موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٤ يونيو / حزيران ٢٠٢١
"الأمانة أمانة".. بشار جرار يكتب من واشنطن عن إعلان عمّان ورسالتها

بشار جرار :

 

أخطّ هذه السطور عشية لقاء تفاءل الأب الدكتور رفعت بدر، رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام والدراسات بأن يثمر نتائج "طيبة" بين عدد من أعضاء مجلس النواب ومجلس الكنائس في أردننا الأغلى، وصاحب المعالي يوسف عبدالله القبلان الشواربة، أمين أمانة عمّان الثامن والثلاثين في عرين الهواشم.

 

لست بصدد الخوض في تفاصيل ما جرى فلا تخفى على أحد. ما حدث ليس عرضيا وإنما عارضا. ثمة مشكلة معقدة تراكمية لا بد من تشخيصها بصدق إن أردنا التعامل مع تلك الأفعى وأولئك الحرابيّ كلما انفجرت في وجوهنا الطيبة فلتات اللسان وقسمات الوجه القبيح المختفي وراء أقنعة لا تحد من أذاها كمامات مصانع الدنيا ولا لقاحات مختبراتها.

 

من غير المنصف أن تختزل القضية بيافطة ولا أن تقزم ببيان إزالة بائس يستدعي إنهاء خدمة من صاغه وإقالة من ارتجفت يده بتصويب الخطل الجلل. منذ ابتلانا الله بخوارج العصر ومن قبلهم جماعات التكفير والتهجير والتقتيل، ونحن مغبوطين ومحسودين بالأردن قيادة وشعبا. أشهد بذلك كأردني عاشر كثيرا من الأخوة العرب والأرمن والسريان والكلدان والأمازيغ وأبناء العم اليهود في كل من بريطانيا وأمريكا. نعم لدي أصدقاء أخوة أعتز بهم من اليهود الأمريكيين بينهم أطباء ائتمنتهم على علاجي وأفراد أسرتي، أحدهم كان طبيب عيون وآخر قلب.

 

أمقت كثيرا سؤالي بين الحين والآخر عن ديانتي، وأجيب السائلين هنا في أمريكا وهنا (في القلب) هناك في الأردن، ما لك وما أقول أو ما أدعي انظر فيما أنت ترى، هل تراني أخا في الدم أم شريكا في الوطن؟ أنا في الحالين -شئت أم أبيت- أخوك في التراب. أولسنا كلنا من تراب وإلى تراب؟ يا من تؤمنون ب"رب العالمين"؟

 

قد يبدو غريبا ما سأقوله، لكن كان مقلقا في الآونة الأخيرة انشغال "الصحافة الحرة" ومن انتظموا بإيقاعهم من مشغلي "التواصل الاجتماعي" بالأردن. ثمة ما يريب يقينا. هناك من لا يريد خيرا بالأردن الذي ربّانا والأردن الذي نحلم به في المئوية المقبلة. سيل جارف من خطابات الكراهية تطفح مع كل معايدة وتعزية وتداول في المناصب. حتى رسمات الكاريكاتور لم تسلم من التوظيف المسيء والمتعمد، فلا يدعين أحد الجهل. قد يكون الخطأ مدعاة للتسامح مرة لكن ليس مرات قطعا.

 

لن أنجرّ أيضا خلف متصيدي الأخطاء وتركيز السهام على "الأمانة" أو أمينها المحترم، فالاحترام يقتضي الإنصاف. ولعل مشكلتنا في تقصير كثير ممن تقلدوا مناصب منحت لهم أو استحقوها لاعتبارات عدة من بينها تأكيد الأخوة والشراكة في بناء الوطن. فبصريح العبارة، عتبي كبير على أخوتي الأردنيين المسيحيين ممن تقلدوا ويتقلدون مناصب عليا أو مراكز دينية واجتماعية قيادية، أين أنتم؟ وما أنتم فاعلون؟ هذا طبعا ليس تحريضا وإنما عتاب محب.

 

هل أعتب على جاهل "استفزه" اقتباس من مزمور من العهد القديم من الكتاب المقدس، أم أعاتب من قصّر بتفعيل إعلان عمّان بعد كل تلك السنين من الجوائز العالمية والاحتفالات الوطنية والبرامج الحوارية؟ دون الخوض في ذكر أي من الأسماء أو المناصب وقد يكون بينهم من سيحضر اجتماع السبت، أين دور التشريع والرقابة؟ لماذا تغيب نصوص الكتاب المقدس عن دروس اللغة العربية خاصة عظة الجبل؟ لم تغيّب عن البرامج الروحية الأسبوعية حتى في القنوات المحسوبة بشكل أو بآخر على المسيحيين؟ لماذا يغيب البث المباشر لقداديس الأعياد ونحن أصحاب الوصاية الهاشمية على القدس الحبيبة؟ ماذا عن غياب قداديس الآحاد عن المحطتين الأردنيتين الوطنيتين: مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني (الأم) وقناة المملكة ذات المبتدأ والخبر؟!

 

أخوتي أحبتي.. في المئوية الثانية، إما أن نكون دولة مواطنة أم لا. دولة مدنية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات أم لا. تلك هي القضية بعيدا عن منطق الكنس تحت السجاد وتبويس اللحى!