موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١٩ يوليو / تموز ٢٠٢٢
الفرصة الصيفيّة
الأب عماد الطوال، راعي كنيسة اللاتين في الفحيص - الأردن

الأب عماد الطوال، راعي كنيسة اللاتين في الفحيص - الأردن

الأب عماد الطوال :

 

مع حلول فصل الصيف، ينتظر الطلاب بدء الإجازة بفارغ الصبر، فبالنسبة لمعظم الأطفال في سن المدرسة الفرصة الصيفيّة تعني لهم الكثير من مشاهدة التلفزيون وألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي والسباحة والرحلات والخروج مع الأصدقاء وتجنب أي شيء يشبه الكتاب، في الوقت نفسه، يتساءل أولياء الأمور حول كيفية المحافظة على انشغال أبنائهم خلال هذه الفترة من السنة، ففي كثير من الأحيان، يكون الأطفال خلال هذه الفترة عُرضة  لفقدان المهارات الأكاديمية والمعرفية، لأنهم لا يقضون وقتًا كافيًا في التَّعَلُّم، حيث وجدت أكثر من دراسة أدلة على وجود نمط لفقدان التَّعَلُّم خلال هذه الفترة، أعتقد أن نتائج هذه الدراسات منطقي إن لم يكن بديهيًا، فعندما تتوقف عن فعل شيء ما كل يوم ستفقد بعضًا من هذه القدرة، ومع ذلك لا يستغرق الطلاب عادةً الكثير من الوقت لاستعادة هذه القدرة بعد بدء العام الدراسي.

 

تُعد الفرصة الصيفيّة وقتًا مهمًا يمكن للأطفال خلاله الابتعاد عن المقاعد الدراسية وإعادة شحنهم عقليًا وجسديًا، لذلك من الخطأ استخدام مفهوم "العطلة الصيفيّة" بدلًا عن "الفرصة الصيفيّة" لأن العطلة تعني الجمود والتوقف، أما الفرصة فهي المناسبة التي يقوم بها الطالب بالتجدد والتجديد والإبداع والابتكار لأمور لم يقم بها خلال السنة الدراسية من برامج لا صفية لن تجدها بشكل حرفي داخل المنهاج وإنما بروح المنهاج مثل الفنون والرحلات العلمية والقراءة والسباحة والبرامج الرياضية وزيارة الطبيعة الخلابة... الخ، أرى هذه الأوقات من العام كما يفعل الكثيرون، فرصة للآباء وأطفالهم للاسترخاء والترابط والتَّعَلُّم، فمن نواح عديدة، توفر الفرصة الصيفيّة بيئة فعّالة للتَّعَلُّم لا تقل أهمية عن الغرفة الصفية التي تتضمن المقاعد والكتب، وهذا يعني قضاء وقت ممتع في الاستكشاف، وإطلاق العنان للإبداع والمواهب والمرح، فالفرصة الصيفيّة هي وقت يمكن للطلاب الاسترخاء فيه وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء واستكشاف هوايات أو اهتمامات جديدة، في الواقع تعتبر الفرصة الصيفيّة بالنسبة للعديد من الطلاب وقتًا لمواصلة التَّعَلُّم  وتحسين مهاراتهم أيضًا.

 

كأولياء أمور، يجد البعض صعوبة في الربط بين كلمتي "الصيف" و"التَّعَلُّم" نحن نعلم أن الأهل يريدون أن يستمتع أطفالهم في الصيف، كما يريدون أن يستمروا في التَّعَلُّم أيضًا، لكننا لا نتحدث هنا عن تقييد الأطفال بمقاعد دراسية وحرمانهم من متعة الفرصة الصيفيّة التي حصلوا عليها، يجب أن يكون التَّعَلُّم الصيفي مختلفًا بشكل مميز، أن يكون مزيجًا من اللعب والتَّعَلُّم  لإثراء مهاراتهم، في الواقع، يمكن أن يوفر الصيف فرصة رائعة لمزيد من فرص التَّعَلُّم الواقعية التي قد لا يتمكن طفلك من استكشافها خلال العام الدراسي.

 

علينا أن نشجع الطلاب على التفكير فيما يستمتعون به، وما هي المجالات التي يمكنهم تحسينها، وما هي أهدافهم للمستقبل، يجب أن تكون هناك فرص لمساعدتهم على معرفة المزيد عن أنفسهم من خلال توسيع اهتماماتهم أو اكتساب خبرات جديدة أو تحمل المسؤوليات والتفاعل مع الآخرين لفهم العالم من حولهم والحصول على تجربة نمو جيدة، وهناك أنواع لا حصر لها من الأنشطة التي يمكنك القيام بها مع أطفالك لغرس حب التَّعَلُّم من زيارة متاحف الأطفال وحدائق الحيوان، إلى السفر الذي يمكن أن يوسع آفاق الطالب بينما يختبر ثقافات أخرى، كما يُعد التطوع أيضًا طريقة رائعة لتعلُم مهارات القيادة واكتساب فهم أفضل للعالم الأكبر.

 

فبالنسبة للعديد من الطلاب يُعد الصيف فرصة لتعلُم مهارات جديدة أو الغوص بشكل أعمق في مناطق أو مجالات تمثل اهتمامه، إنه الوقت المثالي لاختبار الطرق والأساليب التي تدفعهم إلى مواقف غير مألوفة تبني المهارات وتُثري تجارب الحياة، إنها تجربة تعليمية أكثر متعة وعفوية خارج حدود جدران الغرف الصفية، تتمحور حول الطالب وتُعزز التَّعَلُّم والتنمية الشخصية والاجتماعية لديه، فخبرات التَّعَلُّم خارج الغرف الصفية هي شكل من أشكال التَّعَلُّم التجريبي، هذه التجارب متجذرة في المبدأ البسيط القائل بأن "التجربة هي أفضل معلم".