موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في الأحد الثالث من زمن السنة، ومناسبة الاحتفال بـ"أحد كلمة الله"، ترأس قداسة البابا فرنسيس، صباح اليوم الأحد 26 كانون الثاني 2025، القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس، منح خلاله رتبة القارئ لأربعين شخص، من الرجال والنساء، من مختلف أنحاء العالم.
وقال البابا فرنسيس في عظته إنّ كلمة الله هي حيّة، تسير معنا عبر القرون، وبقوّة الروح القدس تعمل في التاريخ. إنّ الرب في الواقع أمين دائمًا لوعده الذي يفي به محبّة بالبشر. وهذا بالتحديد ما قاله يسوع في مجمع الناصرة: "اليوم تمت هذه الآية بمسمع منكم".
أضاف: يا لها من مصادفة سعيدة! ففي أحد كلمة الله، وفي بداية اليوبيل، تُعلن هذه الصفحة من إنجيل لوقا التي يُظهر فيها يسوع نفسه كالمسيح الذي مسحه الروح وأرسله لكي يُعلن "سنة رضا عند الرب"! يسوع هو الكلمة الحيّة التي تجد فيها جميع الكتب تحقيقها الكامل، مشدّدًا على أنّ الإصغاء للكتاب المقدّس وفهمه ليس كافيًا، بل يجب أن تقودنا كلمة الله إلى تجربة "الدهشة"، حتى تدخل قلوبنا وتجدّدنا.
وتحدّث البابا عن خمسة أفعال تميّز رسالة المسيح، والتي قال أنها فريدة وشاملة:
العمل الأول هو أنّ يأتي ليُبشّر الفقراء. هذا هو "الإنجيل"، البشرى السارة التي يعلنها يسوع: إن ملكوت الله قريب! وعندما يملك الله، يخلص الإنسان. إنّ الربّ يأتي لكي يفتقد شعبه، ويعتني بالمتواضعين والبائسين. هذا الإنجيل هو كلمة شفقة، تدعونا لكي نحب، ونغفر للقريب، وإلى التزام اجتماعي سخيّ.
العمل الثاني هو أن يُعلن "للمأسورين تخلية سبيلهم. إنّ أيام الشر معدودة، لأن المستقبل هو لله. وبقوّة الروح، يسوع يخلّصنا من كل ذنب ويحرّر قلوبنا من كل قيد داخلي، ويحمل مغفرة الآب إلى العالم. هذا الإنجيل هو كلمة رحمة تدعونا لكي نصبح شهودًا شغوفين للسلام والتضامن والمصالحة.
العمل الثالث هو أن يُعطي "البصر للعميان". إنّ المسيح يفتح لنا عيون القلب التي غالبًا ما يبهرها سحر القوة والغرور: أمراض النفس التي تمنعنا من أن نتعرّف على حضور الله وتجعل الضعفاء والمتألمين غير مرئيين. هذا الإنجيل هو كلمة نور، تدعونا إلى الحق وإلى شهادة الإيمان والثبات في الحياة.
العمل الرابع هو "الإفراج عن المظلومين". لا يوجد عبوديّة تقاوم عمل المسيح الذي يجعلنا إخوة باسمه. إنّ سجون الاضطهاد والموت تنفتح على مصراعيها بقوة الله المحبة. لأنَّ هذا الإنجيل هو كلمة حرية، تدعونا إلى ارتداد القلب وصدق الفكر والمثابرة في التجربة.
العمل الخامس هو أنه أُرسل لكي "يعلن سنة رضا عند الرب". إنه زمن جديد لا يستهلك الحياة بل يجدّدها. إنه يوبيل مثل اليوبيل الذي بدأناه، يهيّئنا بالرجاء للقاء نهائي مع الفادي. الإنجيل هو كلمة فرح، تدعونا إلى الضيافة والشركة والسير كحجاج نحو ملكوت الله.
وأوضح قداسته بأنّه ومن خلال هذه الأعمال الخمسة، حقّق يسوع نبوءة أشعيا. وإذ حرّرنا، يُعلن لنا أن الله يقترب من فقرنا، ويخلصنا من الشر، وينير عيوننا، ويكسر نير الظلم، ويدخلنا في فرح زمن وتاريخ يحضُر فيه، لكي يسير معنا ويقودنا إلى الحياة الأبدية.
وأشار البابا فرنسيس في عظته إلى أنّ الخلاص الذي يعطينا إياه السيّد المسيح "لم يتحقّق بالكامل بعد"؛ ومع ذلك فإنّ "الحروب والظلم والألم والموت لن تكون لهم الكلمة الأخيرة"، وذلك لأنّ الإنجيل في الواقع هو كلمة حيّة وأكيدة لا تُخيّب أبدًا".
وقال: في يوم الأحد المكرّس بشكل خاص لكلمة الله، لنشكر الآب لأنه وجّه إلينا كلمته الذي صار إنسانًا لخلاص العالم. هذا هو الحدث الذي تتحدث عنه جميع الكتب المقدسة، التي كتبها البشر والروح القدس. فالكتاب المقدس كله يذكر المسيح وعمله، والروح القدس يحققه بشكل آني في حياتنا وفي التاريخ. عندما نقرأ الكتاب المقدّس، عندما نصلّيه وندرسه، نحن لا نتلقّى فقط معلومات عن الله، بل ننال الروح القدس الذي يذكّرنا بكلّ ما قاله يسوع وعمله. وهكذا ينتظر قلبنا الذي يتّقد بالإيمان برجاء مجيء ملكوت الله.
وختم البابا عظته بالقول: لنُجب بحماسة على إعلان المسيح الفرح. لأنّ الرب في الواقع لم يكلّمنا كمستمعين صامتين، بل كشهود، ويدعونا لكي نبشِّر في كل زمان ومكان.. لنلتزم جميعًا لكي نحمل البشرى السارة للفقراء، ونعلن إطلاق سراح الأسرى وعودة البصر للعميان، ونحرِّر المظلومين، ونعلن سنة رضا عند الرب. عندها سنحوِّل العالم بحسب مشيئة الله الذي خلقه وافتداه محبّة بنا.