موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
خلال مخاطبته المؤمنين في آخر لقاء يوبيلي يوم السبت من هذه السنة المقدسة، ذكّر البابا لاون الرابع عشر المسيحيين بأن الحجّ الذي ألهمه اليوبيل لا ينتهي مع ختامه. وقال: «اليوبيل يقترب من نهايته، لكن الرجاء الذي منحنا إيّاه هذا العام لا ينتهي: سنبقى حجّاج رجاء».
ومستهلًا تعليمه بكلمات عن اقتراب الاحتفال بعيد الميلاد، تأمّل البابا في معنى الرجاء المسيحي، المتجذّر لا في الخوف، بل في قرب الله الذي أُعلِن في يسوع المسيح. وأشار إلى أنه من دون المسيح، قد يبدو إعلان «الرب قريب» تهديدًا، أمّا في يسوع فيتحوّل إلى وعد بالرحمة. وقال: «فيه لا يوجد تهديد، بل غفران»، مشيرًا إلى سرّ التجسّد بوصفه العلامة الحاسمة لإلهٍ يمنح الحياة ويُجدّدها باستمرار.
مستشهدًا بكلام القديس بولس إلى أهل رومة: «لأنّنا في الرجاء نلنا الخلاص»، أوضح البابا أن الرجاء ليس شعورًا غامضًا، بل قوّة حيّة وخلاّقة. وقال: «من دون الرجاء نحن أموات، ومع الرجاء نخرج إلى النور»، واصفًا الرجاء بأنه فضيلة إلهيّة، «قوّة من الله» تُولِّد الحياة.
وبيّن البابا أن القوّة الحقيقية لا تكمن في السيطرة أو التخويف، مضيفًا: «ما يهدّد ويقتل ليس القوّة، بل الغطرسة، والخوف العدواني، والشرّ الذي لا يُنجب شيئًا». أمّا قوّة الله، فعلى العكس، فهي «تُولِد الحياة»، ولهذا خلص إلى القول: «الرجاء هو فعل ولادة».
وانتقل البابا إلى أنين الخليقة كما يصفه القديس بولس، داعيًا المؤمنين إلى الإصغاء بانتباه إلى «صرخة الأرض وصرخة الفقراء»، معربًا عن أسفه لظلم عالمٍ تتركّز فيه الموارد بشكل متزايد في أيدي قلّة. وذكّر بأن الله جعل خيور الخليقة للجميع.
وقال بوضوح: «مهمّتنا هي أن نُولِد، لا أن نسرق».
وأوضح البابا لاون أن الألم نفسه يكتسب معنى جديدًا في الإيمان، إذ يصبح «ألم المخاض». فالله يواصل الخلق، والبشر، المولّدين معه بالرجاء، مدعوون إلى التعاون في هذا العمل الخلّاق. وقال: «التاريخ هو بيد الله، ومن يرجو فيه».
وفي تأمّله في البعد المريمي في الصلاة المسيحية، أشار البابا إلى مريم بوصفها الصورة الحيّة للرجاء الذي يُنجب الحياة. ففيها، كما قال، يرى المؤمنون «واحدةً منّا تُولِد»، امرأة أعطت «وجهًا وجسدًا وصوتًا لكلمة الله». وقال: «يسوع يريد أن يولد من جديد. ونحن قادرون على أن نعطيه جسدًا وصوتًا. هذا هو المخاض الذي تنتظره الخليقة». وختم قائلًا: «الرجاء هو أن نرى هذا العالم يتحوّل إلى عالم الله».