موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الأربعاء، ٢٧ أغسطس / آب ٢٠٢٥
المونسنيور خالد عكشة: كرامة الإنسان، هبة الخالق المنّان
فيما يلي المداخلة التي قدّمها المونسنيور خالد عكشة، من المجلس البابوي للحوار بين الأديان في حاضرة الفاتيكان، خلال ملتقى القيم المشتركة بين أتباع الأديان، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في العاصمة السعودية الرياض، يوم الأربعاء 11 أيار 2022.

المونسنيور خالد عكشة :

 

معالي الشيخ الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين،

أصحاب المعالي والسيادة والسماحة والفضيلة،

الإخوة والأخوات الأعزّاء،

لكم من الله الرحمة والبركات، ومنّي السلام،

 

يشرّفني أن أمثّل في هذا الملتقى الخيّر المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، وأن أنقل إليكم تحيّات رئيسه، نيافة الكاردينال ميجيل أيوسو، الذي حال طارئ صحي دون وجوده بيننا.

 

دأبت رابطة العالم الإسلاميّ منذ زمن طويل على تنظيم مؤتمرات ومُلتقيات لأتباع الأديان، وخاصة المسلمين والمسيحيّين منهم، في العديد من العواصم، وها هي اليوم تفتح قلبها وذراعيها لاستقبالهم في عاصمة المملكة العربية السعودية، البلد الذي يقصده ملايين المسلمين كلّ عام حُجّاجًا أو معتمرين. فالحمد الكثير لله، والشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين، ولولي عهده، ولرابطة العالم الاسلامي.

 

ما يدفع الى التفكير والتدبّر واتخاذ القرارات والسعي الى تنفيذها ليست دوما رؤىً إيجابية أو تحقيق مشاريع، بل أحيانًا القلق والخوف وتوقّع الأسوأ. وهذه هي حالنا مع خطاب الكراهية والعنصرية والتطرف والارهاب، دون أن ننسى أزمات أخرى، كالحروب والجوع والفقر وسوء توزيع الثروات واستنزاف موارد الأرض وكل ما يهدد كوكبنا والحياة البشرية والتنوع الحيواني والنباتي، وغير هذا.

 

ولكن، لحسن الحظ، هناك قيم دينية وروحية مشتركة بين أتباع الأديان، وأخرى إنسانية أخلاقية يشاركهم فيه أشخاص ذوو إرادة طيبة وسلوك حسن من خارج الدائرة الايمانية.

 

وأنا على يقين بأنّكم توافقونني الرأي أنّ حلّ غالبيّة الأزمات التي تعاني منها البشريّة يكمن في الاحترام الفعليّ لكرامة الإنسان – كلّ إنسان – وللحقوق المتأتّية عنها.

 

كرامة الإنسان هبة مِن الخالق المنّان و"مُحبّ البشر"، ما ينتج عنه أنّها ليست مُعطاة من قِبَل فرد أو جماعة أو دولة: فهؤلاء إمّا أن يعترفوا بها ويحترمونها، أو ينكرونها جزئيًا أو كلّيًا.

 

والحقوق المتأتّية عن الكرامة الإنسانيّة كثيرة، أوّلها حقُّ الحياة، فحياة كلّ إنسان هي مِن الله وبيده تعالى وحده، ترجِع إليه تعالى عندما يستدعيها.

 

والحقّ الثاني هو السلامة البدنيّة، ما يعني تحريم أيّ شكل مِن أشكال العقوبات الجسديّة.

 

والحقّ الثّالث هو منظومة الحرّيات: حرّية الفكر والضّمير والبحث والتعبير والخيار الحزبيّ والسّياسيّ، وبالطّبع الحرّية الدينية النّاتجة عن حرّية الضمير. ولا تقتصر حرّية الضمير على حريّة العبادة، بل تتضمّنها، وتشمل كذلك حريّةَ اتخاذ القرار فيما يتعلّق بأمور الدّين والتعبّد الفرديّ والجماعيّ، مع احترام القوانين المدنيّة العادلة النّاظمة لحياة المجتمعات.

 

وهناك أيضًا الحقّ في حياةٍ آمنةٍ كريمةٍ تشمَل البيئة النّظيفة والطّعام والشّرابّ والمأوى والرّعاية الصّحيّة والتّعليم، وغير هذا.

 

غنيٌ عن القول أنّ هذه الحقوق وغيرها، والتي أقرّتها المواثيق الدوليّة، هي بكاملها وفي كلّ مكانٍ لجميع البشر، دون أيّ تمييز على أساس العِرق أو اللون أو الدّين او الثّقافة.

 

أيّدنا الله تعالى لنكون بعضنا لبعضٍ إخوةً وأخواتٍ متحابّين، محترمين لكرامة كل إنسان وحقوقه، سائرين معًا بسلامٍ وأمانٍ وسكينةٍ على دروب الحياة، مبتغين وجه الله ومشتاقين رؤيته.

 

لكم منّي التقدير والمودّة والدّعاء بكلّ خير وبركة.