موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٣١ يوليو / تموز ٢٠٢٠
الرئيس العام للرهبنة اليسوعية يتحدث عن الرهبنة ورسالتها زمن وباء كورونا المستجد
عشية الاحتفال بعيد القديس إغناطيوس دي لويولا، أجرت إذاعة الفاتيكان مقابلة مع الرئيس العام للرهبنة اليسوعية الأب أرتورو سوزا تمحورت حول رسالة الرهبنة اليسوعيّة في زمن وباء كوفيد-19، وتبعاته على الأصعدة المختلفة.
الأب أرتورو سوزا، الرئيس العام للرهبنة اليسوعية

الأب أرتورو سوزا، الرئيس العام للرهبنة اليسوعية

فاتيكان نيوز :

 

بدأ الأب أرتورو سوزا، الرئيس العام للرهبنة اليسوعية حديثه مذكرًا بأنه وخلال الرسالة يتم اختبار ما يتعرض له السكان بسبب الوباء وتبعاته الاجتماعية. وقال أن الجائحة هي بالطبع أزمة صحية قد يتم تجاوزها ربما، إلا أن تبعاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يجب أن تؤخذ بشكل جدي. وأضاف أن الرهبنة اليسوعية قد سعت قبل كل شيء إلى فهم كيف يمكن الاستمرار في تقديم خدمتها لأكثر الأشخاص عوزًا في هذا الإطار، وأشار إلى خبرات عديدة مثل ما يقوم به اليسوعيون في الهند وجنوب آسيا، وتحدث عن العمل على الأصعدة الإقليمية كافة بسخاء من أجل وصول الغذاء والأدوية إلى الأشخاص غير القادرين على العناية بأنفسهم بمفردهم.

 

نقطة أخرى أراد الرئيس العام الإشارة إليها هي إدراك أنه لا يمكن العناية بالذات بدون العناية بالآخرين والعكس أيضا. وتحدث هنا أيضا عن الخبرات على أرض الواقع وتحديدا عما وصفها بخبرات مرافَقة سواء بشكل مباشر أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وفال إنه لا يقصد هنا فقط المشاركة في الاحتفال بالقداس عبر الشبكة، بل الحضور في حياة الأشخاص من خلال كل الوسائل التي يمكن أن تتوفر في هذه اللحظة. وأكد أن هذه الخبرة المعاشة هي تأكيد على التمييز في الرسالة، وواصل مؤكدا اختيار أربعة تفضيلات وافق عليها البابا فرنسيس كمحور ما يجب القيام به في مرحلة الوباء هذه، وهي رؤية أن الله يمكنه أن يكشف لنا كيف علينا أن نسير، تبديل البنى الاجتماعية التي يتضح كونها غير عادلة، العناية بالخليقة، والإصغاء إلى الشباب الذين هم يذور الرجاء في المستقبل.

 

وواصل الرئيس العامة للرهبنة اليسوعية الحديث عن تأثير جائحة كوفيد 19 وتبعاتها، فقال إن الديمقراطية يمكن أن تكون من بين ضحايا حالة الطوارئ هذه وذلك في حال عدم الانتباه إلى الظروف السياسية. وأشار على سبيل المثال إلى ميل حكومات كثيرة بما في ذلك ما توصف بالديمقراطية إلى التسلط. وتابع مذكرا بالتزام الرهبنة اليسوعية المعروف في مجال مرافقة المهاجرين مشيرا إلى أن دولا كثيرة قد استغلت الجائحة لتغيير سياسات الهجرة فوضعت تقييدات أكبر على مرور واستقبال المهاجرين، ووصف هذا بخطأ كبير إذا انطلقنا من الرغبة في جعل العالم أكثر أخوّة وعدالة. وشدد في هذا السياق على أنه وفي هذه المرحلة يشكل تمييز مجدد للمهاجرين خطرا كبيرا وعلامة زمن لا نرغب فيه. تحدث الأب أرتورو سوزا بعد ذلك عن العمل فأشار إلى استغلال الكثير من الشركات للوضع الحالي لتسريح العاملين أو تخفيض الأجور والرواتب. وأكد أن الجائحة هي فرصة للقيام بخطوات إلى الأمام لا إلى الوراء، وشدد على ضرورة أن نكون، ككنيسة كاثوليكية وكأشخاص ناشطين من أجل العدالة والسلام، على وعي لبناء مجتمع أكثر استقبالا وأكثر ديمقراطية.

