موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ترأس الكاردينال بييترو بارولين، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الثلاثاء 28 كانون الثاني، في بازيليك القديس بطرس، قداسًا إلهيًّا بحضور مسؤولي الاتصالات ومدراء مكاتب الإعلام في مجالس الأساقفة المشاركين في مؤتمر تنظمه جامعة أوربانيانا الحبريّة، والذين كان قد استقبلهم قداسة البابا فرنسيس 27 الشهر الحالي.
وفي عظته انطلق نيافته من قراءة اليوم حيث يحدثنا الإنجيل عن توجيه يسوع تحذيرات من أمراض روحية حين تحدث عن الكتبة والفريسيين. وقال إنه يعتقد أن الجميع يتحلون بالتواضع للاعتراف بأن قلوبنا أيضا يمكنها أن تصاب بمثل هذه الأمراض. وتوقف عند أول ما يتحدث عنه يسوع أي رياء الكتبة والفريسيين بمعنى التناقض بين القول والفعل.
ثم تطرق الكاردينال بارولين إلى كلمات يسوع عن الكتبة والفريسيين: "وجَميعُ أَعمالِهم يَعمَلونَها لِيَنظُرَ النَّاسُ إِلَيهم: يُعَرِّضونَ عَصائبَهم ويُطِّولونَ أَهدابَهم ويُحِبُّونَ المَقعَدَ الأَوَّلَ في المآدِب، وصُدورَ المَجالِسِ في المَجامع، وتَلَقِّيَ التَّحِيَّاتِ في السَّاحات، وأَن يَدعُوَهُمُ النَّاسُ ((أَمَّا أَنتُم فَلا تَدَعوا أَحَداً يَدْعُوكم ((رابي))، لأَنَّ لَكم مُعَلِّماً واحداً وأَنتُم جَميعاً إِخوة". وتوقّف أمين السر عما وصفها بأعراض هذه الأمراض الروحيّة وتحدث عن أن رغبة الشخص في أن يكون له تلاميذ أي أن يدعوه البعض مُعلمًا تعكس رغبة في الهيمنة على الآخرين.
وقال للعاملين في مجال الاتصالات أن في عالم اليوم تبدو هناك رغبة في البحث عن معلمين ما يجعل الأشخاص في بعض الأحيان يتنازلون حتى عن جزء من حريتهم كي يوصفوا بأنهم من أتباع هذا أو ذاك من المعلمين. ووصف نيافته هذا بالنسبة للعاملين في مجال الاتصالات بخطر وخاصة فيما يتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي. وعلى العكس، واصل أمين السر، هناك حين لا نريد الانتماء إلى معلمٍ ما أن نتصرف نحن كمعلمين مستخدمين وسائل الاتصالات بشكل نرجسي. وشدّد بالتالي على ضرورة أن نتذكر دائمًا أن المعلم هو واحد.
وعاد أمين السر مجددا إلى الإنجيل حيث يقول يسوع "لا تَدْعوا أَحداً أَباً لَكم في الأَرض، لأَنَّ لَكم أَباً واحداً هو الآبُ السَّماويّ". وذكَّر نيافته بكلمات يسوع إلى مريم المجدلية حين توجهت إلى القبر: "لا تُمسِكيني، إِنِّي لم أَصعَدْ بَعدُ إِلى أَبي، بلِ اذَهبي إِلى إِخوَتي، فقولي لَهم إِنِّي صاعِدٌ إِلى أَبي وأَبيكُم، وإِلهي وإِلهِكُم". وقال إنّ هذه الكلمات تؤكد كوننا جميعا أخوة، وأكد أنهم مدعوون من خلال عملهم إلى أن يسردوا بالصوت وبالنصوص وبالصور، وأن السرد يعني إنارة حدث ما لا فقط بالحقيقة بل وأيضًا بدون تجاهل قيمة أساسية للإنسان كأخ وأخت لأن هذا التجاهل يعني عدم الاعتراف بالآب السماوي.
وأخيرًا ذكّر الكاردينال بارولين بكلمات يسوع في حديثه عن الكتبة والفريسيين: "لا تَدَعوا أَحَداً يَدْعُوكم مُرشِداً، لأَن لَكم مُرشِداً واحِداً وهو المسيح. وَلْيَكُنْ أَكبرُكُم خادِماً لَكم. فمَن رَفَعَ نَفَسَه وُضِع، ومن وَضَع نَفسَه رُفِع". وقال نيافته إن هناك فعلين يقوم بهما يسوع كمرشد وراعٍ، عملين يبدوان في تناقض، فهو يفتح الأبواب للقطيع للخروج بحرية في المراعي لكنه أيضًا يجمع القطيع مع خراف أخرى أي أنه يوحد الجميع في قطيع حر في المرعى مناديا كلًّا باسمه. وقال أمين السر للعاملين في مجال الاتصالات إنهم هم أيضًا ينفتحون على الحرية وهناك مَن يخشون فقدان ما يعتبرونه تميزًا، إلا أن يسوع يريد لكل واحد أن يعيش في مراعي الكنيسة، والاتصالات أيضًا، بحرية وبدون خوف من الضياع لأنه يعرف صوت الراعي.
وهكذا شدد أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الكاردينال بييترو بارولين، في ختام عظته على ضرورة ألا يعتبر أحدًا نفسه معلمًا أو أبًا أو مرشدًا، داعيًا الجميع إلى أن يدَعوا الروح القدس يقود الخدمة التي هم مدعوون إلى القيام بها في مجال الاتصالات.