موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
وجهت "كايروس فلسطين" رسالة إلى رئيس مجلس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة، رئيس الأساقفة تيموثي بروجليو، أعربت فيه عن استنكارها الشديد لوثيقة "ترجمة الكراهيّة" التي أصدرها المجلس، بالتعاون مع اللجنة اليهوديّة الأمريكيّة.
وأوضحت في مستهل الرسالة بأنّ الوثيقة تأتي "في وقتٍ يعاني فيه شعبنا معاناةً بالغة، إذ يُقتل ويُجوع ويُهجّر عشرات الآلاف في ظلّ حرب الإبادة الجماعيّة التي تشنها إسرائيل على غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وهي أفعالٌ أدانتها أبرز منظمات حقوق الإنسان الدوليّة والإسرائيليّة".
وأشارت إلى أنّه تمّ اعتماد الوثيقة من دون التشاور مع المسيحيين الفلسطينيين، مما يجعلهم غائبين وغير موجودين في خطاب يؤثر بشكل مباشر على حياتهم ومجتمعاتهم. وقالت: "إنّ فشل الوثيقة في معالجة خطاب الكراهية المنتشر على الجانب الإسرائيلي يجعلها متحيّزة بشكل أساسي، مما يحوّلها فعليًّا إلى شكل من أشكال خطاب الكراهية ضد الفلسطينيين".
وأضافت كايروس فلسطين في بيانها: "بصفتنا أتباعًا لربنا يسوع المسيح، فإنّنا مدعوون لقول الحق في وجه السلطة والدفاع عن العدالة. وقد أعلن يسوع نفسه: ’طوبى للجياع والعطاش إلى البر، فإنهم يُشبعون‘ (متى 5: 6). تُشوّه هذه الوثيقة نضالنا، كما تسعى إلى إسكات الأصوات الداعية إلى الحق والعدالة في الأرض المقدسة. إضافة إلى أنّها تُنكر الظلم الجسيم الواقع على الفلسطينيين، بمن فيهم المجتمع المسيحي الأصلي الذي يوشك وجوده في الأرض المقدسة على الانقراض".
وأوضحت بأنّ "الانتقادات لسياسات إسرائيل وأفعال قادتها ليست موجّهة إلى المجتمعات اليهوديّة أو اليهوديّة بحد ذاتها"، مشدّدة على وجوب "عدم الخلط بين إسرائيل وسياساتها والهوية اليهودية"، وبأنّ "الدعوات للمساءلة ليست تعبيرًا عن معاداة السامية، بل هي مطلب أخلاقي وعادل من أجل السلام والأمن والكرامة؛ للفلسطينيين والمجتمعات اليهودية على حد سواء".
وقالت: "العدالة الحقيقية لا تأتي على حساب شعب على حساب آخر، بل تضمن سلامة وحقوق الجميع. وفي هذا السياق، فإن اعتماد إعلان القدس أو تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية أمر إشكالي للغاية، لأنّ هذا التعريف يساوي بشكل خطير بين الصهيونيّة واليهوديّة، على الرغم من أن آلاف اليهود حول العالم يرفضون الصهيونيّة كأيديولوجيّة سياسيّة".
ولفتت إلى أنّ الوثيقة "تزعم أن اتهامات الاستعمار الاستيطاني والتطهير العرقي في فلسطين ’باطلة قطعًا‘، متجاهلةً الأدلة الدامغة من منظمات مثل هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، وبتسيلم، والعديد من المؤرخين الإسرائيليين، وحتى العديد من الشخصيات الصهيونية المبكرة مثل زئيف جابوتنسكي".
وأشارت إلى أنّ الوثيقة "تساوي بين المقاومة الفلسطينية ومعاداة السامية، وهو خلط خطير يُشوّه الواقع ويُقوّض النقد المشروع للقوانين والسياسات العنصرية الإسرائيلية". وفي هذا السياق، أعربت كايروس فلسطين عن "الرفض القاطع جميع أشكال معاداة السامية"، كما ولأية "محاولة تستخدام هذه التهمة لتبرير القمع وتجريم نضالنا المشروع من أجل حقوقنا الأساسية وحقنا في تقرير المصير".
كما لفتت إلى أنّ "التصوير الانتقائي للتاريخ من قبل الوثيقة، يُغفل الخسائر الفلسطينيّة الفادحة في حروب إسرائيل ضد شعبنا في سعيه نحو الحرية"، كما أنّها "تتجاهل الدمار الحالي في غزة، حيث هلكت عائلات بأكملها، ولم تسلم الكنائس التي تؤوي الأبرياء من القصف الإسرائيلي. حتّى أنّ البابا فرنسيس أدان هذه القسوة، مُعربًا عن أسفه بالقول: ’كم من القسوة! أطفال يُقتلون بالرشاشات، ومدارس ومستشفيات تُقصف‘".
وقالت: "بمشاركته في هذه الوثيقة، فإنّ مجلس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة أبعد المسيحيين الأصليين في الأرض المقدسة، مُسببًا ألمًا عميقًا لمجتمع يكافح من أجل البقاء. إنّ تجاهل حقوقهم غير القابلة للتصرّف في العيش في وطنهم الأصلي، وتبرير دولة إسرائيل لتهجيرهم القسري باعتبار حقوقهم الإنسانيّة والوطنيّة افتراءات دموية، يُعمّق هذا الضرر".
وخلصت كايروس فلسطين في رسالتها إلى مجلس الأساقفة الكاثوليك في الولايات المتحدة، إلى القول: "نحثكم على إعادة النظر في موقفكم والتراجع عن هذا التأييد. إنّنا نحتاج إلى صوت الكنيسة ليقف إلى جانب العدالة والحقيقة، لا إلى جانب روايات تُخفي المعاناة وتُبرر الظلم".