موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
برعاية جمعية كهنة بزمار البطريركية للأرمن الكاثوليك، أحيت المرنّمة ليال نعمة أمسية ميلادية روحية حملت عنوان "أجراس الرجاء"، وذلك في كنيسة سيدة الانتقال – دير سيدة بزمار للأرمن الكاثوليك، وسط أجواء إيمانية مفعمة بالخشوع والفرح ورجاء الميلاد، وبحضور لافت من الإكليروس والمؤمنين.
وتكتسب هذه الأمسية رمزية خاصة من مكان إقامتها، إذ أُقيم الريسيتال في الكنيسة نفسها التي سُيّم فيها القديس الجديد إغناطيوس مالويان كاهنًا على مذبح الرب لخدمة المؤمنين، واليوم تفرح الكنيسة الأرمنية بهذا التقديس، وتشهد له في كل مناسبة، مستحضرةً إرث الشهادة والإيمان.
واستُهلّت الأمسية بكلمة للأب كربيت كلنجيان، رئيس إكليركية دير سيدة بزمار، شدّد فيها على البعد الروحي والتاريخي للمكان، معتبرًا أن دير سيدة بزمار هو مساحة يلتقي فيها الإيمان بالتاريخ، وحيث يتحوّل الصمت صلاة. وأشار إلى أن زمن الميلاد هو زمن اقتراب الله من الإنسان، حيث “الكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا”، مؤكدًا أن الرجاء الذي يحمله الميلاد ليس فكرة مجرّدة بل حضور حيّ يتجسّد في حياة المؤمنين، وفي كل كلمة محبة وترنيمة صادقة تُرفع بنقاء. كما لفت إلى أن الميلاد الحقيقي لا يقتصر على المغارة، بل يولد في قلب الإنسان، داعيًا الحاضرين إلى فتح قلوبهم للموسيقى والترانيم كي تتحوّل الأصوات إلى صلاة والتراتيل إلى خبرة إيمانية مشتركة.
بعد ذلك، قدّمت المرنّمة ليال نعمة مجموعة مختارة من الترانيم الميلادية باللغات الأرمنية والعربية والسريانية، فحملت بصوتها الحاضرين في مسيرة روحية عميقة، أضفت على الأمسية أجواءً مميّزة اتسمت بالفرح والسلام ورجاء الميلاد، حيث تمازج الفن بالإيمان في لوحة روحية مؤثرة. كما تضمنت الأمسية مجموعة من التأملات الميلادية والصلوات التي تخلّلت الترانيم، فزادت من عمق البعد الروحي والوجداني لهذا اللقاء.
وبدورها، ألقت المرنّمة ليال نعمة كلمة قالت فيها: "في هذه اللحظات المؤثرة، وبجانب طفل المغارة، أقف اليوم أمام مذبح قدّم دموع وشهداء وقديسين من أجل الكنيسة. فالكنيسة الأرمنية الكاثوليكية هي كنيسة الشهادة، كنيسة الإيمان. فرحي اليوم كبير جدًا لأنني أرتّل وسط دير سيدة بزمار، هذا الدير العريق الذي يحمل إرثًا ثقافيًا كبيرًا ورسالةً حيّة، حيث تفرح السماء والكنيسة بتقديس المطران الشهيد إغناطيوس مالويان. وأضافت: "أشكر رئيس الدير المونسنيور زاختريان، وجمعية كهنة بزمار البطريركية، وبشكل خاص الوكيل العام للدير الأب الصديق ديكران فيليبوس، على كل ما قدّموه من متابعة وتنسيق لتكون هذه الأمسية كما هي اليوم".
وفي ختام الأمسية، ألقى رئيس دير سيدة بزمار والنائب البطريركي لجمعية كهنة بزمار كلمة توجّه في مستهلّها بالشكر إلى المرنّمة ليال نعمة، مثنيًا على صوتها ورسالتها الروحية، معتبرًا أن ما قدّمته لم يكن مجرّد أداء فني، بل صلاة حيّة قادت القلوب إلى السماء. وأكد أن الميلاد ليس ذكرى تُستعاد بل سرّ يُعاش، ودعوة متجدّدة لولادة المسيح في القلوب المتعبة، حيث يولد الرجاء في الأماكن المتواضعة ويشرق النور الحقيقي بصمت بعيدًا عن الضجيج.
وتوقّف عند رمزية شجرة الميلاد، معتبرًا إياها علامة للحياة التي لا تموت، بجذورها الثابتة في الأرض وأغصانها الممتدة نحو السماء، في دعوة للإنسان ليعيش على هذه الأرض بقلب مرفوع إلى الله، ومثمرًا حبًا وخيرًا وعطاءً. وأضاف أن أضواء الشجرة تشبه أعمال المحبة البسيطة التي، حين تجتمع، تبدّد ظلمات كثيرة. فمن المغارة نتعلّم التواضع، ومن الشجرة نتعلّم الرجاء، وبينهما يولد السلام الذي يبدأ من القلب وينتقل إلى العائلة والمجتمع.
وختم كلمته بالتأكيد على أن الميلاد دعوة ليكون كل مؤمن رسول سلام، وعلامة رجاء في زمن القلق والاضطراب، وأن يحمل نور المسيح إلى كل من يعيش تعبًا أو خوفًا، متمنيًا أن يكون ميلاد الرب علامة أمل وطريق محبة في حياة الجميع.
وفي ختام الأمسية، شكرت المرنّمة ليال نعمة جميع القائمين على إنجاح هذه الأمسية، وعربون امتنان وتقدير، قدّم رئيس الدير المونسنيور زاختريان للمرنّمة نعمة هدية تذكارية تمثّلت بلوحة للقديس الشهيد إغناطيوس مالويان، لتُختتم الأمسية على وقع الفرح والصلاة، وترانيم ارتفعت كأجراس رجاء في زمن يحتاج إلى السلام.