موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٩ مايو / أيار ٢٠٢١
إعلان تطويب روزاريو أنجيلو ليفاتينو، شهيد العدل والإيمان
مثال لا فقط بالنسبة للقضاة، بل لجميع من يعملون في مجال القانون، وذلك على التناغم بين إيمانه والتزامه المهني

أبونا وفاتيكان نيوز :

 

تمّ اليوم الأحد 9 أيار 2021، في مدينة أغريجنتو التاريخيّة، على الساحل الجنوبي لجزيرة صقلية الإيطاليّة، الإعلان عن تطويب روزاريو أنجيلو ليفاتينو، شهيد العدل والإيمان. فيما حثّ البابا فرنسيس القضاة على التعلّم منه ليكونوا "مدافعين مخلصين عن الشرعية والحريّة".

 

وروزاريو انجيلو ليفاتينو قاضِ من صقلية الإيطاليّة. وُلد في 3 تشرين الأول 1952 في كانيكاتّي، وقُتل من قبل مسلحين مأجورين بأوامر رؤساء من عصابات الجريمة المنظمة الصقليّة (ستيدا وكوزا نوسترا)، وهو بعمر الـ38، وذلك بسبب التزامه المسيحي والمهني، على الطريق بين كانيكاتّي وأغريجنتو في 21 أيلول 1990.

 

وقال البابا فرنسيس بعد صلاة "إفرحي يا ملكة السماء"، اليوم الأحد: "لقد تمَّ اليوم، إعلان تطويب ليفاتينو، شهيد العدل والإيمان. في خدمته للجماعة، كقاضٍ مستقيم لم يقبل الرشوة أبدًا، وسعى جاهدًا ليحكم لا ليدين وإنما ليخلِّص. لقد وضعه عمله دائمًا تحت حماية الله، ولهذا أصبح شاهدًا للإنجيل حتى موته البطولي. ليكن مثاله للجميع، ولا سيما للقضاة، حافزًا ليكونوا مدافعين مخلصين عن الشرعية والحريّة".

 

وتم التطويب في كاتدرائية أغريجنتو، وترأسه الكاردينال مارسيلو سيمرارو، رئيس مجمع دعاوى القديسين.
 

إيمان وعدالة

 

وحول رجل القضاء هذا ضحية المافيا صدر في وقت سابق كتاب أعده فينشنسو برتولوني، وكتب مقدمته البابا فرنسيس.

 

في البداية، تحدّث قداسته عن كراهية المافيا لهذا القاضي، وذلك بسبب التزامه المسيحي والمهني. وقال: "قبل أن تمزق الطلقات وجهه، الذي كان يُشَبهه أصدقاؤه بوجه الطفل، سأل قاتليه ماذا فعلتُ لكم؟ إنّ هذه كانت كلمات نبيّ يحتضر كصوت رجل عادل يدرك أنه لا يستحق هذا الموت الظالم، كلمات صرخت في وجه هيرودس زمننا، هؤلاء الذين لا ينظرون إلى البراءة بل ويجندون حتى الفتية ليجعلوا منهم قتلة بلا رحمة، صرخة ألم وأيضًا صرخة حق تقضي بقوتها على جيوش المافيا، كاشفة عن إنكار المافيا بطبيعتها للإنجيل رغم إظهارها المتواصل للرموز الدينية ولتديُّن معلَن وغير مطبَّق".

 

ووصف البابا شخصية القاضي أنه بمثال لا فقط بالنسبة للقضاة بل لجميع من يعملون في مجال القانون، وذلك على التناغم بين إيمانه والتزامه المهني، وأيضا على آنية تأملاته، حيث لمس علامات ما كان ليحدث عقب عقود من الزمن لا فقط في إيطاليا، وذلك فيما يتعلق بشكل خاص بما تُعرف بالحقوق الجديدة عبر أحكام تبدو أنها ترغب في تحقيق رغبات جديدة لكنها بعيدة عن أية حدود موضوعية.

 

وتوقف قداسته عند ما وصفها بالصفات الروحية للقاضي ليفاتينو والذي جعل من الإيمان تطبيقا للعدالة، ما يعني عمل الخير للقريب. وذكر أنه وحين كان عليه أن يُصدر الأحكام انطلاقًا من القانون كان يفكر كمسيحي في قضية المغفرة، وكان يتكل بشكل تام ويومي على الله. ووصف بأنّه مرجع منير بشكل خاص للشباب الذين تتصيدهم المافيا إلى حياة من العنف والفساد، التسلط والموت. وقال: فلتكن شهادته للإيمان والعدالة بذرة مصالحة وسلام اجتماعي، ومثالا على ضرورة الشعور بأننا جميعا أخوة، لسنا خصومًا أو أعداء.

 

وفي الختام، أعرب البابا فرنسيس عن الرجاء أن تكون رائحة الله التي ينشرها جسد القاضي الشاب بذرة ولادة جديدة للجميع على درب التوبة اليوم، مثلما حدث من قبل، وخاصة لمن يعيشون أوضاعًا يطبعها العنف والحروب، الاعتداءات والاضطهاد على أساس العرق أو الدين، والانتهاكات ضد الكرامة البشرية. وقدّم الشكر للقاضي على ما ترك لنا من مثال، وعلى كفاحه اليومي في معركة الإيمان بتواضع ورحمة. وذكَّر بأنه كان يفعل هذا فقط باسم المسيح بدون الابتعاد أبدًا عن الإيمان والعدالة حتى أمام خطر الموت. وهذه هي البذرة التي زرعها والتي ستأتي بثمارها.