موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
قالت ندى الناشف، نائبة مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إنّ الإبادة الجماعية تحدث عندما تفقد الإنسانية بوصلتها الأخلاقية، وتسود الكراهية، ويتم نزع الصفة الإنسانية عن مجموعة كاملة من الناس. تحدثت الناشف في حلقة نقاش حول الإنذار المبكر ومنع الإبادة الجماعية عقدت على هامش فعاليات الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.
وقالت إنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، قبل 67 عامًا، بوصفها أول اتفاقية لحقوق الإنسان تعتمدها الهيئة الأممية. ولكن اليوم، هناك مؤشرات مروعة على جرائم فظيعة، تصل إلى حد الإبادة الجماعية، في عدة مناطق من العالم.
وقالت إنّنا نعيش في أوقات خطيرة، حيث تغذي الانقسامات العميقة والآراء المتطرفة الصراعات والعنف، مشيرة إلى أن المعايير العالمية التي تحمينا جميعا - بدءا من مـيثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان - تتعرض لضغوط غير مسبوقة.
وأوضحت أن الأمم المتحدة أنشئت بعد الهولوكوست لمنع أي تكرار لجريمة الإبادة الجماعية البشعة "لكن الوقاية بدون عمل شعار بلا معنى". وسلطت الضوء على أربعة إجراءات ملموسة لمنع الإبادة الجماعية والجرائم الفظيعة الأخرى.
أولا وقبل كل شيء، تتطلب الوقاية من جميع الحكومات، وجميع أطراف النزاع، الاحترام الكامل للقانون الدولي. تتحمل الدول الأعضاء المسؤولية الرئيسية عن منع النزاعات وبناء السلام.
ثانيا، تعني الوقاية فهم الأسباب الجذرية والاستجابة بسرعة للإنذارات المبكرة لخطر الإبادة الجماعية. وفي هذا السياق، قالت ندى الناشف إن خطاب الكراهية غالبا ما يكون مقدمة للإبادة الجماعية، مما يجعل استراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية أكثر أهمية.
ثالثا، تعني الوقاية النظر إلى ما هو أبعد من الجرائم نفسها، والنظر في الأنشطة التي قد تمكن أو تساهم في تلك الجرائم.
رابعا، تلعب المساءلة دورا حاسما في الوقاية. فعندما تبرز ادعاءات بانتهاكات خطيرة للقانون الدولي، من الضروري أن تكون هناك محاسبة مستحقة من خلال عمليات مساءلة موثوقة ومحايدة.
بدورها، قالت السيدة فرجينيا غامبا، القائمة بأعمال المستشارة الخاصة للأمين العام المعنية بمنع الإبادة الجماعية إن الإبادة الجماعية تستغرق وقتا للتخطيط والتنفيذ، مشيرة إلى أن "عوامل الخطر موجودة ومرئية". ولهذا، أكدت أن الإنذار المبكر والوقاية مكونان أساسيان لمنع الإبادة الجماعية، مشيرة إلى أن مسؤوليتنا الجماعية تقتضي التعرف على عوامل الخطر واتخاذ إجراءات حاسمة وفي الوقت المناسب
ودعت إلى إعطاء الأولوية للجهود المبذولة لمعالجة الأسباب الجذرية للإبادة الجماعية، بما فيها خطاب الكراهية والتمييز المنهجي. وأضافت: "يجب علينا تعزيز وحماية واحترام حقوق الإنسان كأساس للوقاية. تعد استراتيجية وخطة عمل الأمم المتحدة بشأن خطاب الكراهية أداة أساسية لمعالجة هذا الأمر ومواجهته".
السيدة سافيتا باونداي، المديرة التنفيذية للمركز العالمي للمسؤولية عن الحماية -وهو منظمة مجتمع مدني مستقلة- قالت إن المسؤولية عن الحماية ليس مجرد مبدأ، بل هي وعد للسكان الأكثر ضعفا في العالم، مؤكدة ضرورة احترام هذا الوعد ليس بالأقوال، بل بالأفعال.
وأوضحت أن التضامن واسع النطاق مع أوكرانيا أظهر أنه عندما تكون هناك إرادة كافية، تكون الحكومات قادرة على حشد استجابة سريعة ودعم مبدأ المسؤولية عن الحماية. ومع ذلك، قالت إن التضامن مع أوكرانيا يتعارض بشكل صارخ مع فشل الكثيرين في "منع الإبادة الجماعية في غزة والاعتراف بها وإدانتها".
وفي الوقت نفسه، قالت إن العديد من الحكومات، بينما تنتقد، على حق، التحيز الغربي، تظل صامتة بشأن الأدلة المتزايدة على "جرائم الفظائع المرتكبة ضد الروهينجا، والإيغور، أو المجتمعات غير العربية في دارفور".
ومضت قائلة: "بينما نجتمع هنا اليوم، تقف دارفور على شفا الهاوية مرة أخرى. فبرغم أن إنشاء بعثة لتقصي الحقائق كان خطوة أولى مهمة نحو المساءلة ومنع التكرار، يجب فعل المزيد لترجمة النتائج والتحليل إلى عمل سياسي هادف وفي الوقت المناسب".