موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الجمعة، ١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٤
علاج وجع الرأس والصداع

الأب منويل بدر :

 

لعلاج وجع الرأس هناك بعض المسكنات متوفرة في الصيدليات، وهي كثيرة وتلائم أنواع وجع الرأس، إذا ما عرف المصاب أسباب حدوثه ونوعه ويمكن أخذ إبرة تخدير للتخلص منه. ومن الأوجاع ما تحتاج إلى المزيج من الأدوية مع تمارين وتدليك واسترخاء. تمّ هناك نوع شديد الألم لا ينفع معه أي علاج سوى التنفس لمدة طويلة من أجهزة التنفس الطبية المستعملة لضيق التنفس. أما وإن دخل وجع الرأس فجائيا ومرارا متكررة فهذا يمكن أن يكون إنذارا لحدوث السكتة القلبية.

 

كل واحد يعرف وجع الرأس، وغالبا ما يكون التّوتّر أو الإجهاد هو السبب، يشعر به المصاب بضغط كأنه غطاء فوق رأسه وعلى الجمجمة يتغلغل فيه، وهذا النوع هو ما يصيب تقريبا 80% من البشر، ومع ذلك يُعتبر شيئا اعتياديا يحتمله الكثيرون. أمّا الصداع فهو بالدرجة الثانية التي تصيب الكثيرين، وكثيرا ما يتطلّب مراجعة الطبيب للتخلّص منه. أمّا ضحيته فهن النساء بنسبة 15-20% أمّا الرجال فبنسبة 8%. كِلا المصابين سواء بوجع الرأس أو الصداع يشعرون كأن مسمارا دائرا ينخر في رأسهم. المصاب بوجع الرأس يشعر بالألم في كل أنحاء الرأس، وهذا يمكن أن يدوم ما بين نصف ساعة وسبعة أيام، وهناك قلة تشعر بالألم المزمن أي أنهم يشعرون بوجع الرأس كل يوم وبلا نهاية. بينما المصابون بالصداع فألمهم يكون ما بين متوسط إلى ثقيل. المصابون به يشعرون بخفقان وارتفاع النبض كمن يشعر بضغط هوائي على رأسه. الصداع يبدأ عادة جانبي وغالبا في الجبهة من الأمام كهجوم داخلي مؤلم يدوم ما بين 3 ساعات إلى ثلاثة أيام. وكثيرا ما يدخل الصداع في سن الطفولة ويدوم حتى الشيخوخة.

 

مسببات الصداع وألم الرأس في البداية هي نفسها. الإرهاق والتوتّر هما من مسببات وجع الرأس والصداع البدائية الواضحة، تأتيان من تضخم الهواء في الجسم وقلة السوائل، كذلك قلة النوم لها دور كبير بحدوثهما، كذلك إتعاب العينين بالجلوس الطويل أمام الكمبيوتر أو التلفاز. هذا وقد يتحول وجع الرأس إلى صداع حوالى 12 مرة في السنة ويدوم ما بين 30 دقيقة إلى سبعة أيام. وجع الرأس هو وراثي، بينما الصداع فهو فجائي إما بسبب التهابات أو ضغط من الدورات الدموية أو مرض. هذا ويُجمع الأطباء على أن الأسباب التالية هي الأكثر معروفة:

 

. عند النساء مثلا زيادة الهرمونات أو حدوث العادة الشهرية.

 

. الإرهاق

 

. عدم تناول الطعام في أوقات منتظمة

 

. الكحول

 

. رائحة بعض العطور القوية

 

. تأثير الطقس

 

. الغلوتامات (Glutamat - أي المواد الكيماوية في الأطعمة والمعلبات) هي محسِّنات نكهة تُضاف عادةً إلى حفظ مواد الطاعم والخضراوات المعلبة والحساء واللحوم الباردة وغيرها من الأطعمة. لكن هناك أجسام لا تحتملها فتُسبِّب لها إمّا وجع الرأس أو الصداع.

