم من دون قيد أو شرط. حتَّى أنَّه آمن أَنَّ بعض المرائين، الَّذين يتكلمون كثيرًا ولم يفعلوا مشيئة الله: "الحَقّ أَقولُ لكم: أَنَّ الجُباةَ والبَغايا يتقدّمونَكم إلَى مَلَكوتِ الله"(متى 21: 31). لكنّ يَسُوع سار أَيضًا مَعَ زكا والمرأة الزانية ليدعوهما إلَى اتباعه. فإذا رحّب بهم من دون قيد أو شرط، كما كانوا، فإنّه لم يتركهم حَيْثُ كانوا من دون قيد أو شرط! ومن ناحية أخرى، فإنّ التفكير في العلاقة بَينَ الناموس والمحبة يسمح لنا بأن نؤكّد عَلَى أَنَّ رحمة المسيح تظهر بسرعة، مهما كانَ النّاس وخطيئتهم. إنَّ قصص المَرأَة الزانية أو الخاطئ الباكى، الخطأة الجنسيّين، توضّح نظرة الرحمة الَّتي قدّمها المسيح إلَى كلّ خاطئ بقلب منسحق. أَنَّ رقة المسيح في وجه الخاطئ التائب تقوده إلَى التوقّف عَنْ ذكر الناموس. يتمّ تقديم المَحَبَّة عَلَى أنَّها روح الشَّريعة بكاملها، وتجد تعبيرها الكامل في الحقيقة.
يعلّم يوحنَّا بولُس الثَّاني: “تذكروا أَنَّ إيماننا، كما يقول القِدِّيس بولُس، لا يقوم عَلَى "حكمة النّاس" ولا يختلط مَعَ “حكمة هذا العَالَم” (1 كو 2: 5-6). ولهذا السَبَب، لن تتمكّن أي أيديولوجيّة من تقديم مسلّمة تكون بمثابة مقدّمة تخضع لها "عقيدة الإيمان". عَلَى العكس من ذلِكَ، فإنّ الإيمان هُوَ الَّذي يحكم "بحكمة الله" (1كو 2: 7) عَلَى الاستنتاجات الصحيحة للعلوم الإِنسانيَّة، والَّتي، إذا كانَت صحيحة، لا يمكن أَن تتعارض أبدًا مَعَ حقيقة الإيمان". يعلّم تقليد الكَنِيسة أَنَّ الممارسة المِثْليّة الجنسيّة - الأعمال والإغفالات والتنازل الطوعيّ عَنْ الأفكار المِثْليّة - تقع ضمن رذيلة الشهوة. وتتكون الشهوة من الاستخُدّام غير المنتظم للشهوة الجنسيّة، وتنشأ عنه شرور كثيرة أخرى، لأنّ العقل والإرادة مضطربان بطريقة خطيرة للغاية: عمى العقل، وعدم الثبات، والحبّ الأنانيّ للذات، وعدم الَقَدْرة عَلَى التحكم في أهواء الشَّخص.
يقول بنديكتوس السَّادس عشر: "أن يكون لدينا الإيمان الواضح، حسب عقيدة الكَنِيسة، كثيرًا ما يوصف بالأصوليّة، في حِينَ أَنَّ النٍّسبيّة، أي أن يحمل الشَّخص "أي ريح عقيدة هنا وهناك"، تبدو وكأنها التصرّف الوحيد حتَّى يومنا هذا. هناك توجّه إنشاء دكتاتوريّة النٍّسبيّة الَّتي لا تعترف بأيّ شيء عَلَى أنَّه نهائيّ وتترك فقط معيار الأنا الوحيد ورغباتها". وهكذا يتمّ إفراغ الأساس الجوهريّ لإيمان الكَنِيسة، أي الكتاب المقدّس، وتصبح قيمة توجيهه الَّتي تعود إلَى قرون عائقًا أمام التحرر منه: «وِفْقاً لهذه العقليّة، فإنّ كرامة الإِنْسان تتطلّب ألّا يقبل أي جدة تفرض عليه من الخارج، ولكنَّها تحدّد بنفسها، بحريّة واستقلاليّة، ما تراه صحيحًا. وبالتَّالي، فإنّ العقدة المعياريّة الموجودة في الكتاب المقدّس، وتطور التقليد والسُّلطة التعليميّة للكنيسة الَّتي تفسر هذِهِ المعايير وتجسّدها، يظهران كعقبات تعارض السعادة ويجب التحرر منها".