 

وفي إجابته على سؤال حول المعايير المنطلقة من روحانية القديس إغناطيوس التي يمكن الانطلاق منها في هذه المرحلة، تحدّث الأب سوزا عن القرب من الفقراء، وقال إنه في حال عدم قدرتنا على النظر إلى العالم عن قرب ومقاسمة نظرة الفقراء التي هي نظرة يسوع على الصليب فسنتخذ قرارات خاطئة، وشدد على ضرورة أن تتوفر فرص العلاج والعمل للفقراء. معيار آخر أراد الأب سوزا الإشارة إليه هو العناية بالبيت المشترك، فحين تعاني الأرض لا يمكننا أن نسكنها. هذا وأعرب الأب أرتورو سوزا، وهو من فنزويلا، عن ألمه أمام عدم توقف الوباء في أمريما اللاتينية، وعن القلق الكبير لعدم توفر البنى الاجتماعية والسياسية لمواجهة حالة الطوارئ هذه. أعرب أيضا عن الرجاء في أن تُستغل هذه الفرصة لتحديد التغيرات التي يجب القيام بها في هذه البنى لضمان مستقبل أفضل لسكان القارة جميعا.

 

وحول رسالة الرهبنة اليسوعية اليوم، توقّف الأب سوزا عند كون اللقاء الشخصي والعميق بيسوع المسيح محور روحانية هذه الرهبنة، لقاء يقود إلبى القدرة على أن نجد يسوع في كل شيء وفي كل لحظة. ووصف هذا اللقاء بخيرة محرِّرة لأنه يمنح الحرية الداخلية التي هي الأساس لجعل الروح القدس يقودنا، أي الاستعداد التام لفعل فقط ما يريد الله. ويعني هذا حياة صلاة وخدمة واستعداد لعمل ما يجب عمله. وتحدث في هذا السياق عن فحص الضمير الذي يدعو إليه القديس إغناطيوس، كما وأشار إلى أنه لا يمكن الفصل بين الحياة الروحية والعمل، بين الحياة والرسالة. وتوقف أيضًا عند التعاون مع العلمانيين فذكَّر بأن القديس إغناطيوس كان علمانيا حين وضع رياضاته الروحية وقد أصبح كاهنا فيما بعد حين رأى أن هذا هو الأسلوب الأفضل لتقديم خدمة للكنيسة في هذه اللحظة. وتابع الرئيس العام معربا عن الفرح لانتشار الروحانية الإغناطية وسط شعب الله ولزيادة أعداد الأشخاص القادرين على مرافقة الآخرين في هذه المسيرة.

 

وفي ختام المقابلة، أجاب الأب سوزا على سؤال حول الدعوات ومسيرات التنشئة وعن احتمال تأسيس رهبنة يسوعية نسائية، فقال إن الدعوات ليست قضية أعداد بل يتوقف الأمر على صفات الأشخاص، مشيرًا إلى أن الأعداد تنخفض حيثما كانت كبيرة تقليديًا مثل أوروبا وأمريكا الشمالية، وهنالك أعداد كبيرة من المرشحين في أفريقيا وبعض مناطق القارة الآسيوية. وتحدّث عن الجهود الكبيرة من أجل التنشئة التي يسعى إليها اليسوعيون دائمًا، وهي تنشئة طويلة ومركبة ومتطلبة. أما عن النساء فقال إنه لا توجد راهبات يسوعيات إلا أن الرهبنة تعمل مع النساء في رسالتها، مشيرًا إلى مشاركة النساء على الأصعدة الإدارية في مدارس الرهبنة ومراكزها الروحية والاجتماعية ويتقاسمن روحانية الرهبنة.