 

. عدم الذهاب إلى النوم في ساعات ثابتة

 

. العمل الغير منظّم عند عمّال المصانع والشركات أي حسب شيفتات

 

وجع الرأس هو شيء مزعج ولكن غير مقلق إذ هو لا يحتاج إلى علاج طويل ويزول مثلما يأتي. بينما الصداع فهو أشد ألما والمصاب به يحتاج إلى الركود والانزواء والتمدّد ولا يقدر أن يقوم بعمل ما. هو بحاجة إلى الرّاحة وتخفيف الضوء حتى الظلام الكامل حواليه، إذ كثيرا ما يتشكى المصاب من حدة الضوء والضجة حواليه، كما وفقدان رائحة الشم وقابلية الطعام. وفي حالات يقع فريسة التقيؤ بل والتعب وعدم المقدرة على عمل أي شيء أو التركيز في العمل. وهناك حالات لا يعد المصاب يرى شيئا بل وظهور بريق أمام العينين، ولعثمة في النطق، وعدم الارتياح، ويمكن أيضا دغدغة (حكحكة) على الجلد الخارجي. فنتساءل: ما هو العلاج؟

 

في كثير من الحالات إن أنجع علاج لوجع الرأس هو الخروج إلى الهواء الطلق والتنزه بين الغابات الهادئة كما وممارسة الرياضة، فتُخفّف من كثافته. وإلى جانب ما ذكرنا حتى الآن، يمكن شرب كأس قهوة وكأس ماء بارد فيعملان كمُهدّئ ضد توتّر الأعصاب، كذلك دهن الجبين أو الجبهات الجانبيّة بزيت النعناع الياباني فيخفّف من التوتر العصبي. وبالتالي لا بد من تناول الأدوية المعترف بها والتي يصفها الطبيب لتخفيف ضغطه في الرأس، لكن ليس لأكثر من 10 أيام في الشهر وليس أطول من ثلاثة أيام متتالية، إذ الإدمان على تناول الأدوية يُضر أكثر ممّا ينفع بل غالبا ما يزداد وجع الرأس من كثرتها.

 

بعكس الصداع الّذي لا يحتمل التحرّك الجسدي الدائم بل يتطلّب الراحة، والابتعاد عن الضوء اللامع القوي، والتمدد على سرير وإغماض العيون ومحاولة الوصول إلى الإغفاء، إذ العلم يُثبت أن التحرّك والعمل تزيد من كثافة الصداع وحدّته.

 

أما هجمات الصداع الجانبي فتبدو وكأنها لمعان بريق في الرأس، فهناك عدة أدوية معترف بها تخفّف من ضغطه، أو أيضا يمكن اخذها قبل حدوث الصداع، فهي إمّا تؤخّر حدوثه أو أيضا تخفف من ضغطه الشديد حين حدوثه. وبكلا الحالتين، سواء وجع الرأس أو الصداع، لا بد من مراجعة الطبيب، خاصة في حالات الشعور بحرارة أو وجع في الرقبة أو غشاوة في العيون، أو أيضا حين يعود وجع الرأس على فترات وبتواصل، أو يحدث تربّك أو دوخان أو فقدان الوعي، فهذه كلها إشارات لا يمكن التغافل عنها بل تجبِر على استشارة الطبيب. أمّا الإصابة بوجع الرأس الفجائي والمتكرر فقد تكون مؤشرا لحدوث السكتة القلبية، وهناك اليوم أجهزة طبّية حديثة قي عيادات الأطباء وطرق اكتشاف الخطر جديدة، تعطي نتيجة سريعة إن كان الحال كذلك. وهناك خبرة عند الأطباء الإختصاصيين، إذ يسأل الطبيب المُصاب أن يبتسم فيلاحظ إن كان هناك:

 

· شلل جانبي في زوايا الوجه، إذ تجعيد زوايا الوجه ليست مفتعلة ولا يستطيع الإنسان التحكم بها

 

. كذلك يطلب الطبيب من فتح اليدين ورفعهما إلى فوق، فالمصاب بشلل لا يقدر أن يرفع اليدين الاثنتين مفتوحتين  إلاّ إلى علوٍّ بسيط مع ارتجاف اليدين.