ومَعَ ذلِكَ، هناك أعضاء من مجتمع المِثْليّين في الكَنِيسة الكاثوليكيَّة رفضوا خلفياتهم وهوياتهم الدينيَّة وسعوا إلَى التوفيق بَينَ عقيدتهم وحياتهم الجنسيّة. يقوم هؤلاء الأشخاص بعمليّة المصالحة هذِهِ من خلال استخُدّام العقل والعلم واللاهوت، وسعوا إلَى إبداع "لاهوت المِثْليّين والمثليّات". هذا اللاهوت، كما طوره اللاهوتيّون من جنسين مختلفين ومثليّي الجنس عَلَى حدّ سواء، يقبل شرعيّة المِثْليّة الجنسيّة كهبة من الله، وبالتَّالي، يأمل أتباعها أن يتمّ الإعتراف بهذا اللاهوت في نهاية المطاف باعتباره تعليمًا كاثوليكيًّا رسميًّا، وأن تقبل الكَنِيسة وتضفي الشَّرعيَّة عَلَى الحَياة الجنسيّة والشَّخصيات للأشخاص المِثْليّين. تشير هذِهِ القراءة إلَى أَنَّ المِثْليّة الجنسيّة، كتوجه وطريقة "للحب"، كانَت مفهومًا غريبًا في زمن الكتاب المقدّس. لهذا السَبَب، فإنّ القراءة الأكثر سياقيّة قد تشير إلَى أَنَّ الإدانات الموجودة في النصوص الكتابيّة لا تشير إلَى المعنى "الحديث" للمثليّة الجنسيّة، وأنّ التعليم الكتابيّ تحوّل هذِهِ القضيّة لم يكن موجودًا في الواقع. هذا يترك مجالًا لـ "لاهوت المِثْليّين" لخَلْق لاهوت جديد يطبق جوانب أكثر صلة بالإنجيل مثل الحبّ والصداقة المتبادَلة لأولئك الَّذين يعانون من الإنجذاب المِثْليّ في السّياق الجديد للمجتمع الحديث.
بسَبَب هذِهِ التغييرات والتطورات داخل المجتمع، نشأ تحدّ ضدّ تعاليم السُّلطة التعليميّة الكاثوليكيَّة الَّتي أخذت في الإعتبار خَلْق لاهوت شامل، من خلال المعارضة للتفسيرات التعليميّة الرسميّة للكتاب المقدّس والتقليد المقدّس، وهم قادرون عَلَى خَلْق نهج كاثوليكيّ ما بعد الحداثة تُجاه المِثْليّة الجنسيّة، والَّذين يرون أنَّها هٍبة من الله وكجانب من الحَياة الجنسيّة البشريّة.
تعلّم الكَنِيسة أَنَّ احترام المِثْليّين، لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن يؤدّي إلَى الموافقة عَلَى السلوك المِثْليّ أو الإعتراف القانونيّ بالعلاقات المِثْليّة. تتطلّب المصلحة العامّة أن تعترف القوانين بالارتباط الزوجيّ وتؤيده وتحميه باعتباره أساس الأسرة، وهِيَ الخليّة الأساسيَّة للمجتمع. إنَّ الإعتراف قانونيًّا بالزَّواج المِثْليّ أو مساواته بالزَّواج لا يعني فقط الموافقة عَلَى السلوك المنحرف، وما يترتب عَلَى ذلِكَ من جعله نموذجًا في المجتمع الحالي، بل يعني أَيضًا طمس القيم الأساسيَّة الَّتي تنتمي إلَى التراث المشترك للإنسانيَّة. ولا يمكن للكنيسة أَنَّ تفشل في الدفاع عَنْ هذِهِ القيم، لخير الإِنْسان والمجتمع برمته. من عدم وجود هذِهِ الخصائص الأساسيَّة من موضوعيّة النَّشاط الجنسيّ، وُلدت كلمة "الفوضى"، أو بالأحرى عبارة "الإضطراب الأَخلاقيّ الموضوعيّ" الَّتي تشير بها السُّلطة التعليميّة العاديّة للكنيسة بشكل تركيبيّ إلَى الأفعال الجنسيّة للأشخاص الَّذين يعيشون في علاقة حبّ مثليّة. والسؤال الَّذي طرحته الكَنِيسة عَلَى نفسها، هُوَ ما إذا كانَ من الممكن تحديث هذِهِ الفئات من دون إنكارها أو تشويهها، لتحقيق رعاية راعويّة أكثر فعاليّة وتماسكًا. نعتقد أنَّه لا توجد إجابة واحدة عَلَى هذا السؤال. ومَعَ ذلِكَ، يبدو أَنَّ اللاهوت يُظهر أَنَّ التحليل الأكثر تعمقًا يمكن أَن يؤدّي إلَى تطوير معاني أوسع وأكثر تعقيدًا وأكثر شمولًا لـ "الإثمار" و"التكامل". هذا التعدد في المعاني يمكن العثور عليه في أقوال الكَنِيسة نفسها، بخاصة عِنْدَما تنطبق عَلَى الحالات البشريّة الَّتي لا يوجد فيها إنجاب بيولوجيّ (العزوبة أو العذريّة، أو حالة الأزواج العقيمين). وبطبيعة الحال، فإنّ توسيع المجال الدلاليّ لهذه المُصطَلحات ينطوي عَلَى عَمَل معقد في تفسير الكتاب المقدّس والتقليد ومذهب القانون الأَخلاقيّ الطبيعيّ، والَّذي يتضمّن أَيضًا تحقيقًا أنثروبولوجيًّا.
