موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في أواخر القرن الماضي، اقترح الكرسي الرسولي أن يعمل الأساقفة من مختلف الدول على تنسيق جهودهم ومشاركتهم في حياة الكنيسة في الأرض المقدسة. وجاء هذا الاقتراح بأن يتولى الأساقفة من الدول ذات التأثير التاريخي في أحداث الأرض المقدسة مسؤولية هذا التنسيق بأنفسهم، مع التركيز على الجانب الراعوي بعيدًا عن الأنشطة الدبلوماسية أو السياسية للكرسي الرسولي. إنّ هذا الحضور المنتظم والمنسق يشكل تذكيرًا دائمًا للسلطات السياسيّة في الأرض المقدسة بأنّ الكاثوليك في أنحاء العالم يدركون تمامًا الظروف التي يعيشها إخوتهم وأخواتهم في الأرض المقدّسة.
من المقرّر أن يُعقد الاجتماع القادم في القدس من يوم السبت 18 إلى يوم الخميس 23 كانون الثاني 2025، بمشاركة أساقفة يمثلون المجالس الأسقفية من الولايات المتحدة الأمريكية، إنجلترا وويلز، فرنسا، ألمانيا، أيرلندا، اسكتلندا، إسبانيا، الدول الإسكندنافية، ليتوانيا، وإنجلترا. كما سيشارك مندوبون من مجلس مجالس أساقفة أوروبا (CCEE) ولجنة مجالس أساقفة الاتحاد الأوروبي (COMECE)، إلى جانب ممثلين عن منظمات كاثوليكية متنوعة.
سيتركز محور الاجتماع لهذا العام على الأوضاع الراهنة في الأرض المقدسة وتأثيرها على الجماعة المسيحية في غزة والضفة الغربية. وسيتأمل الأساقفة في سبل استجابة الكنيسة لاحتياجات الشعب، مع السعي الدائم لأن تبقى الكنيسة نورًا ساطعًا ومنارة أمل في هذه الأرض المباركة.
خلال الفترة سيلتقي الأساقفة بغبطة الكاردينال بييرباتيستا والقاصد الرسولي، وسيتلقون إحاطات من المدير التنفيذي للبطريركية اللاتينية، ومكتب الخدمات الإنسانية في البطريركية، إضافة إلى الأساقفة الأعضاء في بعثات دبلوماسية متعددة. كما سيشاركون في لقاء عبر الإنترنت مع الجماعة المسيحية في غزة وسيتابعون مستجدات الأوضاع مع الأب جبرائيل رومانيلي وأبناء الرعية. وسيخصص الأساقفة يومًا لزيارة مشاريع كاريتاس القدس في الطيبة ورام الله، مع التأكيد على دعم وكالات السفر المسيحية وتشجيع استئناف رحلات الحج إلى الأرض المقدسة. ويُعد الاحتفال بقداس الأحد مع إحدى الرعايا جزءًا أساسيًا من برنامج التنسيق. هذا العام، سيحتفل الأساقفة بالقداس الإلهي مع أبناء رعية سيدة الأحزان في بلدة عابود، قرب رام الله في الضفة الغربية.
يرتكز جوهر هذا التنسيق على "أربعة عناصر": الصلاة، والحج، والضغط السياسي، والحضور.
تُعد الصلاة الإطار الروحي للاجتماع السنوي، حيث تشمل الاحتفالات اليومية بالذبيحة الإلهية. ويزور الأساقفة الأرض المقدسة ليصلّوا مع الجماعة المسيحية ومن أجلها، ويحثون جماعاتهم المحلية عند عودتهم على الصلاة من أجل إخوتهم وأخواتهم المسيحيين.
أما الحج، فيمثل جانبًا مؤثرًا في الاجتماع السنوي، حيث يزور الأساقفة المواقع المقدسة ويستمعون إلى دعوات لتشجيع رحلات الحج من بلدانهم. وقد بذلت المجالس الأسقفية جهودًا حثيثة لتعزيز الحج كوسيلة رئيسية لدعم الجماعة المسيحية في الأرض المقدسة.
ويتجلى الضغط السياسي في تحركات الأساقفة بعد الاجتماع، حيث يخاطبون حكوماتهم والبرلمانيين والسفراء الإسرائيليين والفلسطينيين بشأن قضايا متعددة تؤثر على حياة المسيحيين في الأرض المقدسة. ووفقًا لنهج الكرسي الرسولي، لا يسعى الأساقفة إلى امتيازات خاصة للمسيحيين، بل يدافعون عن كرامة الإنسان والعدالة للجميع، لا سيما أولئك الذين يعانون من ظروف مماثلة.
أما الحضور السنوي للأساقفة في الأرض المقدسة، فهو رسالة واضحة بأن الجماعة المسيحية ليست منسية، بل هي حاضرة في قلوب وأذهان إخوتها وأخواتها حول العالم.
ورغم أن هذه الزيارة ليست ذات طابع سياسي، إلا أن الوفد يواجه أحيانًا تحديات سياسية معقدة، مما يستدعي إصدار بيان ختامي في نهاية الاجتماع يعالج هذه القضايا مع الحفاظ على الطابع الراعوي للزيارة.
(ترجمة: مكتب إعلام البطريركيّة اللاتينيّة)