موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٦ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١
الأب سامر حداد يوضح الالتباس بين عيد الظهور وعيد العماد في الكنيسة اللاتينية
الأب سامر حداد، من كهنة البطريركية اللاتينية في القدس

الأب سامر حداد، من كهنة البطريركية اللاتينية في القدس

الأب سامر حداد :

 

استوقفتني الكثير مِن المعايدات التي يشوبها اللبس على وسائل التواصل الاجتماعي والمصحوبة بصورة عِمّاد السيد المسيح ومطبوع عليها "عيد غطاس مبارك" وهذا اللبس شائع بين جماعاتنا المسيحية. فهنالك خلط بين عيد "الغطاس"، أي عيد ظهور الرّب الواقع في 6 كانون الثاني (والذي يُطلق عليه باللاتينية Epiphania Domini، أي ظهور الرّب للاُمم الوثنية، والمرتبط بالتقليد الشرقي الذي يحتفل بثلاث أعياد مرتبطه بظهور الرّب، وهي: عيد ظهور الرب في العماد، وظهور الرب في التجلي، وظهور الرب للأمم الوثنية للمجوس)، وبين عيد عِمّاد الرَب، أي اعتماد السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان عِبر الأردن، والوارد ذكره في إنجيل متى 3: 13، والواقع في أول أحد يلي عيد ظهور الرب.

 

فصلت الكنيسة اللاتينية الأعياد الثلاث لتحتفل بكل عيد على حدى، وبقية تسمية "عيد الغطاس" التي تدل على تغطيس السيد المسيح بماء العِماد، بينما الاحتفال هو ظهور الرّب للأمم الوثنية مِن خلال المجوس في مغارة بيت لحم.

 

في حين، ما زالت الكنيسة في الشّرق تزدهي بألوان الميلاد عيد الظهور السيّديّ، المدعو شعبيًّا "الغطاس" وبالآرامية "دنحا" والسريانية "دنحو"، وفي لسان المسيحيين العرب القدماء "الدَنَح"، كما يشهد كلّ من ابن سيده في "المخصّص" (13، 103) والبيرونيّ، والمقريزيّ في الخطط (1، 4494). ويحتفل هذا العيد –الذي هو أيضًا مِن ناحية الكنيسة في المشرق انتصار على الوثنيّة المؤمنة بـ"ظهور الآلهة" في الجمع– بأحداث كثيرة تتّصف بتجلّي السموّ عند السيّد المسيح وإشراقة نوره.
 

ظهور السيّد المسيح الطّفل لعلماء الشّرق

 

كان هنالك علماء فلك وكهنة فارسيّون (ولفظة "ماج" فارسية بهلوية تعني "كاهن، عرّافة) وسنة 7 قبل الحساب الميلادي، التي هي سنة مولد السيّد المسيح، شهدوا في كبد السماء نجمًا ساطعًا ونورًا باهرًا نتيجة اقتراب كوكبَي المشتري (الذي يرمز إلى الملوكيّة والسيادة)، وزُحل (الذي يرمز إلى الشعب العبري) من مجمّع نجوم "الأسماك". الغريب المعجز أنّ هذه الظاهرة الفلكيّة التي تعود مرّة واحدة كلّ 794 سنة تمّت ثلاث مرّات في ذلك العام. وهذا ما يُثبته "تقويم سيفار" (المنشور سنة 1925) والعالم الفلكي كبلر.

 

هذا هو النجم الذي ظهر لعلماء الشرق بُعيد ميلاد المسيح في بيت لحم. ويفسّر آخرون الظاهرة بـ"مذنّب هالي" (على اسم مكتشفه). ويكتب قداسة البابا العلاّمة واللاهوتيّ الكبير بندكتس السادس عشر ما معناه أنّ سرد الإنجيل الطاهر (متّى 2 : 1 وتابع) لزيارة "المجوس" للطفل يسوع ولوالدته وخطّيبها العفيف يوسف لم يكن اختلاقًا أتى من مخيّلة مؤمنة بل كان تأمّلات مؤمنين حول واقع تاريخيّ يسعى العلم إلى معرفته بشكل أفضل ونهج أكمل.

 

فلهذا العيد بهجة عيد الميلاد نفسه، فعيد "الغطاس" هو فرح الكنيسة المُبشِرة فرحًا بتغطيس الأمم الوثنية بماء المعمودية أي الإيمان بالسيد المسيح مخلصًا، كما يُعدّ أيضًا بمثابة ميلاد وتجسد للسيد المسيح بين الأمم نورًا يزيل ظلمة العبادة الوثنية