وكما يعلّم البابا فرنسيس في الإرشاد الرَّسوليَّ "فرح الإِنْجيل"، فإنّ هذا التأكيد هُوَ الركن الثالث من الأركان الأربعة الَّتي تدعم عقيدة الكَنِيسة الإجتماعيَّة. «وهذا يعني تجنّب الأشكال المختلفة لإخفاء الواقع: الأصوليّة الملائكيّة، والشموليّة النٍّسبيّة، والاسميّة الإعلانيّة، والمشاريع الأكثر رسميّة منها الحقيقيّة، والأصوليات المناهضة للتاريخ، والأَخلاقيّات الَّتي لا خير فيها، والفكريات الَّتي لا حكمة فيها. [...].إنَّ الفكرة -التفصيلات المفاهِيَميّة- هِيَ وظيفة استيعاب الواقع وفهمه وتوجيهه. إنَّ الفكرة المنفصلة عَنْ الواقع تؤدّي إلَى ظهور مثاليات وأسماء غير فعالة، والَّتي تصنّف أو تحدّد عَلَى الأكثر، ولكنَّها لا تنطوي. […]. الواقع أسمى من الفكرة. ويرتبط هذا المعيار بتجسد الكَلِمة وتطبيقه: "بهذا تعرفون روح الله: كلّ روح يعترف بيَسُوع المسيح يأتي في الجَسَد". وحده الأساس وعَلَى الواقع يسمح لنا "بالخروج نحو شَعّب الله للدفاع عنه ضدّ الاستعمار الأيديولوجيّ الَّذي يسلبه هُويَّته أو كرامته الإِنسانيَّة".
البابا فرنسيس في الإرشاد الرَّسوليَّ "فرح الحبّ" يدعو الكهنة وجميع الَّذين يتبعون النّاس راعويًّا، لمرافقة الجميع لمعرفة إرادة الله وتحقيقها بالكامل في حياتهم. إذا قرأنا الإرشاد كله، وبخاصة الفصل الثامن ندرك أَنَّ هذِهِ الدعوة للجميع وليس فقط للأشخاص المِثْليّين. "البابا، والكنيسة معه، غير مهتمّ بجعل النّاس يلتزمون بالقواعد الخارجيّة، مهما كانَت حسنة في حدّ ذاتها ومناسبة. اهتمامه ينصبّ عَلَى مساعدة النّاس عَلَى عَمَل مشيئة الله. أي الدخول في علاقة شخصيّة مَعَ الله، والاستماع منه الكَلِمة المناسبة لحياة كلّ فرد. في الواقع، كلّ شخص يستطيع تنفيذ كلمة الله هذِهِ، الفريدة للجميع، في ملئها؛ ذلِكَ الامتلاء المحتمل المنقوش في طَبِيعَة الشَّخص، وقبل كلّ شيء، في تاريخه. في الواقع، أَنَّ مشيئة الله هِيَ مشيئة متجسّدة في تاريخ الإِنْسان، وهِيَ مشيئته الَّتي تحقق إرادتنا. ولِذلِكَ لا ينبغي لنا أن نجعل القانون نسبيًّا، بل أن نجعله نسبيًّا إلَى الشَّخص الملموس، بخصائصه. إنَّ ملء إرادة الله لشخص واحد ليس هُوَ نَفْسَه للآخرين. إنَّ ما تتجاهله مجتمعاتنا حقًّا، في نهاية المطاف، هُوَ الاستماع بعمق إلَى الشَّخص في ظروف حياته؛ نَحْنُ لا ننظر إلَى الشَّخص كما ينظر الله إليه، بطريقة فريدة، ولهذا السَبَب نَحْنُ غير قادرين عَلَى مرافقة النّاس ليجدوا كمال علاقتهم الأصليّة معه. عِنْدَما نبدأ في مجتمعاتنا بالنظر إليه كما ينظر الله إليهم، المِثْليّون جنسيًّا - وجميع الآخرين - سيبدأون بشكل طبيعيّ بالشعور بأنهم جزء من المجتمع الكنسيّ، وأنهم عَلَى ذات الطريق".
