موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٦ فبراير / شباط ٢٠٢١
انقسام الأطراف أمام اقتراح البطريرك الراعي بعقد مؤتمر دولي حول الأزمة اللبنانية

وكالة فيدس وأبونا :

 

عبّرت القوى السياسية اللبنانية عن مواقف مختلفة ومتضاربة فيما يتعلّق بالاقتراح الذي صاغه في الأسابيع الأخيرة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي بشأن "مؤتمر دولي" برعاية الأمم المتحدة يهدف لإيجاد حلول عاجلة للأزمة المؤسسية والاجتماعية والسياسية في لبنان، وتجنب الانهيار المنهجي لبلد الأرز وترسيخ "الحياد اللبناني" على المستوى الدولي فيما يتعلق بالصراعات والمحاور المتعارضة العالمية القوة الإقليمية.

 

وكان البطريرك الراعي قد تمنّى لأول مرة أن يُعقد مؤتمر دولي من أجل دعم الأسس المؤسسية والسياسية في السابع من شباط الحالي. وبعد أيامٍ قليلة، في 16 شباط، قال زعيم حزب الله الشيعي حسن نصرالله، دون ذكر البطريرك، إنّ أيّة محاولة لتدويل الأزمة في لبنان ترقى إلى "إعلان حرب"، مما يجعلها أداة للتدخل الخارجي؛ بتفويض من الأمم المتحدة في الشؤون الداخلية اللبنانية، مع خطر إعادة إحياء ديناميكيات الصراع نفسها التي أشعلت الحرب الأهلية في الماضي. وفي خطابه، أشار نصرالله إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يحدّد الشروط التي يمكن لمجلس الأمن الدولي بموجبها اتخاذ تدابير قسرية واستخدام الإجراءات العسكرية "للحفاظ على السلم والأمن الدوليين واستعادتهما".

 

هذا وتوجه ممثلون عن القوات اللبنانيّة (بقيادة الزعيم المسيحي سمير جعجع) والحزب التقدمي الاشتراكي (بقيادة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) يوم الأربعاء 24 شباط، إلى المقر البطريركي في بكركي، للتعبير عن دعمهم له. واستقبل البطريرك أيضًا يوم الخميس 25 شباط ممثلين عن التيار الوطني الحر، الحزب الذي أسسه رئيس لبنان الحالي العماد الماروني السابق ميشال عون والمتحالف حاليًا مع حزب الله. وأراد الوفد في لقائه مع البطريرك الإعراب عن رغبته في تأكيد "عدم معارضته" الاقتراح البطريركي، مضيفًا أن هذا الاقتراح يجب أن يصبح موضوع "إجماع داخلي" قبل عرضه على الأمم المتحدة.

 

كما استقبل السفير البابوي في لبنان جوزيف سبيتيري يوم الثلاثاء 24 شباط وفدًا من التيار الوطني الحر، قدّموا فيه مذكرة إلى ممثل الفاتيكان حول دور المسيحيين اللبنانيين في السياق التعددي للبلاد وفي الشرق الأوسط. وفي غضون ذلك، حدّد وزير العمل السابق سجعان القزي، في بعض تصريحات نقلتها الصحافة اللبنانية، أنّ العمليّة التي دعا إليها البطريرك لعقد مؤتمر دولي لا يمكن أن تتحقق إلا بصبر طويل، وأن هدف البطريركيّة المارونيّة هو مؤتمر مشابه لذلك الذي أدى إلى حياد النمسا وسويسرا في المدى البعيد.

 

هذا ويعتقد محللون لبنانيون، استشارتهم وكالة فيدس الفاتيكانيّة، أنّ التوضيح الداخلي فقط لشروط ومحتويات المقترحات البطريركية حول "الحياد اللبناني" و"المؤتمر الدولي" هو القادر على إعادة تشكيل الإطار السياسي، وطرح هذه المقترحات من تكتيكات التحالفات السياسية والجيوسياسية المتعارضة.

 

ويؤكد المحللون إنّ الاقتراح البطريركي، الذين استشارتهم وكالة فيدس، لا يهدف إلى بدء عملية "إعادة التأسيس" الوطنيّة، بل تهدف إلى ترسيخ أسس الميثاق الوطني اللبناني الحالي، بدءًا باتفاقيات الطائف التي أجازت نهاية الحرب الأهلية. ويتضمن الميثاق الوطني حياد لبنان فيما يتعلق بمحاور السلطة العالمية والإقليمية، والمشاركة المتساوية للمسيحيين والمسلمين في المناصب السياسية والمؤسسية، وإدماج الميليشيات الطائفية في الجيش الوطني، وتنفيذ برنامج اللامركزية السياسية الإدارية للبلاد (اللامركزية التي نصت عليها اتفاقيات الطائف، لكنها لم تتحقّق فعلاً).

 

وكان البطريرك الراعي، الذي احتفل بعيد ميلاده الـ81 قبل أيام، قد أوضح في عظة قداس الأحد الماضي، بأنه "إذا كان مؤتمر الطائف، الذي عُقد برعاية عدد من الدول العربيّة والأجنبيّة، قد وضع حدًّا للحرب الأهليّة في لبنان من دون رجعة، نأمل من المؤتمر الدوليّ الخاص برعاية الأمم المتّحدة أن يقيم لبنان من تعثّره إلى سابق عهده، وأن يصحّح مسبّبات هذا التعثّر"، مشدّدًا غبطته على أنّ "الهدف الأساسيّ والوحيد من المؤتمر الدولي، هو تمكين الدولة اللبنانيّة من أن تستعيد حياتها وحيويّتها وهويّتها وحيادها الإيجابي وعدم الإنحياز، ودورها كعامل إستقرار في المنطقة".

 

ويوم الاثنين 22 شباط، استقبل البطريرك الراعي، نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الانسانية، د. نجاة رشدي، حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة. وقد أوضحت رشدي أنّ الزيارة "تأتي في سياق دعوة البطريرك الراعي لعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، وأنها استمعت إلى آراء غبطته في هذا السياق، مُعربة عن وقوف الأمم المتحدة دائمًا الى جانب لبنان، الذي هو عضو مؤسس فيها"، بحسب ما جاء عبر موقع البطريركيّة المارونيّة الرسمي.