موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣ أغسطس / آب ٢٠٢٤
رعيّة قلب يسوع الأقدس في ناعور تحتفل بمئوية تأسيسها

أبونا :

 

بمناسبة الاحتفال بالمئوية الأولى لتأسيس رعيّة قلب يسوع الأقدس في ناعور، جنوب غرب عمّان، ترأس الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، مساء الجمعة 2 آب 2024، قداسًا احتفاليًّا دعا إليه كاهن الرعيّة الأب بشير بدر والراهبات والفعاليات الرعويّة.

 

وجرى لغبطة البطريرك، القادم من القدس، استقبال بأجواء احتفاليّة أمام بلدية ناعور، حيث كان في مقدمة مستقبلي غبطته متصرف ناعور عطوفة الدكتور محمد الحسامي، ورئيس البلديّة سعادة السيّد مزيد مساعفة، وكاهن الرعيّة، وأعضاء المجلس بلدي، وعدد من الكهنة وشخصيات البلدة والرعيّة. وتخللّ الاستقبال كلمات ترحيبيّة وإشادة بأجواء العيش المشترك بين مختلف أبناء ومكوّنات بلدة ناعور.

 

وحيّا البطريرك الجهود التي بذلك على مدار مئة عام في البلدة والرعيّة، كجزء من التاريخ الأردني الطويل في العيش المشترك السلمي. وقال بأنّ ذلك لم يكن لولا رعاية الهاشميين الذين وضعوا من اليوم الأول لتأسيس الإمارة، ومن ثم المملكة، نصب أعينهم أن يكون الأردن بمثابة أسرة واحدة متناغمة ومتحابّة.

 

وسلّط عريف الحفل الأب رفعت بدر، الضوء على التناسق بين مئوية الدولة الأردنية ومئوية تأسيس الرعيّة المسيحيّة في ناعور، وكذلك وضع احتفالات المئوية في إطار اليوبيل الفضي هذا العام، فرفع باسم الحضور بطاقة تحيّة إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي على مدار ربع قرن من العطاء الموصول، عزّز مكانة الأردن كمملكة الزمن المليء بالوئام والاستقرار. وقال بأنّ ناعور قد وضعت على لائحة الأماكن السياحيّة منذ تأسيس مزار سيدة لورد عام 2015، وكذلك استذكر ايواء كنيسة ناعور للإخوة العراقيين المهجرين قبل عشرة أعوام.

وتحدّث عطوفة متصرف اللواء الدكتور محمد الحسامي فقال بأنّ الأردن واحة أمن واستقرار، وقد تبنى جلالة الملك كلّ الجهود الممكنة من أجل إشاعة أجواء السلام في العالم وحلّ القضيّة الفلسطينيّة التي تعتبر قضية الأردن الأولى، وكذلك أسهم جلالة الملك في دفع عجلة الحوار بين الأديان، ولذلك نال الجوائز العديد التي مكّنت الأردن بأن يعتبر، كما هو دائمًا، واحة للحوار والنظر إلى الدين كعامل وئام وسلام وليس، لا سمح الله، خصام وفرقة بين الناس.

 

وكانت الكلمة الترحيبيّة لعطوفة رئيس البلدية حيث تحدّث عن العيش المشترك الذي تتضمنه بلدة ناعور كصورة حيّة ومصغّرة عن الأردن الكبير. وقال بأنّه منذ بدء تأسيس هذه المدينة كان هنالك المسيحي والمسلم معًا، وأتى إليهم الإخوة الشركس، وانضموا إلى جماعة المواطنة الصالحة في هذا البلد، وكذلك استقبلنا المهجّرين من العراق واعتبرناهم أهلاً وأقارب وإخوة وأشقاء نبلسم جراحهم التي عانوا منها. وقال بأنّنا في الأردن أسرة واحدة متضامنة في السراء والضراء، وأنّ المسيحيين قد أسهموا من خلال هذه الكنيسة بالمدرسة أيضًا التي ربّت الأجيال تلو الأجيال ولن تميّز بين طالب وآخر، لا على أساس عرقي، ولا على أساس ديني أو طائفي.

 

وباسم عشائر ناعور المسيحيّة، تحدّث القس بشار النعمات، وأشاد بما تم انجازه في الكنيسة والمدرسة التابعتين للبطريركية اللاتينية، على مدار قرن من الزمان، معربًا عن أمله وكذلك ثقته بأن يبقى الأردن دائمًا مستقبلاً لكل شقيق متعب، وبلد الأمن والأمان والإيمان.