 

. كذلك يطلب الطبيب من المصاب أن يُعيد جملة بعده، فغاليا ما يحدث تشويش في إعادة الكلمات

 

. فإن ثبتت واحدة من هذه المؤشّرات، فذاك دليل على الإصابة بالسكتة القلبية وهذا يعني إن كل ثانية في تأخير أخذ الاحتياطات هي مهمّة، ولا بد من إعلام الطوارئ بها.

 

أمّا مَن يشعر بوجع الرأس مع ألم في العنق فإنّه يحتاج إلى جلسة مسّاج (تدليك) تساعده أكثر من تناول الحبوب. كل واحد يُصاب مرة بوجع رأس لكن ليس كل وجع رأس هو مثير للقلق. ولو أنَّ الحذر مطلوب، خاصة إذا كان موقعه في مؤخرة الرأس.

 

أما أسباب تجمّع وجع الرأس في مؤخرة الرأس فله أسبابه وهي كثيرة، منها التوتّر أمام مشكلة معينة، وعلامتها تقلّص عضلات الأكتاف والرقبة. سببها كما ذكرنا الجلوس الطويل والمُعوج بلا حراك في المكتب أمام شاشة الكمبيوتر، فهذا يسبب التشنّج في آخر العنق وفي مؤخّرة الرأس. أما ما يساعد التخلص منه فهو التدليك المحلي. ولا بدّ من ذكر طقطقة الأسنان التي تحدث، خاصة أثناء النوم، لعدم توازن الفك العُلوي مع الأسفل في الفم، فهذا يسبب أيضا وجع الرأس. أما ما يساعد في هذه الحالة فهو طقم بلاستيكي يوضع بين الأسنان في الليل يمنع انفصال الأسنان عن بعضها وإمكانية طقطقتها.

 

وجع الرأس المتكرر يتطلب زيارة الطبيب وإجراء الفحوصات الضرورية لاكتشاف أسبابه، وعندما يصبح وجع الرأس في العنق لا يُحتمل، تصبح زيارة طبيب الأعصاب ضرورة حتمية، إذ يمكن أن يكون سببه مرضا صحيا. لذا فوصف ما يشعر به المصاب يجب أن يكون دقيقا، مثلا ملاحظة وقت الشعور بالألم، مكانه، مدّته، عوامله، إذ يمكن أن يكون نتيجة صدمة أو وقعة على الجمجمة أو ضربة قاسية مع ارتجاج المخ فالغيبوبة لمدة. فوجع الرأس بعد هذه المسببات هو ليس خطَراً ويزول تدريجيا، إلا إذا حدث جرح في المخ ذاته، وهذا يقدر الطبيب أيضا اكتشافَه بآلاته الدقيقة. كما وهناك وجع رأس في مؤخّرة الجمجمة يكون ناتجا عن خلل في العمود الفقاري. كما وهناك سبب يجب ذكره يشعر به الكثير بعد ممارسة الجنس، نتيجته الجهد القوي الذي يبذله الفرد للوصول إلى النشوة، أما ديمومته فتكون ما بين نصف ساعة، خاصة عند الذين يبتدئون سن المراهقة، ويدوم أحيانا إلى أيام.

 

والسؤال الآن: هل وجع الرأس في مؤخرة الرأس مضر؟ طبعا، فهو قد يكون علامة تورم في المخ، أو التهاب السحايا، وهذا قد يسبب حدوث السكتة القلبية، حيث يحدث نزيف دم في المخ، ويسيل ويختلط مع باقي السوائل في أجزاء الرأس المحيطة بالمخ. فالوجع في هذه الحالة مؤلم وشديد ويأتي فجائيا ويحدث عنه العوارض المذكورة: أي توتر العنق والتقيؤ وعوامل أخرى، فيجب استدعاء الطبيب حالا وإلا فيحدث تلف دائم في المخ ويُحدث عوائق في التفكير والنطق عند المُصاب.