يقول البابا فرنسيس في الإرشاد الرَّسوليَّ "فرح الحبّ": "أَنَّ الزَّمن أسمى من المساحة، أوّد أن أكرر بأنَّه ليس من الضروريّ حلّ كلّ المناقشات العقائديّة، الأَخلاقيّة أو الراعويّة عَنْ طريق مداخلات السُّلطة التعليميّة" (عدد 3). بهذه الكلّمات، يوجهنا إلَى تفعيل المسار، بدلًا من التوقّف عِنْدَ المساحات الَّتي تشغلها الإجابات الموجودة بالفعل، وأيضًا عدم التوقّف عَنْ التفكير. بالطبع، تقدّم تفكير المؤمن لا يمكن أَن يغيب عَنْ باله وحدة العقيدة والممارسة، لكنّ هذا لا يمنع من وجود طرق مختلفة لتفسير بعض جوانب العقيدة أو بعض النتائج المترتبة عليها. تظل المِثْليّة الجنسيّة لغزًا جزئيًّا. بالنسبة لجميع المتضررين تقريبًا، فإنّ الأمر ينطوي عَلَى معاناة لها أسباب متعددة. ولم يعد يعتبر مرضًا أو انحرافًا، ولم تقل العلوم الإِنسانيَّة الكَلِمة الأخيرة في أصوله وأسبابه. ويجب عَلَى الكَنِيسة أن تبقى مصغـية.
من السهل أن ترفع إصبعك، وتتّهم، وتسخر، بـخاصة عِنْدَما يتعلّق الأمر بالجنس. منذ زمن يَسُوع، لم يكن هناك نقص في الإتهامات والإدانات، الَّتي وصلت إلَى حدّ تهديد حَيَاة المتهمين: لنتذكر المَرأَة الَّتي أُلقي القبض عليها وهِيَ تزني (يو8، 1- 11). والآنَ، بعيدًا عَنْ أي جدل، يوجه يَسُوع كلّ فرد إلَى حياته وضميره: «مَن منكم بلا خَطِيئَة فليرجمها أوّلًا بحجر» (يو 8: 7). أليس هذا هُوَ التواضع نَفْسَه الَّذي أظهره البابا فرنسيس في عام 2013 عَلَى متن الطائرة الَّتي أعادته من Rio؟ "إذا كانَ الإِنْسان مثليّا ويبحث عَنْ الله ولديه إرادة صالحة، فمن أنا لأحكم عليه؟". تناول البابا هذِهِ الكلمات مضيفًا، في حزيران 2016، لدى عودته من زيارته إلَى أرمينيا، إنَّه يجب احترام المِثْليّين ومرافقتهم روحيًّا، وأنَّه يجب عَلَى الكَنِيسة "الاعتذار لهذا الشَّخص المِثْليّ الَّذي أسأ إليه". لِذلِكَ، لا يمكننا أن نفقد "الثقة في عطايا الله الطبيعيّة والفائقة الطَبِيعَة للإنسان"، لأنه حتَّى الخَطِيئَة الأصليّة لم تستطع أن تنزع البَرَكة الإلهِيَة الموضوعة عَلَى الزوج الأوَّل من الأسلاف (تك1، 28).
عِنْدَما نواجه مواضيع مختلفة متعلّقة بالحَياة الجنسيّة بشكل عام والمثليّة الجنسيّة بشكل خاص، من المهم أن نتعلم النظر بعمق، لكي نتمكن من مرافقة بعضنا البعض في دروب الحَياة. هذِهِ النظرة التأمليّة يجب اكتسابها وتطويرها من خلال فحص المواقف المختلفة لنشيد المَحَبَّة الَّذي يرنمه بولُس (1كو: 13). "لا بد من معالجة هذِهِ الحالات بطريقة بناءة، محاولين تحويلها إلَى فرص للسير نحو ملء الزَّواج والعائلة عَلَى ضوء الإِنْجيل. يتعلّق الأمر باستقبالهم ومرافقتهم بصبرٍ وبرقّة" لا صرامة ولا تراخٍ، وجهة النظر الجديدة للرعاية الراعويّة الكافية أصبحت أكثر تطلبًا من ذي قبل. ترى الكَنِيسة نفسها مدعّوة إلَى ممارسة خدمة يَسُوع الراعويّة، وذلك عِنْدَما تهتم بالشَّخص الَّذي يصل فجأة، وتحترمه في تفرده وتميزه. في اللحظة المحدّدة من طريقه، من دون التخطيط له. إنَّ التحولات الثقافيّة تخَلْق حاجة أخلاقيّة وروحيَّة لاستقبال العديد من الأشخاص الَّذين يعانون من التعب، لمجتمعاتنا بشكل عام وللكنائس المسيحيّة بشكل خاص.