مئة عام على الحضور

 

وعلى أنغام الفرق الكشفيّة، توجه الموكب من البلدية إلى الكنيسة للبدء بمراسم القداس الاحتفالي الذي ترأسه بطريرك القدس بيتسابالا، وشارك به البطريرك السابق فؤاد الطوال، والقائم بأعمال النائب البطريركي للاتين في الأردن الأب جهاد شويحات، والمطران مارون لحّام، وعدد من الكهنة والراهبات، وكهنة من كنائس شقيقة، والأمين العام لوزارة السياحة والآثار الدكتور عماد حجازين، والمنتدبة الإقليميّة لراهبات الورديّة الأخت مادلين دبابنة، ورؤساء وممثلو المؤسّسات المسيحيّة، وحشد من المؤمنين من أبناء الرعيّة ومن الرعايا المجاورة. وقبل القداس تمّ الكشف عن اللوحة التذكاريّة لاحتفال المئوية.

 

واستهلّ القداس بكلمة ترحيبية ألقاها كاهن الرعيّة الأب بشير بدر بالحضور، وأشار فيها إلى أنّه منذ مائة عام يحتفل بالقداس الإلهي في هذه الرعيّة وذلك لأن الإفخارستيا هي القمة والينبوع لكلّ صلاة في الكنيسة، لأنها صنعت وتصنع الكنيسة منذ أيام الرسل إلى اليوم، وهي أيضًا صانعة الوحدة والمحبّة والإيمان. ورفع الأب بدر الشكر للرّب على مئة عام على الحضور المسيحيّ والعمل الرعوي والنمو الروحيّ.

 

ولفت إلى أنّه وقبيل الاحتفال بالمئوية قامت الرعيّة بإطلاق مسيرة استعدادية من خلال التأمل في معنى الرعيّة وأبعادها الروحيّة والرعوية، كما عملت على إطلاق مشروع لتجديد الكنيسة وتوسعتها لتخرج اليوم، بعد أشهر من العمل والتعب المقدّس، الحلة الجديدة لها، وهي بذلك تعكس محبّة الأبناء المتجدّدة لها. كما تطرّق في كلمته الترحيبية إلى أن اليوبيل هي مناسبة للفرح المقدّس، ويحمل معه ثلاثة أوجه: أن ننظر للماضي، أن نعيش الحاضر، وأن نرجو المستقبل.

روحانيّة الفقراء والصغار

 

وبعد إعلان الإنجيل المقدّس، أشار البطريرك بيتسابالا في عظته إلى أنّ يسوع قد رفع الحمد للآب لأنّه كشف سرّ الخلاص للصغار، كونهم، وبلغة الإنجيل، يملكون قلبًا مستعدًا وحرًّا للاستقبال. وقال: إذا كان القلب مستعدًا لكي يستقبل، فإنّه حر لكي يعطي.

 

وأشار إلى أنّ هذه الرعيّة قد بنيت بفضل الفقراء والصغار، فقبل مائة عام، وبالرغم من الظروف الاقتصاديّة السائدة آنذاك كان لأبناء الرعيّة التصميم لبناء هذه الكنيسة. ولفت غبطته من جهة ثانيّة إلى أنّ الكنيسة ليست فقط بناء وحجارة، إنما هي جماعة، وهذا هو التطوّر الحقيقي.

 

وأوضح البطريرك بيتسابالا بأنّه إن أردنا أن ننشىء جماعة فعلينا أن نتذكر كلام السيّد المسيح: "أحمدك يا أبتِ، رب السموات والأرض، على أنك أخفيت هذه الأشياء على الحكماء والأذكياء، وكشفتها للصغار" (متى 11: 25)، كما علينا أن نذكّر أنفسنا بأنّنا صغار في حاجة دائمة إلى حضور الرب في حياتنا اليوميّة، وبأنّنا نريد عونه من أجل بناء الجماعة، وأيضًا لكي تبقى قلوبنا حرّة ومستعدّة لكي تستقبل نعمة الرّب بيننا.

عشاء تكريمي

 

وبعد المناولة، أقيمت دورة احتفاليّة بالشموع إلى مزار العذراء سيّدة لورد، المجاور للكنيسة، حيث منح غبطته البركة الختاميّة للمؤمنين. تبعه حفل عشاء في باحة قاعة لورد على شرف غبطته، تم خلاله توزيع دروع الشكر والعرفان للمحسنين ولكلّ من ساهم في أعمال توسعة وتجديد الكنيسة، وكذلك لراهبات الورديّة اللواتي خدمنّ في الرعيّة، ولكهنة الرعيّة الذين توالوا على العمل فيها.