أما وإن كان الوجع ناتجا عن التوتّر، فهو عادة لا يحتاج إلى علاج طبّي مُكثَّف، إذ الوجع يزول بزوال التوتر. وقد يكفي التدليك أو مسح الجبين بالزيت الياباني. وللتخفيف من توتر الأعصاب يمكن استعمال منديل مبلَّل بالماء البارد، أو هناك من يستعمل كيس بزر الخروب أو الكرز الموجود في الأسواق بعد تسخينة في المايكروويف ووضعه على العنق فيحدث تخفيف كبير للألم. كذلك زيارة الساونا وإخراج العرق من الجسم يساعد على تنقية الجسم وتخفيف الوجع. بينما آخرون يلجؤون إلى وضع ثلج على الجبين أو وضع الأقدام في ماء بارد، وهذا أيضاً يساعد على تخفيف ألام وجع الرأس لكن ليس لتخفيف الصداع. لذا ففي حالة الصداع لا بد من استشارة الطبيب لأخذ أدوية معينة تخفف من ضغطه.

 

بالاختصار:

 

في حالة الشعور بوجع الرأس أو الصداع يجب تحاشي الأخطاء الثلاثة التالية:

 

1. عدم الاكتراث بالحالة وعمل لا شيء، فهذا لا يُفيد شيئا لوجع الرأس بل يفتح المجال لتكراره فيصبح مزمنا ويصعب التخلص منه، إذ هو يضعف خلايا المخ ويمتد مع الوقت إلى العنق وأعلى الكتف

 

2. عدم البحث عن سبب الوجع. طبعا إنَّ تناول حبة مسكن قد تساعد في اللحظة الحالية، لكن من الضروري، التفتيش عن مسبباته ومعالجتها. من الممكن أنّ المسبّب هو نشفان في الجسم من عدم شرب السوائل الكافية. أو الإرهاق في الشغل وعدم الاسترخاء من وقت لآخر، أو قلّة التحرك وممارسة الرياضة في الهواء الطلق، أقلّه ثلاث مرات لمدة نصف ساعة في الأسبوع.

 

3. أخذ المسكنات دون الاهتمام باكتشاف الأسباب. إذ بحسب الأطباء إن تناول المسكنات لأكثر من عشرة أيام في الشهر يصبح مضرا وتقل فاعليتها، بل تظهر دوامة الألم الدائمة، التي يُستعصى شفاؤها.

 

وختامًا أقول أقوى وأطول وجع رأس لا خير ولا مديح فيه. لكن هناك حكمة تقول: إن كل واحد مع الزّمن يصبح طبيب نفسه فيعرف ويتوقع ما هي أسباب الأوجاع والآلام عنده ليتحاشاها أو يتخلّص منها. فأنا شخصيّا أمضيت أكثر من 50 سنة ضحية وجع الرأس مرة، ومرّة أخرى ضحية الصداع وقد تناولت الأدوية التي لا تُكال بميزان ولا تحصى بتنويعها وأمضيت الساعات الطويلة في  عيادات الأطباء وأخذت قناني مسكنة في الذراع وبدون فائدة إلى أن وجدت بنفسي السبب، ولو متأخرا: فهو كان استعمال السيشوار بعد غسيل الرأس، إذ الاشعاعات الكهربائية كانت تهيّج أعصاب المخ فينتج عنها وجع رأس أو صداع كلّ مرّة استعمله دون علمي... فبالتالي أنصح مراقبة الوضع الشخصي بعد استعمال السيشوار! إذ يمكن تحاشي ساعات ألم لا ضرورة لها. قال المثل الخبرة أحسن برهان! مع تمنياتي أن يكون القارئ، كلُّ قارئ، قد استفاد من هذا المقال.